الدفتر الأول

53- أعلنوا أن الرحمة هي أسمى صفات الله. فالرحمة تكلّل كل أعمال يديّ

 حقارة النفس، فيلنيوس 1934

299- لمّا طلب إليّ معرّفي مرة أن أسأل الرب يسوع عن معنى الشعاعين في الرسم، أجبته: «نعم، بالتأكيد سأسأل الرب». وقت الصلاة سمعتُ هذه الكلمات في داخلي: «يرمز الشعاعان إلى الدم والماء. يدلّ الشعاع الباهت إلى الماء الذي يجعل النفس مستقيمة ويدلّ الشعاع الأحمر إلى الدم الذي هو حياة النفوس… وانبثقا هذان الشعاعان من عمق أعماق رحمتي الرؤوفة لمّا فُتِحَ بحربة قلبي المنازع على الصليب. ويَحمي هذان الشعاعان النفوس من غضب أبي، فطوبى للّذي يلتجىء إليها، لأن يد الرب العادلة لن تقبض عليه وأريد أن يكون الأحد الأول بعد الفصح عيد الرحمة».

300- +«أطلبي إلى عبدي الأمين [الأب سوبوكو] أن يخبر العالم كلّه في ذاك اليوم عن عظم رحمتي. فكلّ من يقترب من نبع الحياة في ذاك اليوم ينال مغفرة كاملة لخطاياه وما أستحقّه من عذاب».
+«لن تحصل البشرية على السلام ما لم ترجع إلى رحمتي بثقة».
+ «آه كم أتألم من ارتياب النفس التي تعترف أنني عادل وقدّوس، ولكن لا تؤمن أنني رحمة ولا تثق بصلاحي. حتى الشياطين تمجّد عظمتي ولكن لا تؤمن بصلاحي. يفرح قلبي بلقب الرحمة الصغير».

301- «أعلنوا أن الرحمة هي أسمى صفات الله. فالرحمة تكلّل كل أعمال يديّ».

302- + أيها الحب الأزلي أريد أن تصل كل النفوي التي خلقتها إلى معرفتك. كم أتمنى أن أكون كاهنًا لأتحدّث دون انقطاع عن رحمتك آلى النفوس الخاطئة الغارقة في اليأس. كم أتمنّى أن أكون مُرْسَلة لأجل نور الإيمان إلى الشعوب غير المتحضّرة حتى تعرفك النفوس ، وان أقدّم ذاتي ضحيّة من أجلها فأموت ميتة الشهداء، كما متَّ أنت لأجلها ولأجلي. يا يسوع أدرك جيدًا أنه ياستطاعتي أن أصبح كاهنًا ومرسلة ومبشّرة، وأن أموت ميتة الشهداء عندما أفرغ ذاتي وأنكرها كليًّا حبًّا بك يا يسوع، وبالنفوس الخالدة.

303- يستطيع الحبّ الكبير أن يحوّل الأمور الصغيرة إلى أمور كبيرة. إنّ الحب وحده يُسبغُ القيم على أعمالنا بقدر ما يزداد حبّنا نقاء، يخفتُ لهيب الألم الذي يغذّينا من الداخل، ويضمحلّ ويتحوّل ألمًا خلاصيًا لا بل فرحًا. لقد أصبح قلبي مستعدًّا، بالنعمة التي وهبني إيّاها الله، أن لا أشعر أبدًا بسعادة أكبر من السعادة المنبثقة من آلامي لأجل يسوع الذي أحبّه بكل نبضات قلبي. كنتُ مرّة متألّمة كثيرًا تركتُ عملي وأسرعت إلى يسوع وطلبتُ إليه أن يعطيني القوّة. وبعد صلاة قصيرة عدتُ إلى عملي ممتلئة حماسًا وفرحًا فقالت لي إحدى الراهبات [ربما الأخت جوستين] «يبدو أنّك قد حصلت اليوم على تعزيات وافرة، يا أختي، إنّك متألّقة، لا شكّ أنّ الله لم يوفّر لك ألمًا بل تعزيات». أجبتها «إنكِ على خطأ فادح يا أختي». بالواقع إن فرحي يزداد عندما يتفاقم ألمي ويتوقّف عندما يخفّ ألمي. غير أنّي أدركتُ أنها لم تفهم شيئًا ممّا قلته لها. حاولتُ أن أشرح لها أنه عندما نتألم كثيرًا يسعدنا الحظ لنظهر لله حبّنا له وعندما نتألّم قليلًا يضعف الحظ لإظهار هذا الحب. وعندما لا نتألّم أبدًا فليس لدينا حبّ لا مبير ولا نقي. يمكننا أن نبلغ، بنعمة الله، إلى حد يصبح فيه ألمنا فرحًا، لأنّ الحبّ هو قادر أن يصنع هذا التحوّل في النفوس الطاهرة.

304- + يا يسوع خاصتي، يا رجائي الوحيد، أشكرك على الكتاب الذي فتحته أمام عيني، أي العذابات التي تحمّلتها حبًا بي. لقد تعلّمتُ من هذا الكتاب محبّة الله والنفوس. وفي هذا الكتاب نجد كنوزًا لا تنضب. يا يسوع كم هو قليل عدد النفوس التي تدركك من خلال استشهادك في الحبّ. آه! كم هي مضطرمة نار الحب الصافي التي تشتعل في قلبك الكلّي قداسة. الطّوبى للنفس التي توصّلت إلى فهم حبّ قلب يسوع.

305- إنّ أمنيتي الكبرى هي أن تعرف النفوس أنك أنت سعادتها الأبديّة فتؤمن بوجودك وتمجّد رحمتك اللامتناهية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق