105- يا يسوع احمني برحمتك واحكم عليّ بلين وإلّا أهلكتني عدالتك عن حقّ
1092- أدركت نفسي اليوم، وقد خيّمت علي عظمة الله، إنه رغم ما هو عليه من هذه العظمة، يُسرّ بالنفوس المتواضعة. يزداد اقتراب الله من النفس حنانًا، بقدر ما تزداد تواضعًا واذ يتّحد بها إتحادًا وثيقًا، يرفعها إلى عرشه بالذات. هنيئًا للنفس التي يحميها الله ذاته. توصلت أن أدرك أنّ للحبّ وحده قيمة. الحبّ هو عظمة، لا شيء، ولا أية انجازات تضاهي عمل حبّ واحد نقيّ لله.
1093- + يا يسوع احمني برحمتك واحكم عليّ بلين وإلّا أهلكتني عدالتك عن حقّ.
17 نيسان
1094- تأكّدت اليوم، أثناء محاضرة في الثقافة الدينية [ألقاها الأب ثيودور] ممّا كنت قد ادركته داخلي وعشته منذ زمن طويل، اي، إذا كانت نفس ما مُحِبّة الله بصدق ومتّحدة به اتّحادًا وديًّا، فلا شيء يستطيع أن يعكّر حياتها الداخلية، ولو عاشت وسط ظروف خارجية صعبة. وتستطيع أن تبقى نقيّة، وبدون عيب، في وسط الفساد لأن حبها الكبير لله يقوّيها في الجهاد. إن الله يحمي بشكل خاص، وعلى نحو عجائبيّ، النفس التي تحبّه بصدق.
1095- لما أعطاني الله ذات يوم إدراكًا داخليًا أنني لم أفقد أبدًا براءتي، وأنه، رغم كل المخاطر التي تجابهني. حماني هو بذاته، حتى أحتفظ بكارة روحي وقلبي نقية أمضيت النهار في صلاة شكر داخلية حارة. شكرته لانه ارتضى أن يحميني من الشرير وشكرته أيضًا لأنني وجدت نعمة في عينيه وقد أكّد هو لي ذلك بذاته.
1096-وبعد بضع سنوات، تنازل وثبّتني في هذه النعمة ومذاك لم أعد أختبر تمرّد الحواس ضد النفس. لقد كتبت هذا بتفصيل أكبر في غير مكان من يوميّاتي [راجع مقطع رقم ٤٠]. كلما تذكرت هذه النعمة غير المدركة يتدفّق من قلبي لهيب طريّ من الحب وعرفان الجميل لله. ويقودني هذا الحب إلى نسيان كامل لذاتي.
1097- منذ ذاك الوقت عشتُ تحت رداء أم الله العذريّ. لقد كانت دائمًا حاميتي ومعلِّمتي. إنني مطمئنّة جدًّا قرب قلبها الطاهر. ولأنني ضعيفة وعديمة الخبرة إنني أستكنّ كطفلة صغيرة قرب قلبها.
1098- رغم أنّ الله قد ثبّتني في هذه الفضيلة، ما زلت دائمًا على حذر وخائفة حتى من خيالي ولكن سبب ذلك هو حبي الشديد لله.
1099- أعطاني الله هذه النعمة لأنني، بكل وضوح، أضعف الناس. لذا أحاطني الكلي القدرة برحمة خاصة.
24 نيسان
1100- أستطيع أن أتحسس مسبقًا كل نعمة عظمى. يعتريني توق غريب وشوق الى اللع ثم أنتظر النعمة. وكلما عظمت النعمة كلما زاد حدسي إيضاحًا واشتدّ عراكي مع عدوّ خلاصي عُنفًا. إنّ نفسي هي أحيانًا في مثل هذا الوضع، فلا أستطيع وصفها إلّا من خلال المقارنة: يوجد صديقات حميمان، يحضّر الاول عيدًا كبيرًا وقد دعا إليه الآخر. وكلاهما ينتظرانه بشوق، وقد عُيِّنَت ساعة الإحتفال غير أن الدقائق التي تسبق هذه النعمة هي قاسية ويصعب وضعها. فهي تتميز بتوق مؤلم وبنار الحب. أستطيع أن أتحسس وجود الرب هنا. ولكن لا أستطيع أن أستغرق فيه تمامًا، لأنّ الساعة التي عيّنت لم تأتِ بعد. وإنني، قبل حلول وقت هذه النعمة، غالبًا ما أفقد عقلي وإرادتي وقلبي. أُترك وحدي وأنتظر الله وحده. وهو الذي يُحدِث ذلك فيّ قبل مجيئه 23 نيسان 1937. بدأت اليوم رياضة روحية لمدة ثلاثة أيام.
1101- عند المساء سمعتُ في نفسي هذه الكلمات: «إعلَمي يا ابنتي أنني سأخصّك بحديث من خلال هذا الكاهن [الأب بلازا] حتى لا يخالجك الشك حول رغباتي». وقد سبق وذُهِلت في التأمّل الاول من الكلمات التالية: لا يجب أن أعارض تصاميم الله وإرادته مهما كانت. عليّ أن أنفّذها حالما أتأكّد من حقيقتها وصحتها. ولا يستطيع احد أن يحررني من ذلك. مهما كانت ارادة الله، عندما أتوصّل الى معرفتها، يتوجّب عليّ تنفيذها. هذا مختصر وجيز للتأمّل ولكن قد انطبع كله في نفسي ولم يعدْ لديّ شك بأي شيء. إنني أعلم ما يريده الله مني وما يتوجّب عليّ عمله.
1102- هناك في حياتي ساعات وأوقات لتبصّر روحي أي إشراق إلهي. وذلك لمّا تتقبّل النفس معلومات داخلية حول أشياء لم تقرأ عنها في أي كتاب ولم تتعلّمها على يد أيّ معلّم. تحمل معها تلك الأوقات معرفة كبرى داخلية يشارك فيها الله بذاته النفس. تلك هي اسرار عميقة. أنالَ غالبًا نورًا ومعرفة بحياة الله الداخلية واستعداداته الودّيّة، ممّا يملأني ثقة قوية وفرحًا لا أستطيع استيعابه. فأتوق إلى الانحلال كليًّا في الله.
1103- + إنّ جوهر الحبّ هو التضحية والألم . تحمل الحقيقة معها اكليلًا من شوك. وتشمل الصلاة العقل والإرادة والعواطف.
1104- أعطيتْ اليوم دراسة شيّقة [للأب بلازا] عن جودة الله ورحمته. إختبرت نفسي في تلك المحاضرة لهيب حب الله وأدركت أن كلمة الله هي كلمة الحياة.
1105- إن فحص ضميري الخاص لا يزال كما هو، اي الاتحاد بالمسيح الرحوم والصمت. إنّ الزهور التي أنشرها على أقدام ام الله في شهر أيار هي ممارسة الصمت.
1106- + إنّ الفضيلة دون الحكمة ليست ابدًا فضيلة. علينا أن نطلب دائمًا إلى الروح القدس نعمة الحكمة هذه. تكمن الحكمة في الرصانة والتفكير العقلاني والمقاصد الشجاعة. ويعود لنا أن نأخذ المقصد الأخير. علينا أن نقرّر، إننا لنستطيع وينبغي أن نسأل عن النصيحة والإرشاد.
1107- في تأمل اليوم أعطاني الله نورًا داخليًا وأفهمني معنى القداسة ومضمونها. ورغم أنني سمعت هذه الأشياء مرارًا في المحاضرة، فإن النفس تفهمها بشكل خاص عندما تستعملها من خلال النور الدي يغدقه الله عليها. فلا النعم ولا الوحي ولا النشوة ولا الهبات المعطية تكمّل النفس، بل اتّحادها الودّي بالله. تلك الهبات ليست إلّا زينة للنفس. ولكن لا تكوّن جوهرها وكمالها. تكمن قداستي وكمالي في اتّحاد ارادتي بإرادة الله اتحادًا وثيقًا. لا يقهر الله ابدًت ارادتنا الحرّة. يعود لنا وحدنا قبول نعمة الله أو رفضها. ويتعلّق بنا أيضًا التعاون معها أو إضاعتها.
1108- في المحاضرة مساء امس، تحضيرًا لتجديد النذورات، تحدّث الكاهن عن السعادة المنبثقة من النذورات الثلاثة وعن المكافأة المتأتيّة من حفظها بأمانة، أُلقيتَ نفسي فجأة في ظلمة داخلية وامتلأتْ بالمرارة، بدل الفرح، وجاز قلبي ألم قاس وشعرت أنني حقيرة للغاية وغير أهل لهذه النعمة. وبسبب هذه الحقارة وعدم الاستئهال قد لا أجرأ ان أقترب من أقدام أصغر الطلبات سنًّا لأقبّلها. رأيت بالروح الطالبات جميلات ومرضيات للرب، وأنا هوّة من التعاسة. بعد المحاضرة ارتميت بالروح على أقدام الله الخفيّ وسط الدموع والألم، ألقيتُ بنفسي في بحر رحمة الله اللامتناهية، وهناك فقط تذوّقت الطمأنينة وشعرتُ أنّ رحمته الكليّة القدرة تغطّيني.