الدفتر الأول

54- فوستينا تقدم ذاتها من أجل الخطأة لا سيما التي فقدت أملها برحمة الله

306– طلبتُ إلى الرب أن يعطيني نعمة المناعة كي يقاوم طبعي التأثيرات التي تحاول احيانًا أن تبعدني عن جوهر النظام والقرارات الثانوية. إن المخالفات الصغيرة هي أشبه بالحشرات الصغيرة التي تعمل في قضم الحياة الروحية فينا وستهدمها، ولا شكّ اذا تنبّهت النفس إلى تلك المخالفات، ولم تعرْها أهمية لكونها أمور تافهة. لا أرى شيئًا تافهًا في الحياة الرهبانية. فلا همّ اذا إذا أصبحت أحيانًا عرضة للسخرية والتنكيد، طالما انا منسجمة بالروح مع الأنظمة والنذورات والثوابت الرهبانية. يا يسوع خاصتي، يا سعادة قلبي أنت تعرف رغباتي. أودّ أن أختبىء من نظر الناس وأموت عن ذاتي، بينما أنا في قيد الحياة. أريد أن أعيش نقيّة كزهرة برّية، أريد أن أوجّه حبي دائمًا نحوك كما تتجه الزهرة دائمًا نحو الشمس. أريد دائمًا أن أُحفَظ لك وحدك تكفيني. لمّا أكون معك، لا أخاف شيئًا، لأن لا شيء يستطيع أن يأذيني.

307– + 1934 رأيت مرة في أيام الصوم، نورًا ساطعًا وظلمة دكناء فوق البيت والكنيسة ورأيت الصراع بين هاتين القوّتين.

308– يوم خميس الأسرار 1934 قال لي يسوع: «أرغب أن تقدّمي ذاتك من أجل الخطأة ولا سيّما من أجل تلك النفوس التي فقدت أملها برحمة الله».

الله والنفوس. فعل تقدمة

309– أمام السماء والأرض، امام اجواق الملائكة، أمام العذراء مريم الكليّ قداستها، أمام كل قوّات السماء، أعلن لله الواحد والثالوث إنني اليوم، بالإتّحاد مع يسوع المسيح مخلّص النفوس، أقدّم ذاتي اختيارًا من أجل ارتداد الخطأة لاسيّما من أجل تلك النفوس التي فقدت أملها برحمة الله. تمكن هذه التقدمة في قبولي، مع خضوعي التام لإرادة الله، كل العذابات، كل خوف ورعب الذي يسيطر على الخطأة وأعطيهم في المقابل، كل التّعزيات التي تتقبّلها نفسي باتّحادها مع الله. وبكلمة وجيزة، أقدّم لهم كل حبّي، الذبائح المقدّسة، المناولات المقدّسة، الإماتات والصلوات. إنني لا أخاف الصفعات، صفعات العدالة الإلٰهية، لأنني متّحدة بيسوع. يا إلهي، أريد بهذه الطريقة أن أعوّض لك كل النفوس التي لا تثق في جودك. إنني آمل، فوق كلّ أمل، في بحر رحمتك. يا إلهي ويا ربي، ويا نصيبي إلى الأبد أنني لا أثبتُ عمل تضحيتي هذا على قوّتي الذاتية بل على القوة التي تتدفّق من استحقاقات يسوع المسيح. وسأمرّر يوميًا عمل تضحيتي بذاتي في تلاوة الصلاة التالية التي علمتني إياها أنت يا يسوع.
«أيها الدم والماء اللذين تدفّقا من قلب يسوع كينبوع رحمة لنا، إنني أثق بكما».

الأخت ماري فوستينا للقربان المقدّس
وقت الذبيحة المقدّسة في خميس الأسرار 29 آذار 1934

310- «إنني أجعلك شريكةً معي في خلاصي البشر. أنت تعزينني في ساعة موتي».

311– لمّا سمح لي معرّفي الأب سوبوتشكو أن أقوم بعمل التقدمة هذا، عرفت فجأة أنني أرضي الله لأنني اختبرت في الحال نتائجها. تحجرت نفسي في لحظة، وجفّت وامتلأت ألمًا وقلقًا. وطرقت أذني كل انواع الشتائم والتهم. وسيطر على القلب اليأس والتردد. تلك هي حالة الناس التعسين التي أخذتها على مسؤوليتي. ارتعدتُ أولًا من هذه الأمور الرهيبة ولكن عادت الطمأنينة إلى نفسي بعدما اعترفتُ في الوقت المناسب.

312– غادرتُ ذات مرة الدير إلى الإعترافات [في كنيسة مار ميخائيل] أسعدني الحظ برؤية معرّفي الأب سوبوتشكو يحتفل آنذاك بالذبيحة الإلهية. بعد قليل رأيت الطفل يسوع على المذبح يمدد إليه يديه بمداعبة وفرح لكن بعد حين أخذ الكاهن الطفل الجميل بين يديه فكسره وأكله حيًا. لأوّل وهلة شعرتُ باشمئزاز من هذا الكاهن لمعاملته يسوع بهذه الطريقة. وسرعان ما ابتهجتُ من الأمر وفهمت أن الله يرتضي بهذا الكاهن.

313– + زرتُ مرة الفنان (أوجين كازبميروفسكي) Egene Kasimerowski الذي كان يرسم الصورة، فلم أجدها جميلة كيسوع. فحزنت ولكن خبأت حزني في قلبي. لمّا غادرنا بيت الفنان بقيتْ الأم الرئيسة [إيرين] في المدينة لتقوم ببعض الأعمال، بينما عدتُ وحدي إلى الدير. ذهبتُ في الحال إلى الكنيسة وبكيت طويلًا. قلت للرب : «من يستطيع أن يصوّرك جميلًا كما أنت؟». فسمعت هذه الكلمات:«لا يكمن جمال الصورة وعظمتها في الألوان أو الفرشاة بل في نعمتي».

314– +لمّا ذهبتُ بعد الظهر إلى الجنينة، قال لي ملاكي الحارس: «صلي من أجل المنازعين». فبدأت في الحال تلاوة السبحة مع العاملين في الجنينة من أجل المنازعين. وبعد السبحة تلونا صلوات متنوعة على النية نفسها. بعد الصلاة أخذ العاملون يتحدّثون فيما بينهم بفرح ورغم الضجة التي كانوا يطلقونها، سمعتُ هذه الكلمات في داخلي: «صلي لأجلي». لم أتمكّن من فهم هذه الكلمات بوضوح. ابتعدت بعض الخطوات من العمّال ورحت أفكر: من هو الذي يطلب مني أن أصلي من أجله. سمعتُ حينئذٍ هذه الكلمات: «أنا الأخت…». كانت تلك الأخت في فارسو بينما كنتُ أنا في فيلنيوس. «صلي لأجلي إلى حين أقول لك أن توقفي إنني أنازع». وبدأت فورًا بصلاة حارّة [موجهة صلاتي] إلى قلب يسوع المنازع. فلم تدعني أستريح وثابرت في الصلاة من[ الساعة] الثالثة إلى الخامسة. في الساعة الخامسة سمعت هذه الكلمات:«شكرًا».
ففهمت أنها فارقت الحياة: في اليوم التالي تابعت صلاتي من أجلها بحرارة طيلة الذبيحة المقدّسة. بعد الظهر وصلت بطاقة كتب عليها أن الأخت… ماتت في ساعة كذا… فأيقنتُ أنها كانت الساعة السادسة ذاتها حين قالت لي «شكرًا».

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق