110- الجرح في قلبي هو ينبوع الرحمة التي لا تُدرَك. من هذا النبع تفيض كل النِعم على النفوس
1190- يسوع + «تتدفّق الرحمة على النفوس من جروحاتي كما من الجداول، إنما الجرح في قلبي هو ينبوع الرحمة التي لا تُدرَك. من هذا النبع تفيض كل النِعم على النفوس. إن لهيب الشفقة يحرقني. يزداد شوقي أن أسكبها على النفوس. حدّثي العالم كله عن رحمتي».
1191- تنمو فينا محبة الله طالما نحن على قيد الحياة. علينا أن نسعى لحبّ الله إلى ان يحين الممات. لقد تعلّمت واختبرت أن النفوس التي تعيش في المحبة تتميّز بوعي شديد للأمور العائدة إلى الله، في داخلها وفي داخل نفوس بقية البشر. وأن النفوس البسيطة ودون ثقافة، تتوفّق بوعيها هذا.
1192- في المرحلة الرابعة عشرة [من درب الصليب] أحسست بشعور غريب : إن المسيح يقع على الأرض. لمّا يعتري القلق نفسي أفكّر أنّ الله هو صالح ومليء بالرحمة، حتى ولو زحلت الأرض من تحت اقدامي، فلا تتوقف ثقتي به.
1193- سمعت اليوم هذه الكلمات: «يا ابنتي، بهجة قلبي، أتلذّذ بالنظر إلى قلبك. أمنح العديد من النعم من أجلك فقط. وامسك قصاصي من اجلك ايضًا. إنك تقفين بوجهي فلا أستطيع تلبية نداءات عدالتي. أنّك تقيّدين يديّ بحبّك».
13 تموز، 1937
1194- أرشدني اليوم يسوع إلى طريقة التصرّف مع إحدى الراهبات التي طرحت عليّ عدّة اسئلة حول امور روحية يراودها الشك فيها. غير أن قصدها الأساسي كان غير ذلك. لقد أرادت أن تقف على رأيي حول تلك الأمور ليكون لديها ما تقوله عنّي لبقيّة الراهبات. آه! حبذا لو ردّدت نفسي الكلمات التي تلفظت بها دون تحريف او زيادة. لقد حذرني يسوع منها قرّرت أن أصلّي من أجلها لأن الصلاة وحدها تنير النفوس.
1195- يا يسوع خاصتي، لا شيء يستطيع أن يُضائل مُثُلي، أي حبّي لك. رغم ان الطريق هي شائكة، لا أخاف أن أسير قُدُمًا. حتى ولو غطّتني عواصف ثلجية من الاضطهادات، ونسيني أصدقائي وتآمرت ضدي كل الأشياء واكفهرّ الأفق. حتى ولو انفجر الأعصار الصاخب واضطررتُ أن أجابهها وحدي، سأبقى في ملء الطمأنينة واثقة برحمتك يا إلهي، ولن يخيب أملي.
1196- لمّا اقتربت منّي اليوم احدى الراهبات، المعيّنة للخدمة في المائدة [غرفة طعام الراهبات حيث تتعيّن بعضهنّ للخدمة اوقات الأكل], شعرتُ بآلام قاسية في مكان الجروحات. لقد أُعطيت معرفة حالة نفسها وصلّيتُ كثيرًا من أجلها.
1197- تهدئة مفاجئة للعاصفة. ليلة أمس هبّت عاصفة مريعة. أحنيتُ وجهي الى الارض وبدأت بتلاوة طلبة جميع القديسين. قبيل نهاية الطلبة إعتراني صداع ثقيل وكدتُ لا أستطيع إنهاء الصلاة. نهضت حينئذ وقلت للرب: «يا يسوع هدّىء العاصفة لأن ابنتك لا تستطيع ان تتابع الصلاة وقد ثقل عليّ النعاس». بعد هذه الكلمات فتحت الشباك على مصراعيه دون أن آبه لتشبيثها بالمشبك. قالت لي حينئذ الأخت فلانة (ربما الأخت فابيولا بولاك Pauluk): «ماذا تصنعين يا أختي، لا شكّ أن الريّاح ستحطّم الشبابيك». قلت لها أن تنام بأمان. وللحال هدأت العاصفة تمامًا. في اليوم التالي تحدثتْ الراهبات عن هدوء العاصفة المفاجىء دون أن يدركن السبب. لم أقل شيئا ولكن فكّرت في داخلي أن يسوع والصغيرة فوستينا وحدهما يعلمان السبب.
20 تموز 1937
1198- علمت اليوم أنني سأذهب الى ربكا. كان مقررًا ان لا اذهب قبل الخامس من آب. ولكن طلبت إليّ الأمّ الرئيسة [إيرين] أن أذهب فورًا. لم ارَ بعد الأب أندراز وطلبتُ اليها ان اغادر في السرعة الممكنة. فتعجبت الأم الرئيسة من رغبتي في المغادرة فورًا. ولكن لم أشرح لها سبب رغبتي في هذا الشأن. سيبقى ذلك سرّ الى الأبد. في هذه الأحوال أخذتُ على ذاتي مقصدًا سأعمل لتنفيذه.
29 تموز
1199- سأغادر اليوم الى ربكا. ذهبت الى الكنيسة وطلبت الى يسوع سفرًا مطمئنًا. غير ان الصمت والظلمة سيطرا على نفسي. شعرتُ أنني وحدي ولا من أحد [التجىء اليه] سألتُ يسوع ان يكون معي، شعرتُ حينئذ بشعاع خافت من النور في نفسي، علامة ان يسوع هو معي. غير أن الظلمة والغموض تزايدا في داخلي، بعد هذه النعمة. فقلت: «لتكن ارادتك، لأنك أنت قادر على كل شيء». لمّا كنتُ في القطار اتمتّع من خلال الشباك بالمناظر الجميلة والجبال تفاقمت الالام في نفسي وتضاعفت لما بدأت الراهبات يُحطن بي ويستقبلنني بحرارة.
1200- تمنّيت أن أختبىء وأستريح قليلًا في العزلة، وبكلمة واحدة، أن أكون وحدي. في مثل هذه الحالة لا تستطيع أية خليقة أن تقوّيني، حتى ولو أردت أخبر شيئًا عن ذاتي لشعرتُ بقلق جديد. غير أنني حافظت على السكون في مثل هذه الحالة. وانصعت صامتة لارادة الله… هذا ما شجّعني. لم أطلب شيئًا من الخلائق ولم أتواصل معها إلا بما هو ضروري. ولا أثق بها الا اذا كان ذاك لمجد الله الأعظم. إن تواصلي هو مع الملائكة فقط [راجع متى ١٠/١٨ وخروج ٢٠/٢٣].
1201- لم أشعر بالراحة هنا فاضطررت أن ألازم الفراش. إعتراني ألم شديد في كل صدري ولم يعد باستطاعتي تحريك يديّ. وذات ليلة اضطررت أن أستلقي دون حركة. وبدا لن أنه لو تحرّكت لتمزّق كل شيء داخل رئتي. كان الليل دون نهاية. اتّحدت بيسوع المصلوب وتوسّلت الى الأب السماوي من اجل الخطأة. يقال ان مرض الرئتين لا يتسبّب بمثل هذه الأوجاع، غير انه آلمني دون انقطاع. لقد تدهورت صحتي هنا، الى حدّ اضطررت أن ألزم دائمًا الفراش وتقول الاخت فلانة [ربما الاخت هيلين] إن حالتي لن تتحسن لان الطقس في ربكا لا يلائم كل مريض.
1202- لم أستطع اليوم حتى الذهاب الى القدس وتناول القربان المقدس. وفي غمرة آلام النفس والجسد ثابرت في تردد: «لتكن مشيئة الرب، انني اعرف ان لا حدود لرحمتك». ثم رأيت ملاكًا ينشد تاريخ حياتي وكل ما تضمّنت فتعجّبت ولكن تقوّيت ايضًا.
1203- ألحّ عليّ مار يوسف أن أخصّه بإكرام متواصل. قال لي هو بذاته أن أتلو كل يوم ثلاث صلوات [الابانا والسلام والمجد] مرفقة بصلاة «تذكّر».
نظر إليّ برأفة فائقة وأفهمني كم يشجّع عمل [الرحمة] هذا. ووعدني بمساعدة وحماية خاصة. تلوت يوميًا ما طلب إليّ من صلوات وشعرت بحمايته الخاصة.
أول آب1937 رياضة روحية ليوم الأحد.
1204- رياضة ألم. يا يسوع، في هذه الايام المفعمة بالالام لا استطيع أن أتمم اية صلاة. لقد ازداد عذاب جسدي ونفسي. يا يسوع خاصتي، أنت ترى ان طفلتك تتقهقر. لا أقوم بعد باي جهد غير انني أُخضِعَ، بكل بساطة، إرادتي لإرادة يسوع. يا يسوع أنت دائمًا لي.
١٢٠٥- لمّا ذهبت الى الاعتراف، لم اعلم كيف اعترف. غير ان الكاهن [ربما الاب كازيمير راتكييقيكز Rutkiewicz] أدرك حالة نفسي للحال وقال لي: «أنت، رغم كل شيء، على طريق الخلاص، أنت في السبيل القويم، وقد يترك الله نفسك في هذه الظلمة والغموض حتى الموت، وقد لا تعود ساعات النور السابقة، ولكن إستسلمي في كل شيء لإرادة الله».
1206- بدأت اليوم تساعية لسيدة الانتقال على ثلاث نوايا : الأولى، أن أرى الأب الدكتور سوبوتشكو، الثانية أن يستعجل الله عمله، الثالثة من اجل وطني.
10 آب
1207- أنا عائدة اليوم الى كراكوف برفقة احدى الراهبات. يمزّق الألم نفسي. أنا بإتحاد متواصل مع الله بملء ارادتي فهو قوّتي واقتداري.
1208- لتتبارك، يا الله، من اجل كل شيء ترسله لي. لا شيء تحت الشمس يحدث دون ارادتك. لا أستطيع سبر اسرارك الخفيّة عليّ ولكن أشدّ بشفتي على الكأس التي تقدّمها لي.