الدفتر الخامس
129- يسوع لفوستينا: لا تنسي يا تلميذتي، أنك تلميذة معلّم مصلوب
1512- رأيت اليوم في القداس يسوع في غمرة آلامه وكأنه يموت على الصليب، وقال لي: «يا ابنتي، تأمّلي دائمًا بالآلام التي تحملتها من أجلك، عندئذ لا شيء ممّا تتحمّلينه من أجلي يبدو لك مهمًّا: ترضينني جدًا عندما تتأملين بآلامي المحزنة. ضمّي آلامك إلى آلامي، حتى تكسبَ قيمة غير متناهية أمام عظمتي».
1513- +قال لي يسوع اليوم: «تدعوني غالبًا معلمي، هذا ما يسرّ قلبي، ولكن لا تنسي يا تلميذتي، أنك تلميذة معلّم مصلوب . فلتكفِك هذه الكلمة الواحدة. أنت تعلمين ما يتضمّن الصليب».
1514- +تعلّمت أن أكبر القوى هي مخبأة في الصبر. أرى أن الصبر يقود دائمًا إلى النصر ولو بعد بعض الوقت. إنما سيظهر هذا النصر بعد سنين عديدة والصبر هو مرتبط بالوداعة.
1515- +أمضيتُ الليلة بكاملها مع يسوع في السجن. كانت ليلة عبادة. كانت الراهبات تصلّين في الكنيسة. واتّحدت بهن بالروح لأن صحتي الهزيلة منعتني من الذهاب إلى الكنيسة ولم أستطع أن أنام طوال الليل، لذا أمضيته في سجن مظلم مع يسوع. وجعلني أدرك الآلام التي اختبرها هناك. وسيدركها العالم في يوم الحكم.
1516- «يا ابنتي، أخبري النفوس إنني أعطيهم رحمتي لحمايتهم. أنا أجاهد معهم وأتحمل الغضب العادل لوالدي».
1517- «قولي، يا ابنتي، إن عيد الرحمة قد انبثق من عمق تعزياتي للعالم كله».
1518- يا يسوع، سلامي وراحتي، أتوسّل إليك أن تُنير تلك الراهبة حتى تتبدّل من الداخل. ساعدها بقوة نعمتك حتى تتمكّن هي أيضًا من البلوغ إلى الكمال.
1519- +قال لي الرب اليوم قبل المناولة «يا ابنتي تحدّثي اليوم بصراحة مع الأم الرئيسة [إيرين] عن رحمتي، لأنّها وحدها، بين كل الرئيسات، ساهمت إلى حدّ بعيد في إعلان رحمتي». وبالواقع أتت الأم الرئيسة بعد الظهر وتحدّثنا معًا عن عمل الله هذا. قالت لي الأم إن طبع الصور لم يكن ناجحًا لذا لم تُبَع كما يجب. وقالت: «أخذت منها كميّة كبيرة لأوزعها حيثما أستطيع، وأضع كل جهد لنشر عمل الله». ولمّا ذهبت أفهمني الرب كم هو سعيد بهذه النفس.
1520– قال لي الرب اليوم: «لقد فتحتُ قلبي كنبع حيّ للرحمة. لتستقي منه كل نفوس الحياة. ولتتقدّم من بحر الرحمة هذا بثقة كبيرة. الخطأة يبرّرون والصالحون يقبَّتون في عمل الخير. كل من يضع ثقته برحمتي يمتلىء من سلامي الإلهي في ساعة الموت».
1521- قال لي الرب: «لا تتعبي من إعلان رحمتي. بذلك تنعشين قلبي الذي يتحرّق بنار الرأفة على الخطأة. قولي للكهنة أن القلوب المتحجّرة ستتوب لسماع كلماتهم عندما يتحدّثون عن رحمتي التي لا تدرك، وعن الرأفة التي أكنّها للخطأة في قلبي. سأعطي قوة عجيبة للكهنة الذين يعظّمون رحمتي، سأمسح كلماتهم وسألمس قلوب الذين يتحدّثون إليهم».
1522- إن الحياة مع الجماعة هي صعبة بحدّ ذاتها. وتتضاعف صعوبة بالتعامل مع النفوس المتكبّرة. «أعطني يا رب، إيمانًا أكثر عمقًا حتّى أتمكّن من أن أرى دائمًا في كل راهبة صورة وجهك التي حفرتها في نفسها».
1523- أيها الحب الدائم، أيتها الشعلة النقيّة، إلتهبي دون إنقطاع في قلبي وألّهي كل كياني حسب سرورك اللامتناهي الذي دعوتني به إلى الوجود وإلى الإشتراك في سعادتك الأبدية. أيها الإله الرحوم. لقد أغدقت عليّ كل هذه العطايا بدافع الرحمة. بتواضع عميق أعبد جودتك غير المدركة وقد رأيت كل هذه الهبات المجانيّة في داخلي.
يا رب، يمتلىء قلبي إعجابًا لأنك أنت الإله المطلق، ولست بحاجة إلى أحد، قد تنازلت تنازلًا عميقًا من فيض حبّك لنا. كيف أستطيع لا أعجب من الرب وهو يوطّد روابط ودّية مع خلائقه. تلك هي أيضًا جودة لا تدرك. كل مرّة أبدأ هذا التأمّل لا أستطيع إنهاءه لأن روحي تستغرق كليًا فيه. يا لها من سعادة أن نُحبَّ بكل قوّة نفسنا وأن نُحبّ بالمقابل، وأن نشعر بذلك ونختبره بملء وعي كياننا. لا من كلام يعبّر عن ذلك.
1524- 15 كانون الثاني 1938- يا يسوع خاصّتي- كم أنت صالح وصبور تتطلّع إلينا دائمًا كأطفال صغار. نتوسّل إليك غالبًا، ولكن لا نعلم السبب، لأننا قبيل نهاية الصلاة، وعندما تعطينا ما نطلبه إليك، نرفض أن نقبله.
1525- ذات يوم، جاءت إحدى الراهبات وطلبت إليّ أن أصلّي من أجلها، قائلة لي إنها لا تستطيع بعد أن تتحمّل الأمور كما هي: «لذا أرجوك يا أختي، صلّي». أجبتها أنني سأفعل ذلك وبدأت بتساعية إلى الرحمة الإلهية. أدركت أن الله سيعطيها النعمة. ولكن مرة أخرى لن ترضى بما ستقبل. غير أنني ثابرت في الصلاة كما طلبت إليّ.
في اليوم التالي أتت الراهبة نفسها تسأل عنّي ولمّا باشرنا الحديث عن الموضوع ذاته قلت لها: «أتعلمين يا أختي، لا ينبغي عندما نصلّي، أن نخبر الله أن يعطينا ما نريد، بل بالأحرى يجب أن نخضع لإرادته المقدّسة». غير أنّها ظنّت إن ما تطلبه هو شيء ضروري ولا بدّ منه. وقُبَيل نهاية التساعية عادت الراهبة وقالت: «يا أختي لقد وهبني الله النعمة، ولكنني الآن غيّرتُ رأيي، أرجوك أن تصلّي كي تتبدّل الأمور من جديد، نوعًا ما». أجبتها: «نعم سأصلّي، ولكن لتتمّ إرادة الله فيك يا أختي، وليست إرادتك أنتِ».
1526- يا قلب يسوع الكلي الرحمة، إحمنا من غضب الله العادل.
1527- +تضطهدني دومًا إحدى الراهبات لسبب واحد وهو أن الله يتواصل معي بمودّة، وتظنّ أن كل ذلك هو إدعاء منّي. لمّا تظنّ أنّني تصرّفت خطأ تقول: «يحظى بعض الناس بالإلهامات ولكن يرتكبون أيضًا مثل هذه الأخطاء». قالت ذلك على مسمع من كل الراهبات وحمّلته معنًى مشينًا كي تصنّفني نوعًا ما، في فئة غريبي الأطوار.
ذات يوم تألّمت كثيرًا عندما خطر في بالي أن هذه الجزء الصغير التافه الذي هو الدماغ البشري يدعي أن باستطاعته تمييز هبات الله بسهولة. بعد المناولة صلّيت إلى الرب كي ينيرها ولكن أدركا أن مثل هذه النفس لن تبلغ الكمال طالما لا تبدّل إستعداداتها الداخلية.
1528- +لما اشتكيت إلى يسوع من أحد الأشخاص (قائلة): «يا يسوع كيف يمكن هذا الشخص أن يصدر أحكامًا مثل هذه، حتى على نوايانا؟». أجابني الرب: «لا تتعجّبي، ذلك الشخص لا يعرف ذاته، فكيف يمكنه أن يُصدر الأحكام عن شخص أخر؟»
1529- رأيت اليوم الأب أندراز يصلّي. عرفت أيضًا أنه يتوسّل إلى الله من أجلي. يُعلمني الله أحيانًا من يصلّي من أجلي.
1530- أني آخد موقفًا حياديًا وكأن عمل الله هذا لا يعنيني. لا أتحدث عنه في الوقت الحاضر. ولكن نفسي هي غارقة في الصلاة وأطلب إلى الله أن يُبَيّن صلاحه ويعجّل هذه الهبة الكبرى، أي عيد الرحمة. وأرى أن يسوع يتحرّك ويعطي توجيهاته في كيفية التنفيذ. لا شيء يحدث صدفة.
1531- قلت اليوم للرب يسوع: «أترى كم من صعوبات ينبغي أن [أتغلب عليها] قبل أن يصدقوني أنك أنت رب العمل؟ وحتى الآن لا أحد يصدّقني». «إطمئنّي، يا ابنتي الصغيرة، لا شيء يستطيع معارضة إرادتي. رغم تذمّر الراهبات ومعاكستهن، ستتمّ إرادتي فيك بملئها، وفي كل تفاصيلها، حسب رغبتي وتصاميمي. فلا تحزني من ذلك. كنتُ أنا أيضًا حجر عثرة لبعض النفوس».
1532- + أشتكى يسوع إليّ من الألم الذي تسبّبه له خيانة النفوس المختارة: «لقد أثخن شكّهم جروحات قلبي، الذي قد يكونُ أقلّ ألمًا لو لم تختبر تلك النفوس طيبته».
1533- رأيت غضب الله مسلّطًا فوق بولونيا وأرى الآن أنه لو أنزل في بلادنا قصاصًا قاسيًا، فإنه لا يزال يرحمنا، بعد تلك التعدّيات الفظيعة. كان بوسعه أن يقاصصنا بالفناء الأبدي. أقعدني الخوف لمّا كشف الرب لي الستار قليلًا. أتأكد الآن أن النفوس المختارة تحافظ على وجود العالم لتتحقّق فيه مقاييس [العدالة].
1534- +رأيت أحد الكهنة يصلّي. إن صلاته هي شبيهة بصلاة الرب يسوع في بستان الزيتون. آه! لو كان يدري هذا الكاهن [ربما الأب سوبوتشيكو] كم هي مرضية صلاته لله.
1535- يا يسوع أحبسُ نفسي في قلبك الكلّي الرأفة كما في حصن منيع لا تخترقه سهام الأعداء.
1536- وجدتُ ذاتي اليوم أمام انسان ينازع وقد بلغ حافة الموت في جوار بيتنا. ساعدته بصلواتي وبعد حين شعرتُ لبعض الوقت، بألم في يديّ وقدميّ وجنبي.
1537- 27 كانون الثاني 1938. في ساعة السجود، أشتكى إليّ يسوع اليوم من جحود بعض النفوس: «ألقى نكران الجميل مقابل نِعَمي. والنسيان واللامبالاة مقابل حبّي. لا يستطيع قلبي تحمّل ذلك».
1538- في هذا الوقت، التهب حبّ يسوع في قلبي بقوّة جعلني أستغرق كليًا فيه، مقدّمة ذاتي تكفيرًا عن جحود النفوس. ولما استرجعت حواسي أتاح لي الرب أن أتذوّق قليلًا طعم الجحود الذي طفح به قلبه. لم تدم هذه الخبرة إلا وقتًا قصيرًا.
1539- قلت اليوم إلى الرب: «متى ستأخذني إليك؟ أنا مريضة جدًا وأتوقّع قدومك بتوق عميق». أجابني يسوع: «كوني دائمًا مستعدة، لن أتركك طويلًا في هذا المنفى. يجب أن تتم إرادتي فيك».
يا رب، إن لم تكتمل بعد إرادتك المقدّسة فيّ، فها أنا مستعدّة لكل ما تريده. يا يسوع خاصتي يا سيدي، هناك شيء واحد يذهلني، أعني أنك تكشف لي عن أسرار عديدة. ولكن هناك سرّ واحد- ساعة موتي- لا تريد أن تخبرني عنه.
يا رب، إن لم تكتمل بعد إرادتك المقدّسة فيّ، فها أنا مستعدّة لكل ما تريده. يا يسوع خاصتي يا سيدي، هناك شيء واحد يذهلني، أعني أنك تكشف لي عن أسرار عديدة. ولكن هناك سرّ واحد- ساعة موتي- لا تريد أن تخبرني عنه.
قال لي يسوع: «إطمئني سأعلمك عنه ولكن ليس الآن».
آه! أطلب منك السماح عن رغبتي في معرفة ذلك. أنت تعلم السبب، لأن قلبي يتوق إليك. هو يخرج بشوق للقائك، أنت تعلم أنني لا أريد أن حتى دقيقة واحدة قبل الوقت الذي حدّدته لي منذ الأزل. واستمع يسوع بحنان عجيب إلى طفحان قلبي.
آه! أطلب منك السماح عن رغبتي في معرفة ذلك. أنت تعلم السبب، لأن قلبي يتوق إليك. هو يخرج بشوق للقائك، أنت تعلم أنني لا أريد أن حتى دقيقة واحدة قبل الوقت الذي حدّدته لي منذ الأزل. واستمع يسوع بحنان عجيب إلى طفحان قلبي.
1540– 28 كانون الثاني 1938. قال لي الرب اليوم: «يا ابنتي، دوّني هذه الكلمات: إن كل النفوس التي تمجّد رحمتي وتنشر عبادتها، مشجّعة الآخرين على الثقة بهذه الرحمة، لن تلقى الخوف ساعة موتها. ستحميها رحمتي في تلك المعركة الأخيرة».