106- أريد أن أمنح الغفران الكامل لكل النفوس التي تذهب إلى الاعتراف وتقبل المناولة المقدسة يوم عيد الرحمة
1109- فورًا حين استيقظت من النوم، غمرني حضور الله وشعرتُ أنني طفلته. أغدق حبه الإلهي في نفسي وفهمني ان كل شيء هو مرتبط بإرادته. تحدّث إليّ بهذه الكلمات: «أريد أن أمنح الغفران الكامل لكل النفوس التي تذهب إلى الاعتراف وتقبل المناولة المقدسة يوم عيد الرحمة». ثم قال لي: «يا ابنتي لا تخافي شيئًا أنا دائمًا معك ولو بدا لك احيانًا العكس. إن تواضعك ينزلني من عرشي العليّ لأتّحد اتّحادًا وثيقًا بك».
29 نيسان 1937
1110- جعلني الرب أدرك اختلاف وجهات النظر في الڤاتيكان حول هذا العيد. وأن المطران باتشيلي pacelli حقّق الكثير في هذا الموضوع.
1111- اليوم هو التجديد. أي الاعلان عن النذورات في احتفالّ رسميّ. بينما كانت الراهبات تقدّمنّ، نذورهنّ سمعت الملائكة تنشد على نغمات متنوعة:(( قدوس، قدوس، قدوس)) ترانيم في غاية البهجة فلا يستطيع لسان بشري أن يضاهيها.
1112- بعد الظهر تحدثتُ مع الام العزيزة ماري جوزف مديرة المبتدئات. تمشّينا مرة واحدة حول الجنينة وتمكنت من الحديث معها رغم أن الحديث كان عامًا. هي دائمًا بالنسبة لي نفس الام المحبّك مديرة المبتدئات، رغم أنها دائمًا لم تعدْ مديرة بل بالأحرى رئيسة، وقد مضى ١٠ سنوات على تقدمة نذوري [على يدها] قالت لي إنه يستحيل على الراهبة أن تعيش دون الصليب. وقد كشفت لي عن بعض الآلام التي اعترتني لما كنتُ في فانشاتيكارسو، في حين لم يسبق أن أخبرتها عنها. وعادت بشدّة إلى ذهني وأمام عيني، كل النعم التي قبلتها لمّا كنتُ مبتدئة. آه! كم انا مدينة لها. لمّا كانت نفسي غارقة في الظلمة وقد بدا لي أنني هالكة، إنتشلتني هي من اللجّة بقوة الطاعة.
1113- إن نفسي هي غالبًا مثقلة بالآلام وما من كائن بشري يستطيع إدراك هذه العذابات.
أول ايار 1937
1114- شعرتُ اليوم بقُرب أمي مني، أمّي السّماوية، رغم أنني قبل كل مناولة مقدّسة، أسأل أم الله بإلحاح أن تساعدني لأحضّر نفسي لمجيء ابنها، فأشعر بوضوح بحمايتها لي. توسّلتُ إليها أن تتلطّف وتُشعل فيّ نار حب الله، كما اشتعل قلبها الطاهر في ساعة تجسُّد كلمة الله.
4 أيّار
1115- ذهبتُ اليوم لأرى الأم الرئيسة العامّة [مايكل] لوقت قصير وأسالها: «أيتها الام العزيزة، هل لديك أيّ إلهام حول مغادرتي الدير؟». أجابت الأم العامّة: «أيتها الأخت، لغاية اليوم كنتُ دائمًا امنعك. أما الآن إنني اعطيكي الحرية الكاملة لتختاري ما تريدين عمله، يمكنك مغادرة الجمعية أو البقاء فيها». أجبت: «حسنًا» وفكّرت أن أكتب فورًا إلى الأب الأقدس ليحلّني من نذوراتي. لمّا غادرت الأم الرئيسة العامّة، عادت الظلمة وغمرت نفسي كما كانت في الماضي. إنه لأمر عجيب، كل مرّة اطلب الإذن لمغادرة الجمعية، تغزو ظلمة نفسي وأشعر وكأنني تُرِكتُ أتدبر أمري لوحدي. بينما كنتُ أختبر عذاب الروح هذا قرّرتُ أن أذهب فورًا إلى الأم الرئيسة وأخبرها عن عذابي الغريب وعن صراعي. أجابت الأمّ: «إن مغادرتك الجمعيّة هي تجربة». بعد التحدّث معها قليلًا شعرتُ ببعض الراحة ولكنّ الظلمة إستمرت: «هذه الرحمة الإلهية هي شيء جميل وهي ولا شكّ عمل جبّار للرب طالما يعارضه الشيطان بشدّة ويحاول هدمه». تلك كانت كلمات العزيزة الأم الرئيسة العامة.
1116- لا يستطيع أحد أن يفهم أو يُدرِك، كما لا أستطيع أنا وصف عذاباتي. قد لا يكون أشدّ منها آلامًا. وليست آلام الشهداء أشدّ منها لأن، الموت قد يريحني آنذاك. ولا شيء يشبه هذه الآلام، نزاع النفس الذي لا ينتهي.
5 ايار 1937
1117- كشفتُ اليوم كل مكنون نفسي في الاعتراف، لأن ما حدث قد يكون تجربة حقيقية. أي كل مرّة اطلب الإذن لمغادرة الجمعية تعتريني مثل هذه الظُلمَة والآلام المبرّحة. أجابني الكاهن المعرّف على ذلك : «إنّ الله قد لا يكون حدّد الوقت بعد! عليك أن تصلّي وتنتظري بصبر، ولكن لا شكّ أنّ آلامًا كبيرة تنتظرك، عليك أن تتحمّلي الكثير منها وتتغلّبي على العديد من الصعوبات، وهذا شيء أكيد. إنّه لمن الافضل الانتظار والصلاة لمعرفة أكثر عمقًا ولمزيد من النور الإلهي. أنها لمسألة هامّة».
1118- يا إلهي! في هذه الأوقات الصعبة، إن مرشدي الروحي [الأب إندراز] هو بعيد عني، لقد ذهب إلى روما. يا يسوع، لأنّك أبعدته عني، فسيّرني أنت بذاتك لأنّك وحدك تعلم كم أستطيع أن أتحمل. أنّي أؤمن بثبات أن الله لن يرسل لي أكثر ممّا أستطيع تحمّله. إنني أثق برحمتك.
1119- في مثل هذا الوقت وأنا معلّقة بين السماء والأرض، أحافظ على الصمت، لأنني، حتى ولو تكلمتُ، فمن يفهم ما أقول؟ ستُظهِر الأبديّة أمور عديدة أسكت عنها اليوم.
1120- لمّا ذهبت إلى الجنينة رأيت كيف أن كل شيء يتنشّق فرح الربيع. الأشجار المزدانة بالزهور تنشر رائحة طيبة. كل شيء ينبض بالفرح والعصافير تغرّد وتنشد مجد الله وتقول لي: «إفرحي واسعدي أيتها الأخت فوستينا». غير أن نفسي ما زالت في ألم وظلمة. إن نفسي هي شديدة الحساسية على حفيف النعمة، فتعرف كيف تتحدث مع الخلائق ومع كل ما يحيط بي وتدرك أنّ الله زيّن الأرض على هذا الشكل… غير أن قلبي لا يستطيع أن يبتهج لأن حبيبي اختبأ عني ولن أتمتّع بالراحة حتى أجده. لا أعرف كيف أعيش دون الله. ولكن أشعر أيضًا أن الله، لا يستطيع أن يكون سعيدًا بدوني، رغم أنه مُطْلَق الإكتفاء بذاته…
6 أيار 1937
صعود الرب إلى السماء.
1121- منذ الصباح لامس الله نفسي ، وتواصلت بعد المناولة وقتًا طويلًا مع الآب السماوي. وغاصت نفسي في قلب الحبّ المتوهّج. وأدركت أنّ ما من عمل خارجي يضاهي حب الله الصافي. رأيت فرح الكلمة المتجسّد واستغرقت في الثالوث الإلٰهي. لمّا عُدتُ إلى ذاتي ملأ التوق نفسي وصبوتُ إلى الإتحاد مع الله. غمرني هذا الحب الرائع إلى الآب السماوي، فسمّيت هذا النهار إختطافًا متواصلًا في الحب. وبدا لي الكون كلّه كنقطة صغيرة بالمقارنة مع الله. فما من سعادة أوفر من محبّة الله. أنا أدرك في داخلي أنّ كل نبضة من نبضات قلبي تروق له، وأنّه هو بالذات يخصّني بحبّه. هذا الإقتناع الداخلي الذي يؤكد الله من خلاله حبّه لي، كما يؤكّد إرضائي له، يحمل سلامًا عميقًا إلى نفسي. لم أستطع أن أتناول طعامًا طوال النهار وشعرتُ أنني كوفئت بملء الحبّ.