الدفتر الثالث

108- إن النفوس التي تسترحمني، ترضيني. لا أستطيع أن أعاقب خاطئًا كبيرًا إذا ما استرحمني

30 أيار 1937.

1137- أموت توقًا الى الله اليوم. هذا التوق يملأ كل نفسي. كم أشعر أنني في المنفى. يا يسوع، متى يأتي من أتوق إليه؟

31 أيار.

1138- ان نفسي المعذبة لا تجد راحة الّا فيك، أيها القربان المحبّ. أضع كل ثقتي في قلبك الرحوم. أنتظر كلمتك بصبر، يا رب.

1139- آه! كم تؤلم رؤية راهبة لا تتمتّع بالروح الرهبانية، كيف يمكن أن نرضي الله عندما ينفخنا الكبرياء وحب الذات، بحجة السّعي لمجد الله، بينما نحن نفتّش بالواقع عن مجدنا. أتألّم جدًا لرؤية مثل هذه الأمور. فلا وجد للاتحاد بالله في مثل هذه الحال.

أول حزيران 1937

1140- أقيم اليوم زياح القربان المقدس. عند المذبح الأول إنطلقت لهبٌ من البرشانة، إخترقت قلبي وسمعت صوتًا: «هنا مقر راحتي». فالتهب قلبي وشعرتُ أنني تحولت كليًا إليه.

1141- عند المساء جعلني الرب أدرك زوال الأشياء الأرضية، وكيف أن كل ما يبدو عظيما يتبدد كالدخان، ولا يحرر النفس بل يرهقها. هنيئًا للنفس التي تدرك هذه الأمور ولا تطأ الأرض الا بقدم واحد. إن راحتي هي في اتحادي بك. كم أشعر أنني في المنفى. أرى أن لا أحد يفهم حياتي الداخلية. أنت وحدك تفهمني، أنت المختبىء في قلبي بينما أنت حيّ الى الأبد.

4  تموز

1142- اليوم هو عيد قلب يسوع الأقدس. في القداس أعطيتُ معرفة قلب يسوع وطبيعة نار الحب الذي يلتهب لأجلنا وهو محيط المراحم. ثمّ سمعت هذا الصوت: «يا رسولة رحمتي، إعلني للعالم اجمع رحمتي التي لا تُحدّ. لا تيأسي من الصعوبات التي تعتريك في إعلان رحمتي. هذه الصعوبات التي تؤلمك هي ضرورية لتقديسك، وهي علامة أن هذا هو عملي. ثابري في كتابة كل عبارة اقولها لك حول رحمتي، لأنها تهدف إلى منفعة عدد كبير من النفوس».

1143- + وقت العبادة وهبني الله معرفة أكثر عمقًا بالقضايا المتعلّقة بعمله.

1144- طلبت اليوم الى الرب المسامحة عن كل الإهانات المرتكبة في ديرنا والتي آلمت قلبه الإلهي.

6 حزيران 1937

1145- أول أحد من الشهر. قمت البوم برياضتي الشهرية. بعض النور من تأمل هذا الصباح: مهما صنعتُ بي يا يسوع فإنني سأحبك دائمًا لأنني انا لك. فلا همّ ان تركتني هنا او وضعتني في مكان آخر. أنا دائمًا لك. بالحب استسلم الى قراراتك الكلية الحكمة، يا الله، وإن ارادتك هي غذائي اليومي. أنت الذي تذكر نبضات قلبي. إعلم أنه ينبض لك يا يسوع. فلا شيء يروي توقي اليك، إنني اموت من أجلك يا يسوع. فمتى ستأخذني إلى مقرّك [راجع يوحنا ١٤ /١-٣].

1146- «ليضع الخطأة الكبار ثقتهم في رحمتي. لهم الحقّ قبل غيرهم أن يثقوا بلجّة رحمتي. يا ابنتي، إكتبي عن رحمتي الى النفوس المعذّبة. إن النفوس التي تسترحمني، ترضيني. أهب لمثل هذه النفس أكثر مما تطلب من نِعم. لا أستطيع أن أعاقب خاطئًا كبيرًا إذا ما استرحمني، بل بالعكس، سأبرره برحمتي التي لا تدرك ولا توصف. إكتبي: قبل أن أعود قاضيًا، أفتح أولًا باب رحمتي. وينبغي على من يرفض أن يمرّ عبر باب رحمتي، أن يمرّ عبر باب عدالتي».

1147- لمّا تألّمت مرة من أمر شكيته الى الرب، أجابني يسوع: «يا ابنتي لما تعلّقين أهمية كبرى على تعاليم وكلام الناس؟ أريد أن أعلّمك انا. لذا أتدبّر الأمور كي لا تتمكّني من استماع هذه المحاضرات. سأعلّمك في لحظة واحدة أكثر مما يتعلّمه الآخرون طوال سنين عديدة من الجهد والتعب)).

20 حزيران 1937

1148- تزداد تشبهًا بالله عندما نغفر لقريبنا. فالله هو محبة وجودة ورحمة.

«على كل نفس لاسيما نفس كل راهبة، أن تعكس رحمتي. يطفح قلبي رأفة ورحمة الى الجميع. ويجب أن يتشبه قلب حبيبتي بقلبي. فمن قلبها سيتدفق نبع رحمتي من اجل النفوس وإلا لن اعتبرها أنها تخصّني».

1149- + إكتشفت في عدة مناسبات كيف أن بعض الراهبات يدافعنّ عن مجدهنّ بحجة الاهتمام بمجد الله بينما الامر هو مجدهنّ لا مجد الله. كم تألمت يا يسوع من ذلك. كم من الأسرار ستعلن في يوم حكمك. كيف يمكن ان نختلس هبات الله؟

1150- حزنت اليوم كثيرًا من تصرّف احدى السيدات، انطلاقًا من شيء واقعي، إختلقت امورًا عديدة كاذبة. فأُهتُبرت حقائق وانتشرت في كل الدير ولمّا بلغت آذاني، تصدع قلبي المًا. كيف يمكن استغلال صلاح الآخرين على هذا النحو؟ ولكن قرّرتُ أن لا أقول كلمة واحدة لأدافع عن ذاتي، بل أظهرت عطفًا متزايدًا نحو تلك السيدة. ولكن أيقنت أنني لست قوية إلى حد يجعلني أتحمل هذا الأمر بهدوء، لا سيما أن أذياله امتدت لأسابيع عديدة. لمّا رأيت العاصفة تتلبّد ورمال الرياح تعصف مباشرة في عيني. ذهبت الى القربان المقدس وقلت للرب: «يا يسوع الهي، اطلب منك ان تعطيني قوّة نعمتك الحالية لأنني أشعر أنني لن أتغلّب هي هذه المعركة. فاحمني انت بصدرك».

حينئذ سمعتُ هذه الكلمات: «لا تخافي أنا معك». لما غادرت المذبح شعرت بطمأنينة وقوة فائقتين تغمران نفسي. وأن العاصفة الهائجة قد تحطمت على نفسي كما على صخر وأن زبد العاصفة سقط على من أثارها : كم هو صالح الرب الذي يكافىء كل انسان حسب اعماله. فلتطلب كل نفس النعمة الحالية لأن النعمة العادية لا تكفي احيانًا.

1151- لمّا يعتري الألم نفسي،

ويكفهرّ الأفق كالليل،

ويتفتت القلب بعذابات الألم،

فيا يسوع المصلوب، أنت قوتي.

امّا يُخفت الألم نور النفس

وتَضنك في المعركة دون راحة.

وينازع القلب معذبًا

فيا يسوع المصلوب، أنت أمل خلاصي.

وهكذا تمرّ الأيام

تستحم النفس في بحر المرارة،

ويذوب القلب في الدموع،

فيا يسوع المصلوب، أنتَ مثل الفجر نوري.

ولما يطفح كأس المرارة،

وتتآمر كل الأشياء ضدّي،

وتنزل النفس الى بستان الزيتون،

فيا يسوع المصلوب، بك أحتمي.

عندما تقبل النفس هذه التجارب من لدن الله

وهي تعي براءتها

حينئذ يستطيع القلب إستبدال الجروحات بالحبّ.

فيا يسوع المصلوب، حوّل ضعفي إلى قوى فائقة.

1152- ليس من السهل تحمّل الألم بفرح، لاسيما الألم غير المستأهل. تتمرّد الطبيعة الساقطة، ورغم أن العقل والإرادة هما فوق الألم، لأنهما قادران ان يصنعا الخير لمن تسببت بالالم، تثور العواطف، وكأرواح لا تتعب، تهاجم العقل والارادة. ولكن عندما ترى تلك العواطف انها لا تستطيع شيئًا وحدها، تخمد وتخضع لهما. (٤٢) وأنها على بشاعتها تتحرك وتُثير إضطرابًا وتحاول اخضاع كل شيء لها وحدها، طالما لم يسيطر عليها بعد العقل والارادة.

23 حزيران 1937

1153-  توقّفت آلامي الجسدية فجأة لمّا كنت أصلّي امام القدبان المقدس، وسمعت صوته في نفسي: «أترين كيف أنني أستطيع أن أعطيك كل شيء بلحظة واحدة. فلا ترغمني اية شريعة».

24 حزيران. بعد المناولة المقدسة، سمعتُ هذه الكلمات: «اعلمي يا ابنتي، إنه باستطاعتي أن أعطيك بلحظة واحدة كل ما هو ضروري لإنجاز هذه المهمة». وبعد هذه الكلمات، استقرّ نور خارق العادة في نفسي فبَدَتْ لي اوامر الله سهلة للغاية، إلى حدّ أن باستطاعة طفل صغير تلبيتها.

27 حزيران.

1154- رأيت اليوم دير الجمعية الجديدة فهو بناء شرح وواسع، تنقّلتُ من غرفة إلى غرفة، أراقب كل شيء. رأيت ان العناية الإلهية قد أمّنت كل ما هو ضروري، وأن الذين يقطنون في ذلك الدير، ما زالوا يرتدون اللباس المدني، غير أن الروح الرهبانية تسيطر تمامًا. وكنتُ أنظّم كل شيء حسب ارادة الله. فجأة سمعت لومًا من إحدى راهباتنا: «أختي، كيف يمكنك تنفيذ مثل هذا العمل؟». أجبتها: «لست أقوم أنا بالعمل بل الله من خلالي، وقد أُعطيتُ لي سلطة على كل شيء». وقت القداس تلقيت نورًا وفهمًا عميقًا لكل هذا العمل ولم يبق في نفسي أي ظل للشك.

1155-  أفهمني الله إرادته تحت ثلاثة أشكال -إذا صحّ التعبير- تختصر بشكل واحد.

الشكل الاول: هو ان الراهبات المنفصلات عن العالم ساحترق كتقدمة أمام عرش الرب وتطلبن الرحمة لجميع البشر. وتنالنّ بصلواتهن البركات للكهنة وتحضرنّ العالم لمجيء المسيح الأخير.

1156- الشكل الثاني: هو أن نجمع الصلاة إلى عمل الرحمة. إن أولئك الراهبات سيحمين، بالأخص، نفوس الأولاد من الروح الشرير. فلا يُطلب منهنّ سوى الصلاة وأعمال الرحمة وأن باستطاعة اكثر الناس فقرًا الانضمام الى اعدادهنّ. وفي هذا العالم الأنانيّ سَيسعينَ لتنمية الحبّ، الذي هو رحمة يسوع.

1157- الشكل الثالث: الصلاة وأعمال الرحمة دون اي واجب لتقدمة النذورات. وسيشاركن بذلك في كل إستحقاقات ونعم [الجمعية] بكاملها. باستطاعة كل انسان على الارض أن ينضمّ الى هذا الفريق.

1158- على كل عضو من اعضاء هذا الفريق ان يمارس أقلّه عمل رحمة كل يوم، أقله عمل واحد. ولكن يمكن القيام بأكثر من ذلك لأنه يسهل على كل واحدة القيام بهذه الاعمال حتى أكثرهنّ فقرًا. وهناك ايضًا ثلاثة اشكال للقيام بأعمال رحمة. الأول، بالكلمة الشفوقة التي تغفر وتشجع الثاني بالصلاة إذا لم تتوفر الكلمة فالصلاة هي ايضً عمل رحمة. والثالث، باعمال الرحمة. وسنؤدي حسابًا على ذلك في اليوم الأخير وعلى أساسه ننال الحكم الأبدي.

1159- لقد فُتحَتْ سدود الله التي تتدفق منها المياه. فلنستفد منها قبل أن يأتي يوم العدالة لأنه سيكون يومًا مخيفًا.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق