الدفتر الأول

5- (5-13)متى بدأت دعوة الله للقديسة فوستينا وكيف تصرّفت نحو هذه الدعوة؟

القديسة فوستينا تسمع دعوة الله وصوته في داخلها 

الله والنفوس

5- لتتمجّد أيها الثالوث الكليّ قدسه الآن وفي كل زمان
في كل أعمالك وكل خلائقك.
وتجلّ وتتمجّد عظمة رحمتك.

6- عليّ أن أدوّن لقاءات نفسي معك، يا الله، في أوقات زياراتك لي. عليّ أن أكتب عنك، يا رحمة غير مدركة نحو نفسي الفقيرة. ستكون إرادتك المقدّسة حياة نفسي. تلقّيت هذا الأمر ممّن يمثّلك على الأرض، ممّن يترجم إرادتك المقدّسة نحوي. أنت ترى، يا يسوع، كم تصعب عليّ الكتابة، وكم أنا غير قادرة أن أعبّر بوضوح عمّا أختبر في نفسي. وهل يستطيع قلم، يا الله، أن يكتب عمّا لا نجد له، مرّات عديدة، كلمات للتعبير. ولكن تأمرني أن أكتب، يا الله، وهذا يكفيني.

فارسو أول آب 1925

الدخول في الدير

7- لقد اختبرت وأنا في السابعة من عمري، دعوة الله الواضحة، نعمة الدعوة للحياة الرهبانية، في السنة السابعة من حياتي، سمعت لأول مرّة صوت الله في داخلي، وهو دعوة لحياة أكثر كمالاً. ولكن لم أكن دائماً مطيعة لنداء النعمة ولم ألتقِ أحداً يستطيع أن يشرح لي تلك الأمور.

8- في السنة الثامنة من عمري وجّهت نداء حارّاً الى أهلي للسماح لي بدخول الدير. قابلني أهلي برفض قاطع. بعد هذا الرفض اتّجهت نحو الأمور التافهة في الحياة، غير عابئة بنداء الرحمة، رغم أنّ روحي لم ترتضي لتلك الأمور. وإن نداء النعمة المُلحّ أقلقني، فحاولت حينئذٍ أن أخنقه باللهو. تهرّبت، داخليّاً، من الله واتّجهت بكل قلبي نحو الخلائق، لكن رحمة الله انتصرت على نفسي.

9- كنتُ مرة في حفلة رقص (ربما في لودز) مع إحدى أخواتي. شعرت بعذاب عميق في نفسي بينما كان غيري يفرح ويبتهج. وما إن بدأت بالرقص، حتى رأيت فجأة يسوع الى جانبي، مُثقلاً بالعذاب، معرّى من ثيابه، مغطّىً بالجراح وخاطبني بهذه الكلمات: «إلى متى عليّ أن أكون طويل الأناة معك، والى متى تصرّين على إبعادي منك». توقّفت الموسيقى الفاتنة في هذا الوقت. غاب رفاقي عن نظري وبقيت وحدي مع يسوع. وجلست على مقعد قرب أختي، مُدّعية ألماً في رأسي لأخفي ما حدث في نفسي، وبعد قليل، خرجت خفيةً، تاركة ورائي أختي ورفاقي وتوجّهت نحو كاتدرائية القديس ستانيسلوس كوستكا Stanislaus Kostka.

بدأ الفجر ينبلج آنذاك، ولم يبقَ في الكاتدرائية إلا عدد قليل من الناس. دون أن أعير أي إنتباه لما يدور من حولي، سجدتُ أمام القربان المقدّس وطلبت الى الرب أن يعطف عليّ ويساعدني على فهم ما يجب عمله فيما بعد.

10- سمعت حينئذٍ هذه الكلمات: «إذهبي فوراً الى فارسو حيث ستدخلين الدير». توقّفت عن الصلاة، رجعت الى البيت، واهتمّيت بما ينبغي تدبيره من أمور. وبقدر مستطاعي، أخبرت أختي سرّاً بما حدث في داخل نفسي. طلبت إليها أن تودّع أهلي عنّي، فوصلت الى فارسو، في ردائي الوحيد عليّ، دون أن أحمل أمتعتي.

11- لمّا نزلت من القطار ووجدت أن كل واحد يسير في طريقه الخاص، داهمني خوف شديد. ماذا أفعل؟ والى من أتوجّه وأنا لا أعرف أحداً؟ حينئذٍ قلت لأمّ الله: «يا مريم، قودي خطاي وأرشديني». سمعت حالاً هذه الكلمات في داخلي تقول لي أن أترك المدينة وأذهب الى إحدى القرى المجاورة حيث سأجد مأوى آمناً لقضاء الليل – ففعلت ذلك وتأكّد أن كل شيء هو كما قالت لي أمّ الله.

12- في الغد المبكر من اليوم التالي، أخذت القطار راجعة الى المدينة ودخلت أوّل كنيسة رأيت [كنيسة مار يعقوب غروجيكا Grojcka في أوكوتا Ochota، من ضواحي فارسو] بدأت أصلّي هناك لأدرك لاحقاً إرادة الله.

كانت القداديس تقام الواحد تلوَ الآخر، وفي أحدها سمعت هذه الكلمات: «إذهبي الى هذا الكاهن [الأب يعقوب دابروفزكي Dabrowski خادم رعية مار يعقوب] وأخبريه عن كل شيء فيقول لك ماذا ستصنعين». ذهبت بعد القدّاس الى السكرستيا وأخبرت الكاهن عن كل ما حدث في نفسي وطلبت إليه أن يرشدني أين يمكنني أن ألبس الحجاب وأصبح راهبة.

13- تعجّب الكاهن أوّلاً ولكن قال لي أن أقوّي ثقتي بالله فهو يؤمّن لي مستقبلي. «بانتظار ذلك» قال: «سأرسلك الى إمرأة تقيّة [ألدونا ليبزيكوفا Aldona Lipszycowa] حيث ستمكثين الى أن تدخلي الدير».

ولما قصدت تلك السيدة استقبلتني بلطف بالغ. وطيلة إقامتي معها كنتُ أفتش عن دير ولكن رفضني كل دير قرعتُ بابه. غمر الحزن قلبي وقلتُ للرب يسوع: «ساعدني، لا تتركني وحدي فقرعت أخيراً على بابنا».

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق