111- الرب يسوع يرشد القديسة فوستينا الى كتابة تساعية للرحمة الالهية
قد ارشدني يسوع الى كتابة تساعية للرحمة الالهية والقيام بها قبل عيد الرحمة، وتبدأ يوم الجمعة العظيمة. «أريدك في هذه الايام التسعة أن تجلبي النفوس الى نبع الرحمة كيف تستقي من القوة والانتعاش وكل ما تحتاج اليه من نِعم في صعوبات الحياة، ولا سيّما في ساعة الموت. ستجلبين كل يوم الى قلبي فريقًا مختلفًا من النفوس التي ستستغرق في محيط رحمتي وسأنقلها الى بيت ابي. ستقومين بهذا العمل في هذه الحياة وفي الحياة العتيدة. لن ارفض شيئًا للنفس التي تجلبينها الى نبع رحمتي. ستطلبين كل يوم الى ابي، بحقّ قوّة آلامي المرّة، النِعم لتلك النفوس».
أجبت: «يا يسوع لا أعرف كيف اقوم بهذه التساعية ولا أية نفوس سأجلبها أولًا إلى قلبك الكلي الرأفة». أجابني يسوع أنه سيدلني على النفوس التي سأجلبها كل يوم الى قلبه.
اليوم الاول
1210- «أحضري لي اليوم كل البشر، لاسيّما كل الخطأة، واجعليهم يستجمّون في محيط رحمتي. بذلك تعزينني في حزني المرير الذي أغرقني فقدان النفوس».
1211- يا يسوع الكلّي الرأفة وكنه طبيعتك هي الرأفة علينا والمغفرة لنا، لا تنظر الى خطايانا بل الى الثقة التي نضعها في جودك اللامتناهي. أقبلنا كلنا في مقرّ قلبك الكليّ الرحمة ولا تجعلنا ابدًا نهرب منه. نطلب إليك ذلك بحق محبتك التي توحّدك مع الاب والروح القدس.
أيتها الرحمة الالهية الكلية المقدرة،
يا خلاص الشعب الخاطىء،
أنت بحر المراحم والرأفة،
أنت عون الذين يضرعون اليك بتواضع.
أيها الأب السماوي حوّل نظرك الرؤوف نحو كل الخليقة ولا سيّما نحو الخطأك المنضوين تحت قلب يسوع الكليّ الرحمة. بحق آلامه المليئة حزنًا، أظهر لنا رحمتك كيف نمجّد قوة رحمتك الى ابد الابدين امين.
اليوم الثاني
1212- «إجلبي لي اليوم نفوس الكهنة والراهبات ودعيهم يستغرقون في رحمتي التي لا تدرك. هم الذين اعطوني القوة لأتحمّل آلامي المرّة تفيض رحمتي من خلالهم، كعبر قنوات، على الخليقة».
1213- يا يسوع الكلّي الرأفة، الذي يأتي منه كل ما هو صالح، ضاعف نعمتك فينا حتى نتمّم باستحقاق اعمال رحمتك، فيستطيع كل من يرانا أن يمجّد أب الرحمة في السماء.
يا ينبوع حب الله،
أسكن في القلوب النقية
المستحمّة في بحر الرحمة
مشعّة كالنجوم، مضيئة كالفجر.
أيها الآب السماوي، أدرْ نظرَك الحنون إلى جماعة [المختارين] في كرمِك، الى الكهنة والراهبات. أغدق عليهم قوّة بركتك. بحق قلب ابنك حيث ينضوون، أعطهم القوة والنور لستطيعوا ارشاد الاخرين في طريق الخلاص ويرنّموا بصوت واحد، ودون انقطاع، التسبيح لرحمتك غير المحدودة حتى نهاية الاجيال. آمين
اليوم الثالث
1214- «إجلبي لي اليوم كل النفوس التقية والأمينة واستغرقيهم في محيط رحمتي حملتْ لي هذه النفوس التعزية على طريق الصليب. كانت تلك النقطة من التعزية في وسط محيط المرارة».
1215- يا يسوع الكلّي الرحمة أنت توزّع نعمك، بغزارة فائضة، من كنز رحمتك لكل واحد بمفرده وللجميع. أقبلنا في مقرّ قلبك الكلي الرأفة، ولا تجعلنا نهرب منه. نطلب إليك ذلك بحقّ حبّك المذهل. الذي يتحرّق به قلبك بشدّة نحو أبيك السماوي.
ان عجائب الرحمة لا تدرك،
فلا الخاطىء ولا الصدّيق يسبرها،
عندما تلقي علينا نظرة حنان،
تشدّنا بالقرب الى حبّك.
ايها الآب السماوي، ادرْ نظرك الحنون نحو النفوس الامينة، كنحو وارثة ابنك. بحقّ آلامه المريرك اعطها بركتك وأحيطها بحمايتك الدائمة، فلا تفشل في الحبّ ولا تُضيّع كنز الايمان المقدّس، بل مع جنود الملائكة والقديسين، تمجّد رحمتك التي لا حدّ لها الى ابد الآبدين آمين.
اليوم الرابع
1216- «أجلبي لي اليوم الوثنيين والذين لم يعرفونني بعد. كنتُ أفكّر فيهم ايضًا طوال آلامي المريرة وأن غيرتهم المستقبلية تشجّع قلبي، أستغرقيهم في محيط رحمتي».
1217- يا يسوع الكلي الرأفة أنت نور كل العالم. أقبل في مقرّ قلبك الكلّي الرافة نفوس الوثنيين الذين لم يعرفوك بعد. دع أشعة نعمتك تنيرهم ايضًا، فيستطيعوا معنا جميعًا أن يمدحوا رحمتك المذهلة، ولا تدعهم يفرّوا من مقرّ قلك المليء رأفة.
ليضيء نور حبك
النفوس القاطنة في الظلمة:
هَب تلك النفوس معرفتك
وهم ونحن جميعًا نعظّم رحمتك.
أيها الآب الأزليّ أدِر نطرك الرؤوف نحو نفس الوثنيين ونفوس الذين لا يعرفونك بعد ولكن يضمهم إليه قلبك الكلّي الرأفة. أجلبهم الى نور الانجيل. لا تعرف تلك النفوس عظم السعادة في حبك. هبهم ايضًا أن يمجّدوا كَرَم رحمتك مدى الأجيال التي لا تنتهي. آمين.
اليوم الخامس
1218- «إجلبي لي اليوم نفوس الهراطقة والمنشقين واستغرقيهم في محيط رحمتي. لقد شاركوا وقت آلامي في تمزيق جسدي وقلبي، أي كنيستي. إن جراحي ستدمُل اذا ما رجعوا الى وحدة الكنيسة، وبذلك سيخففون آلامي».
1219- يا يسوع الكلي الرأفة أنت الجودة بالذات، أنت لا ترفض النور لمن يطلبه منك. إقبل في مقرّ قلبك الكلي الرأفة نفوس الهراطقة والمنشقّين. أجلبهم بنورك الى وحدة الكنيسة ولا تجعلهم يفرّون من رحمة قلبك الكلي الرأفة. ولكن شدّهم إليه كي يعبدوا هم أيضًا كَرَم رحمتك.
فليتدفّق ينبوع رحمة من قلبك، حتى على الذين مزّقوا ثوب وحدتك إن قوّة رحمتك، يا الله تستطيع أن تخرج تلك النفوس ايضًا من الضلال.
أيها الآب السماوي أدرْ نظرك الرؤوف نحو نفوس الهراطقة والمنشقّين، الذين بذّروا بركاتك وأساؤوا استعمال مراحمك باستمرارهم العنيد في ضلالهم. لا تنظر الى ضلالهم، بل الى حبّ ابنك والى آلامه المرّة التي تحمّلها من أجلهم، لأن قلبك الكلّي الرأفة يشملهم هم ايضًا. أرجعهم اليك حتى يمجدوا هم ايضًا رحمتك العظيمة الى ابد الآبدين.
اليوم السادس
1220- «إجلبي لي اليوم النفوس الوديعة والمتواضعة ونفوس الاطفال الصغار واستغرقيهم في رحمتي. تشبه هذه النفوس، الى حدّ بعيد، قلبي. لقد قوّتني طيلة آلامي المرّة، أراهم كملائكة ارضية تحرس مذابحي. أسكب عليهم سيول المراحم. إن النفس المتواضعة تستطيع وحدها قبول نعمتي. أخصّ النفوس المتواضعة بثقتي».
1221- يا يسوع الكلي الرأفة، أنت قلت: «تعلّموا منّي إنني وديع ومتواضع القلب». إقبل في مقرّ قلبك الكلّي الرأفة كل النفوس الوديعة والمتواضعة ونفوس الأولاد الصغار. ستُذهل هذه النفوس السماء بكاملها، وهي التي يفضّلها ابوك السماوي. فهي باقة زهر عَطرة أمام عرش الرب، الكلي الرأفة وترنّم دون انقطاع نشيد الحبّ والرحمة.
1222- إن النفس المتواضعة والوديعة حقًا تتنشّق، منذ الآن هنا على الأرض، نسيم النعيم.
وأن عطر قلبها المتواضع يبهج الخالق ذاته.
1223- أيها الآب السماوي أدرْ نظرك الحنون نحو النفوس الوديعة والمتواضعة التي يضمّها قلب يسوع الكلّي الرحمة تحمل هذه النفوس الشبه الأكثر قُربًا من ابنك. يتصاعد عطرها من الأرض ويبلغ إلى عرشك بالذات. يا أب الرحمة وكل الخيرات، أتوسّل اليك بحقّ الحب الذي تحمله وبحقّ ابتهاجك بها، بارك العالم كلّه حتى تمدح كل النفوس سوية وتعظّم رحمتك الى ابد الآبدين. آمين
اليوم السابع
1224- «أجلبي لي اليوم النفوس التي تخصّ رحمتي بالإكرام والمجد وأستغرقها في رحمتي. لقد كانت تلك النفوس أكثر حزنًا لآلامي ودخلت عميقة في روحي. هي صورة حيّة لقلبي الرؤوف. وستشعّ برونق خاص في الحياة العتيدة. فلا تذهب واحدة منها إلى نار جهنم وسأحمي كل واحدة بمفردها في ساعة الموت».
1225- يا يسوع الكلي الرافة، الذي قلبه هو الحب بالذات، إقبل في قلبك الكلّي الرأفة النفوس التي تخصّ رحمتك بالإكرام والتمجيد. فهي قويّة بقوة الله ذاته وهي تسير قدمًا الى الأمام، واثقة برحمتك، في وسط الأحزان والصعوبات. هي متّحدة بيسوع وتحمل البشرية كلها على اكتافها. ولا تحاكم بقساوة بل ستشملها رحمتك عندما تغادر هذه الحياة. إن النفس التي تمجد جودة ربها وهو يخصّها بمحبته، هي دائمًا قريبة من نبع الحياة، وتستقي النعم من الرحمة الالهية.
أيها الآب السرمدي، أدرْ نظرك الرؤوف نحو النفوس التي تمجّد وتجلّ صفتك العظمى، أي رحمتك التي لا تدرك والتي يشملها قلب يسوع الكلي الرأفة. لك النفوس هي انجيل حيّ. وهي ترنّم لك نشيد الرحمة أيها العليّ، ويداها مليئتان باعمال الرحمة، وروحها يطفح فرحًا. أتوسّل اليك يا الله: أبِن لها رحمتك حتى الرجاء والثقة التي وضعتها فيك. حقّق وعد يسوع الذي قال لها: «سأحمي انا بذاتي، كما أحمي مجدي، تلك النفوس التي تكرّم رحمتي اللامتناهية، طوال حياتها ولاسيما في ساعة موتها».
اليوم الثامن
1226- «إجلبي لي اليوم النفوس التي هي في سجن المطهر واستغرقيها في رحمتي. وليبرّد لهيبها المحرَق سيول دمي. إنني أحبّ كثيرًا جميع تلك النفوس التي تقدّر عدالتي. وإن باستطاعتك ان تحملي لها الراحة. إستقي الغفران من كنز كنيستي وقدّميه من أجلها. آه! لو كنتِ تدرين كم تعذبت، لكنت تقدّمين عنها دون انقطاع صدقات الروح وتدفعين الديون المتوجبة عليها إلى عدالتي».
1227- يا يسوع الكلي الرأفة، أنت قلت انك تريد الرحمة. ها أنا أجلب الى مقرّ قلبك الكلي الرأفة نفوس المطهر العزيزة عليك. ولكن أن عليها أن تعوّض الى عدالتك. فليطفىء سيل الدم والماء المتدفق من قلبك لهيب نار المطهر حتى تتمجّد، في ذلك المكان ايضًا، قوّة رحمتك.
من لهيب النار المطهّرة
تصعد التضرعات الى رحمتك
وتتقوّى النفوس المطهرية وتلقى الراحة وتنتعش
في سيل مزيج الدم والماء.
أيها الآب السرمدي، أدرْ بنظرك الرؤوف نحو النفوس المتألمة في المطهر والتي يشملها قلب يسوع الكلي الرأفة. أتوسّل اليك بحق آلام يسوع المليئة حزنًا وبحق كل المرارة التي فاضت على قلبك الكلي قدسه، أبنْ رحمتك للنفوس التي هي تحت حكمك العادل. فلا تنظر اليها إلا من خلال جراحات يسوع، ابنك الحبيب، لأن إيماننا ثابت أن لا حدود لجودك ورأفتك.
اليوم التاسع
1228- «إجلبي إليّ اليوم النفوس الفاترة واستغرقيها في لجّة رحمتي. تجرح هذه النفوس قلبي وتؤلمه كثيرًا. لقد تحمّلت آلامًا مخيفة في جبل الزيتون النفوس الفاترة التي تسببت لي بالإشمئزاز وجعلتني أصرخ: «يا أبتاه! أبعد عني هذه الكأس، ان كانت تلك ارادتك«». إن رجاءها الوحيد في الخلاص هو أن تلجأ الى رحمتي».
1229- يا يسوع الكلي الرأفة، أنت الرأفة بالذات. إنني أجلب النفوس الفاترة الى مقرّ قلبك الكلي الرأفة. ألهب بنار حبك النقي مرة الثانية، تلك النفوس الفاترة، كالجثث، والتي ملأتك بمثل هذا الاشمئزاز العميق، يا يسوع الكلي الرأفة، إستعمل قوّة رحمتك واجلب تلك النفوس إلى تأجج حبك، واغدق عليها نعمة حبك المقدس لأنك قادر على كل شيء.
النار والجليد لا يلتقيان.
إما ان تموت النار او ان يذوب الجليد.
ولكن يمكنك، يا رب، أن تعوّض برحمتك عن كل نقص.
أيها الآب السرمدي، أدرْ بنظرك الرؤوف نحو النفوس الفاترة والتي يشملها، على كل حال، قلب يسوع الكلي الرأفة. يا أب الرحمة، أتوسّل إليك بحقّ آلام ابنك المريرة وبحق نزاعة ثلاث ساعات على الصليب، فلتمجّد هي أيضًا لجّة رحمتك.
1230- يا يوم الأبدية، الذي تتوق اليه من زمن بعيد
تفتش عنك عيناي بعطش وشوق.
قريبًا سيمزّق الحب الستار أربًا،
وستكون أنت خلاصي.
أيها اليوم الكلي الجمال، يا برهة لا مثيل لها.
عندما أرى الله لأول مرة، عروس نفسي وسيد السادات،
فلا يعتريني الخوف آنذاك
يا يومًا مليئًا بالفرح، يا يوم التألق
عندما تعرف النفس الله في جبروته وتستغرق كليًا في حبّه
وهي تعلم أن تعاسة المنفى قد إنتهت.
يا يومًا سعيدًا، يا يومًا مقدّسًا،
عندما يلتهب قلبي من أجل نارك السرمدي،
أي منذ الآن أشعر بحضورك ولو من خلال الستار،
في الحياة وفي الممات، أنت يا يسوع نشوتي وبهجتي.
أيها اليوم الذي حلمت فيه طوال حياتي
منتظرة اياك يا الله،
لأنك انت وحدك اريد،
وانت وحدك لقلبي، وكل شيء سواك هو عدم.
يا يوم البهجة، يوم البركة الأزلية
أيها الإله الكلي العظمة، يا عريسي الحبيب
أنت تعلم ان لا شيء يرضي القلب النقي،
على قلبك الحنون يستريح جبيني.
(نهاية الدفتر الثالث)