يوميات القديسة فوستيناالدفتر الخامس

119- لو أدرك الخطأة رحمتي، لمّا هلكوا بهذه الأعداد الضخمة. قولي للنفوس الخاطئة أن لا تخف من الإقتراب مني

1376- اعطاني الرب فرصة لأمارس الصبر من خلال إحدى الأخوات التي كان عليّ أن أتمّم معها بعض المهمّات. كانت بطيئة للغاية لم يسبق أن رأيت أحد ببطئها. كان عليّ أن أتسلّح بصبر كبير وأستمع إلى أحاديثها المملّة.

1377- 5 تشرين الثاني. جاء هذا الصباح خمسة عاطلون عن العمل إلى البوّابة وألحّو في الدخول. وبعد أن طال جدال الأخت ن. معهم دون أن تتوصّل إلى إقناعهم بالإبتعاد، أتت إلى الكنيسة لتجد الأم [إيرين] التي قالت لي أن أذهب إلى المدخل. فسمعتهم، بينما ما زلتُ على بعض المسافة منه، يقرعون بصَخب على البوابة. إعتراني أولًا الخوف والشك ولم أعلم هل أفتح لهم الباب أم أتحدّث إليهم، مثل الأخت ن. من خلال النافذة. فسمعت فجأة صوتًا في داخلي يقول: «إذهبي وافتحي الباب وحدّثيهم بهدوء كما لو كنتِ تتحدّثين معي». فتحت الباب واقتربت ممّن هو أكثر تهديدًا وبدأت الحديث معه بهدوء وعذوبة حتى احتاروا في امرهم. وأخذوا يتحدّثون معي بتهذيب. وقالوا: «إنه من المؤسف أن لا يستطيع الدير أن يؤمن لنا عملًا». ثم ابتعدوا بطمأنينة. شعرت بوضوح أن يسوع الذي قبلته منذ ساعة في المناولة المقدّسة، قد حرّك قلوبهم من خلالي. آه! كم هو جميل العمل بإلهامات الرب!
1378- شعرت اليوم بتراجع في صحّتي فذهبت إلى الأم الرئيسة وطلبتُ الإذن للذهاب إلى النوم. غير أنني، قبل أن أطلب الإذن قالت لي الأم الرئيسة: «يا أختي عليكِ أن تتدبّري أمرك وتبقي وحدك على المدخل، لأنني سآخذ الفتاة لتعمل في زرع الملفوف فليس لديّ أحد غيرها ليقوم بهذا العمل». فوافقتُ فورًا وغادرت الغرفة. ولّما ذهبت إلى البوابة، شعرتُ أنني في غاية النشاط وبقيت في مركزي طوال النهار دون أن أشعر بانزعاج. فاختبرت قوّة الطاعة المقدّسة.

1379- 10 تشرين الثاني 1937. لما أرتني الأم [إيرين] الكتيّب مع صلوات السبحة والطلبات والتساعية، طلبتُ إليها أن أتوقف قليلًا عليه. ولمّا كنتُ أمعن النظر فيه، أفهمني يسوع داخليًا: «لقد جذبتْ هذه الصورة لغاية الآن، العديد من النفوس إلى حبّي. تعمل الرحمة في النفوس من خلال هذا الكتيّب». وأدركتُ أن نفوسًا عديدة قد اختبرت نعمة الله.

1380- أدركتُ أن الأم الرئيسة قد تحمل صليبًا ثقيلًا، بالإضافة إلى آلامها الجسدية، غير أن ذلك لن يدوم طويلًا.

1381- + لقد خطر لي أن لا آخذ الدواء بالملعقة، بل شيئًا قليلًا منه كل مرّة، لأنه غالي الثمن. فجأة سمعت صوتًا: «يا ابنتي، لا أؤيد مثل هذا التصرف. إقبلي بامتنان كل شيء تقدّمه لك رئيساتك وهكذا يزداد إرضاؤك لي».

1382- + لما توفيت الأخت دومنيك في الساعة الواحدة بعد نصف الليل، زارتني لتخبرني أنها توفيت. صلّيت من أجلها بحرارة. عند الصباح أتت الراهبات لتخبرني بوفاتها فقلتُ لهن أنني اعلم ذلك لأنها سبقت وزارتني.
طلبت إليّ الأخت الممرّضة [الأخت كريسوستوم] المساعدة في إلباسها. لمّا كنتُ وحدي معها، أفهمني الرب أنها لا تزال تتألم في المطهر. فضاعفت صلاتي من أجلها. ورغم الغيرة التي تدفعني دائمًا أن أصلّي من أجل الراهبات المتوفيات، لقد ارتكبت في عدد الأيام، وقدّمت على نيّتها يومَي صلاة فقط وليس ثلاثة أيام كما ينصّ القانون. في اليوم الرابع أتت إليّ وأخبرتني أنني لا أزال مَدينة لها بالصلاة وهي بحاجة إليها. قصدتُ فورًا أن أقدّم على نيّتها النهار بكامله، وليس فقط نهارًا واحدًا بل أكثر بكثير كما تمليه علينا محبة القريب.

1383- إرتأت بعض الراهبات أن الأخت دومنيك هي ربما في غيبوبة، ولم تمتْ، لاسيّما أن منظرها لا يوحي بالموت. واقترحتْ احدى الراهبات أن تضع مرآة أمام فمها لتتأكد من عدم وجود لهاث عليها، كما يحدث في حالة الوفاة. فوافقت وصنعنا كما إرتأينا. ولكن لم يِغَطِّ اللهاث المرآة، رغم أنه بدا لنا العكس. ولكن أفهمني الرب بُعد إستيائه من هذا التصرُّف ووبّخني بعنف مشيرًا إلى أنه لا يجب أن أتصرّف ضد قناعاتي. تواضعت بعمق أمام الرب وطلبت إليه السماح.

1384- أرى أن أحد الكهنة [ربما الأب سوبوتشكو] يحبّ الله كثيرًا ولكن يبغضه الشيطان بشدّة لأنه يقود النفوس إلى درجة عالية من القداسة ولا يسعى إلّا لمجد الله، ولكن أطلب دائمًا إلى الله أن يعطيَه صبرًا متواصلًا لا ينضب مع الذين يعارضونه. لمّا لا يستطيع الشيطان نفسه أن يؤذي، يستعين حينئذ بالبشر.

1385- 19 تشرين الثاني. أخبرني يسوع اليوم بعد المناولة، كم يرغب أن يسكن في قلوب البشر. «أريد أن أتحدّ بالنفوس البشرية وإن ابتهاجي هو في هذا الإتحاد. إعلمي، يا ابنتي، أنني عندما آتي إلى قلب بشري في المناولة المقدّسة، املأ يدي بكل أنواع النِعَم التي أريد أن أعطيها للنفس. غير أن النفوس لا تعيرني أي إهتمام. فتتركني وحدي لتنشغل بأمور أخرى. كم أنا حزين لجهل النفوس للحب. تتعامل معي وكأنني شيء جامد». أجبتُ يسوع: «يا كنز قلبي، موضوع حبي وكل بهجة نفسي، أريد أن أعبدك في قلبي كما تُعبد على عرشك في مجدك الأزلّي. يريد حبّي أن يعوّض، أقله، عن جزء من فتور عدد كبير من النفوس. خذ قلبي يا يسوع، الذي هو محلّ إقامتك حيث لا يدخل أحدٌ سواك. تستريح وحدك فيه كما في بستان جميل».

1386- «وداعًا يا يسوع، عليّ أن أذهبَ الآن للقيام بواجبي ولكن سأعبّر لك عن حبّي بالتضحية، فلا أهمل أو أترك أية مناسبة تفوّتني دون أن أمارس هذه التضحية». لمّا غادرتُ الكنيسة قالت لي الأم الرئيسة [إيرين]: «لن تذهبي إلى المحاضرة في التعليم الديني، يا أختي، يل ستبقين في مهمّاتك».
حسنًا يا يسوع، ها أنا أحظى طوال النهار بمناسبات عديدة للتضحية. فلن أهمل واحدة منها، بفضل قوّة الرّوح التي أستمدّها من المناولة المقدّسة.

1387- هناك بعض الصدف في الحياة تبدو فيها النفس عاجزة عن فهم الخطاب البشري. يتعبها كل شيء ولا تريها إلا الصلاة الحارّة. تجد النفس الطمأنينة في الصلاة التقّية، حتى ولا أرادت إيضاحات الخلائق، تزيدها كل الإيضاحات قلقًا.

1388- + في أحد أوقات الصلاة أدركتُ كم ترضي الله نفس الأب أندراز. هو طفل حقيقي له. وقلّ ما تسطع النبوّة الإلهية في نفس ما. كل ذلك بفضل تعبّده الخاص لأمّ الله.

1389- يا يسوع خاصتي، رغم أنني أعاني من نزوات قويّة، عليّ أن أتعامل معها ببطء كي لا أهدى عمل الله بتسرّعي. يا يسوع خاصتي، لقد أطلعْتني على أسرارك وتريدني أن أنقلها إلى نفوس أخرى. سيتاح لي قريبًا أن أتحرّك. في حين يبدو فيه كل شيء مهدّمًا تمامًا، تبدأ رسالتي الآن ولن يعيقها بعد شيء. تلك هي إرادة الله التي لن تتبدّل. رغم معارضة العديد من البشر، لا شيء يغيّر ارادة الله.

1390- أرى الأب سوبوتشكو كيف أن تفكيره منهمك بقضية الله كيف يعرض رغبات الله تعالى على المسؤولين في الكنيسة. ونتيجةً لجهوده سيشعُّ في كنيسة الله نور جديد لتعزية النفوس. رغم أن المرارة تملأ نفسه اليوم، وكأنها هي المكافأة على جهوده في قضية الرب، فلن يبقى الوضع على هذه الحال. أرى فرحة الذي لن يضعفه شيء. وسيعطيه الرب شيئًا من هذا الفرح هنا على الأرض. لم يسبق لي أن رأيت أمانة لله بهذه العظمة تميّزت بها نفسه.

1391- اليوم وقت العشاء على المائدة، شعرتُ بعمق نظر الله في قلبي. سيطر مثل هذا الحضور الحيّ على نفسي، حتى لم أعد أدرك، بعض الوقت، أين كنتُ. ملأ حضور الله العذب نفسي ولم أعدْ أدرك، آنذاك، ماذا كانت تقول لي الراهبات.

1392- يعود الفضل في كل ما عندي من صلاح إلى المناولة المقدسة. إنني مدينة لها بكل شيء. أشعر أنّ هذه النار المقدّسة حوّلتني تمامًا. آه! كم أنا سعيدة أن أكون مقرّ إقامتك، يا سيد، إن قلبي هو هيكل تسكن فيه دائمًا.

+ي.م.ي.
1393- يا يسوع، بهجة نفسي، قوت الملائكة،
يستغرق كل كياني فيك.
وأعيش حياتك الإلهية كمختاريك في السماء.
وأن حقيقة تلك الحياة لن تتوقف رغم أنني سأسجن في القبر

يا يسوع القربان، الإله الأزلي
الذي يسكن في قلبي دون إنقطاع،
لا يستطيع الموت أن يؤذيني عندما أمتلكك.

مشبعة بحياتك الإلهية،
أحدّق بثقة في السماء التي فُتحَت لي.
يهرب الموت خجلًا فارغ اليدين،
أن نفسي تمتلك حياتك الإلهية

رغم أن الموت سيحلّ جسدي،
تلك هي إرادتك يا رب
أريد أن يحدث هذا التفكك في أقرب وقت ممكن
لأنني من خلاله سأدخل الحياة الأبدية.

يا يسوع القربان، حياة روحي
لقد رفعْتني إلى الكواكب السماوية
وذلك بفضل نزاعك وموتك في غمرة الالام المخيفة

26 تشرين الثاني 1937
1394- رياضة روحية ليوم واحد. في سياق الرياضة وهبني الله نور التعمّق في إرادته ومزيد إستسلام ذاتي التامّ لتلك الإرادة المقدّسة. ثبَّتني هذا النور بسلام ثابت وجعلني أدرك أنه ينبغي عليّ أن لا أخاف إلا من الخطيئة.
كل ما يرسله الله لي، أقبله بخضوع تام لإرادته الإلهية. وحيثما يضعني سأحاول أن أتمّم إرادته بأمانة، وأن أحقّق رغباته بقدر إستطاعتي، حتى ولو كانت إرادة الله صعبة وشاقة مثلما كانت ارادة الأب السماوي قد تحققت بهذا الشكل في إبنه الحبيب، فستتحقّق فينا أيضًا بالشكل ذاته: بالألم والاضطهاد والتعسّف والإزدراء. من خلال كل ذلك تتشبّه نفسي بيسوع. ويزداد تشبهي بيسوع بقدر ما تزداد آلامي، وهذا هو السبيل الأسلم. ولو كان هناك أفضل لأبانه يسوع لي. لن يأخذ الألم طمأنينتي. ولو تمتّعتُ من جهة أخرى بسلام عميق، فلن يقلل هذا السلام خبرتي في الألم. ورغم أن وجهي هو غالبًا منحنيٌ للأرض، والدموع ذارفة من عينَيّ ، تمتلىء روحي، بالوقت نفسه، طمأنينة وسعادة عميقين.

1395- أريد أن أختبىء في قلبك الكلي الرحمة مثل ما تختبىء نقطة الندى في برعم الزهرة. إحمني في هذا البرعم من جليد العالم. لا أحد يستطيع أن يدرك هذه السعادة التي ينعم بها قلبي في عزلته مع الله وحده.

1396- سمعت اليوم صوتًا في داخلي: «آه! لو أدرك الخطأة رحمتي، لمّا هلكوا بهذه الأعداد الضخمة. قولي للنفوس الخاطئة أن لا تخف من الإقتراب مني. حدّثيهم عن رحمتي العظيمة».

1397- قال لي الرب: «تغرقني خسارة كل نفس في حزن مميت. أنت تعزيني دائمًا عندما تصلّي من أجل الخطأة. إن أكثر الصلوات إرضاءً لي هي الصلاة من أجل ارتداد الخطأة. إعلمي، يا ابنتي، إنني أصغي دائمًا إلى هذه الصلاة وأستجيبها».

1398- لقد اقترب زمن الميلاد. أريد أن أحضّر قلبي لمجيء المسيح، بالصمت والتأمّل الروحي، متّحدة بالأم الكليّة القداسة ومقتدية بأمانة بفضيلة صمتها التي نالت رضى الله. إنني أثق أنني، إلى جنبها، سأحافظ على هذا القصد.

1399- لمّا دخلتُ الكنيسة لوقت قصير عند المساء شعرتُ بوخز شوك في رأسي. لمْ يدم ذلك طويلًا ولكن كان الألم بغاية الشدّة، ممّا جعل رأسي يسقط على حاجز المناولة. شعرتُ أن الشوك غرز في دماغي. غير أن كل ذلك ليس على ذات أهمية، فهو من أجل النفوس لأنال لها رحمة الله.

1400- أعيش من ساعة إلى ساعة، ولا أستطيع أن أتدبّر بغير هذه الطريقة. أريد أن أستفيد من الحاضر إلى أبعد حدّ متمّمة بأمانة كل ما يُعطى لي. أتكل في كل شيء على الله بثقة لا تتزحزح.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق