الدفتر السادس

138- (1673-1686) ملاك الرب يحمل المناولة المقدسة لفوستينا مدة ثلاثة عشرة يومًا

1673- أستلم حاليًا رسائل من راهبات في أديرة أخرى كنّ معي في المرحلة المبتديّة. غالبًا ما يسلونني ويضحكونني وهنّ يكتبن عادةً مثل ما يلي: «أيتها الأخت العزيزة فوستينا، نحزن لشدّة مرضك ولكن نفرح لأنك ستصلّي من أجلنا عندما يأخذك الرب يسوع، لأن لك عليه تأثير كبير».
وكتبت إحدى الأخوات: «عندما تموتين يا أختي أرجوك أن تخصّيني باهتمامك. فإنك ولا شكّ قادرة على ذلك». وكتبت راهبة أخرى: «كم أنا أنتظر الوقت الذي يأخذك فيه الرب، لأنني أعلم ماذا سيحلّ بك. أتمنّى الموت لك من كل قلبي». أردت أن أسألها بماذا تفكّر بالنسبة إلى موتي . ولكن قمت بتضحية وأجبتها: «سيحلّ بي أنا الخاطئة، ما يحلّ بكل الخطأة، إذا لم تحمني رحمة الله».
1674- 20 نيسان 1938. الذهاب إلى برادفيك. كنتُ قلقة جدًّا من أن أعطي سريرًا في غرفة مشتركة مع إحدى الفتيات وأكون عرضة لكل نوع من الإزعاج. لو كان ذلك لأسبوع أو أسبوعين فالأمر سهل… ولكن سأكون هناك لوقت طويل شهرين أو ربما أكثر. عند المساء بدأت حديثًا مطوّلًا مع الرب يسوع. لمّا رأيته أفرغت أمامه كل قلبي وكل صعوباتي وكل مخاوفي. إستمع لي يسوع بحب ثم قال لي: «كوني بسلام يا طفلتي، أنا معك، إذهبي بسلام عميق. كل شيء هو محضّر. لقد أعطيت أوامري بأسلوبي الخاصّ لكي تُحضّر لك غرفة خاصة». ذهبت إلى النوم مطمئنّة ويغمرني الهدوء.
1675-في اليوم التالي إقتادتني الأخت فيليسيا إلى هناك شعرتُ بسلام عميق وبطمأنينة الروح ولما وصلتُ قيل لنا أن غرفة خاصّة هي معدّة للأخت فوستينا. وتعجّبت عندما دخلت الغرفة من أن كل شيء كان معدًّا بأناقة ودقة. كان كل شيء نظيفًا ومرتبًا: وضعت الراهبات شراشف مزخرفة بالألوان المختلفة باقة زهر وشمعة جميلة لعيد الفصح مضاءة على طاولة صغيرة قرب السرير. وفورًا حضرت لتحيّيني بشوق ثلاث راهبات من جمعية قلب يسوع الأقدس اللواتي تعملن في المصحّ ممّن كنتُ أعرفهنّ سابقًا، وتعجّبت الأخت فيليسيا من ذلك، ودّعنا بعضنا بحنان وغادرت. ولمّا أصبحت وحدي، يسوع وأنا، شكرته على هذه النعمة الكبرى.
1676- قال لي يسوع: «كوني بسلام أنا معك». آويت إلى الفراش وقد أنهكني التعب. عند المساء جاءت الراهبة [الأخت دافيد] المُوكلة بالعناية بي وقالت لي: «لن تقبلي غدًا المناولة المقدّسة لأنك تعبة للغاية. سنرى فيما بعد». آلمني هذا الخبر كثيرًا ولكن قلت بهدوء. «حسنًا». إستسلمتُ كليًّا آلى إرادة الرب وحاولت أن أنام.
عند الصباح قمتُ بتأمُّلي وتحضّرتُ للمناولة المقدّسة رغم أنه لم يكن مقرّرًا أن أقبل الرب يسوع، لمّا تأجج حبّي وتوقي رأيت قرب سريري ملاكًا حمل إليّ المناولة المقدّسة قائلًا: «هذا هو ربّ الملائكة». ولمّا قبلتُ الرب غرقت روحي بحب الله وبالذهول. وتكرّر الحدث مدة ثلاثة عشرة يومًا، رغم أنني لم أكن متأكدة أنه ستُحمَل لي المناولة المقدّسة في اليوم التالي؛ غير أني وضعتُ كل ثقتي في جودة الله ولم أجرأ أن أفكّر أنني سأقبل في اليوم التالي المناولة المقدّسة بهذا الشكل.
كان يحيط بالملاك نور ساطع وتنعكس عليه ألوهيّة الرب وحبّه. كان يرتدي لباسًا ذهبيًا يغطّيه درع كنسي وبطرشيل شفّاف. كان الكأس من البلور يعلوه غطاء شفاف. كان يختفي الملاك حالما يعطيني المناولة المقدسة.
1677- ذات مرّة قبيل المناولة المقدّسة خالجني بعض الشكّ، فوقف الملاك أمامي مع الربّ يسوع. سألت يسوع فلم ألقَ جوابًا ثم سألت الملاك: «هل تستطيع أن تسمع إعترافي؟» فأجابني: «لم يعط هذا السلطان لأي روح في السماء». في هذا الوقت وُضعتْ القربانة المقدّسة على شفتي.
1678- يوم الأحد 4 نيسان 1938. قالت لي الراهبة الموكلة بالمرضى: «يا أختي سيحمل لك اليوم الكاهن الرب يسوع». أجبتها: «حسنًا» وحمله إلي. بعد قليل سمح لي بمغادرة سريري. فذهبت إلى الذبيحة المقدّسة وأمضيت بشكل عادي، بعض الوقت مع الرب.
1679- بعد أن فحصني الطبيب [سيلسبرغ] وجد أن حالتي صعبة. «أظن، يا أختي، أنّك مصابة بالمرض الذي حدّثتني عنه، غير أن الله هو قادر على كل شيء». لمّا دخلتُ غرفتي إستغرقتُ في صلاة شكر للرب على كل ما أرسله لي طوال حياتي، مستسلمة كليًا إلى إرادته المقدّسة.
غمر السلام والفرح نفسي. كان سلامي الداخلي عميقًا إلى حدّ لو أتى الموت في ذلك الحين لما قلت له: «إنتظر عليّ أن أتدبّر بعض الأمور». كلّا، لكن استقبلته بفرح لأنني كنتُ مستعدّة أن ألتقي بالرب، ليس اليوم فقط، بل منذ وضعت كامل ثقتي في الرحمة الإلهية، خاضعةً كليًا إلى إرادته الكليّة القداسة، المليئة رحمة وحنانًا. أعرف ما أنا بحدّ ذاتي.
1680- أحد الحواريين.
قدّمت اليوم مجدّدًا ذاتي إلى الرب ذبيحة عن الخطأة، يا يسوع، إذا كانت نهاية حياتي قد إقتربت، أطلب إليك بتواضع أن تقبل موتي، وأنا متّحدة بك، ذبيحة أقدّمها لك اليوم، طالما ما أزال بملء وعيي وكامل عقلي، من أجل النوايا الثلاث التالية:
أولًا: أن ينتشر عمل رحمتك في العالم كله وأن يُقرّ رسميًا عيد الرحمة الإلهية ويحتفل به.
ثانيًا: أن يرجع الخطأة ولا سيما الخطأة المنازعون إلى رحمتك ويتنعموا بنتائجها التي لا توصف.
ثالثًا: أن يتحقّق عمل رحمتك حسب رغباتك ومن أجل أحد الأشخاص الموكل بهذا العمل…
أقبل يا يسوع الكلي الرأفة تضحيتي هذه غير الملائمة التي أقدّمها لك اليوم أمام السماء والأرض. وليكمّل قلبك الكلّي القداسة ما ينقص في تضحيتي وليقدّمها إلى أبيك من أجل إرتداد الخطأة. إنني عطشى إلى النفوس أيّها المسيح.
1681- +في هذا الوقت ولج نور الله كياني وشعرتُ أنني ملكه الخاص واختبرتُ الحرية الروحية الكبرى التي لم يسبق أن فكرت فيها. وفي الوقت نفسه رأيت مجد الرحمة الإلهية وعددًا لا يحصى من النفوس تمجّد جوده. وغرقت نفسي كلّها في الله وسمعت هذا الكلمات: «أنتِ إبنتي الحبيبة». ومكث فيّ حضور الله الحيّ طوال النهار بأكمله.
1682- + أول أيار 1938
قال لي يسوع هذا المساء: «يا ابنتي، هل تريدين شيئًا؟» أجبتُ: «يا حبّي عندما أملكك، أملك كل شيء». فأجابني الرب: «إذا وضعتْ النفوس ذاتها تحت عنايتي سأهتمّ بتقديسها وأغدق عليها أكبر النِعم. هناك نفوس لا تكترث لجهودي ولكن لم أيأس منها. حالما تعود إليّ، أهرع إلى مساعدتها وأحميها برحمتي وأعطيها المكان الأول في قلبي الرؤوف».ر
1683- «أكتبي لخير النفوس: إنه يطيب لي أن آتي إلى قلبها في المناولة المقدّسة. ولكن إذا وجدت شخصًا آخر فيها فلا أستطيع تحمّله لذا أغلدرها بسرعة وآخذ معي كل المواهب والنِعم التي أعددتها لها. ولا تلاحظ تلك النفس مغادرتي لها. وبعد حين تشعر بفراغ داخلي وبعدم الرضي. آه! حبذا لو تعود إليّ آنذاك فسأساعدها كي تنظّف قلبها وسأملأ فراغها. ولكن لا أستطيع أن أكون سيّد قلبها دون معرفتها ورضاها».
1684- +أتواصل غالبًا مع الأشخاص المنازعين وأنال لهم الرحمة الإلهية. آه! كم عظيم هو صلاح الرب، أعظم من أن نستطيع إدراكه. هناك أوقات وأسرار في الرحمة الإلهية تنذهل منها السماوات. ليتوقّف حكمنا على النفوس لأن رحمة الله لها هي فائقة.
1685- في ساعة السجود اليوم طلبتُ إلى الرب يسوع أن يتنازل ويعلّمني الحياة الروحية فأجابني: «يا ابنتي، عيشي بأمانة الكلمات التي حدّثتك عنها. لا تبالغي في تقدير الأمور الخارجية ولو بدت ثمينة لك. انسي ذاتك واسكني فيّ بتواصل. إستودعيني كل شيء ولا تصنعي شيئًا من تلقاء ذاتك فتجدين دائمًا حرية الروح العظمى. لا تدعي الظروف والأحداث تقلقك، ولا تكترثي لمّا يقوله الناس. دعي كل واحد يحكم عليك كما يشاء. ولا تجدي أعذارًا لذاتك، لن يؤذك أحدٌ. أعطي كل شيء فور يُطلب إليك ذاتك، حتى ولو كانت لك أشياء ضرورية. لا تطلبي شيئًا دون أن تأخذي مشورتي. أتيحي لهم أن يأخذوا منك حتى ما يحقّ لك احترمي اسمك الشريف دعي روحك تترفع فوق كل ذلك. تحرّري إذًا من كل شيء وامكثي قريبة إلى قلبي ولا تدعي شيئًا يقلق سلامك. يا تلميذتي، تأملي في الكلمات التي حدّثتك بها».
1686- يا حبّي، يا معلّمي الأزلي، كم هي جميلة الطاعة لأنها عندما تلجّ النفس تحمل معها القوّة والمقدرة على الأرض.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق