الدفتر السادس

134- (1611-1630) أنا قربانة في يدك يا يسوع خالقي

1611- + لمّا حمل إليّ الكاهن المرشد [الأب تيودور] الرّب يسوع، مررتُ بأوقات سيطر عليّ فيها حضور ناشط الله، وجعلني الرّب أدرك قداسته. في مثل هذه الأوقات أرى أصغر النقاط السوداء في نفسي وأرغب أن أنقّيها قبل كل مناولة مقدّسة. ولمّا سألت الكاهن المعرّف قال لي إنه لا حاجة أن أعترف قبل كلّ مناولة مقدّسة. فالمناولة المقدّسة تزيل هذه الشوائب الصغيرة وإنها لتجربة أن تفكر بالإعتراف قبل كل مناولة مقدّسة. لم أتمادى في شرح حالة نفسي في أدقّ تفاصيلها لأنه لم يكن مرشدي بل مجرّد كاهن معرِّف. لم تأخذ هذه المعرفة من وقتي لأنها أسرع من البرق، لقد اشعلت حبّي تاركة إياي في التأمل في معرفة ذاتي.

1612- + 20 شباط 1938. قال لي الرّب اليوم: «أنا بحاجة إلى آلامك لأنقذ النّفوس».
يا يسوع، إصنع فيّ ما يرضيك. لم يكن لديّ الشجاعة أن أطلب من الرّب المزيد من الآلام، لأنّني تألّمت كثيرًا في الليلة الماضية وقد لا أستطيع أن أتحمل بعد نقطة واحدة أكثر ممّا أعطاني الرّب.

1613- شعرت بآلام مُرّة طوال الليل كلّه تقريبًا، وكأنَّ أحشائي تتمزّق اربًا. تقيّأت الدواء التي أخذته. لمّا أحنيت رأسي نحو الأرض، فقدت وعيي، وبقيت كذلك لبعض الوقت ورأسي على الحضيض. لمّا إستعدتُ وعيي، أدركت أنّ كلّ جسدي كان يضغط على رأسي ووجهي، وقد غطّاني القيء. ظننتُ أن هذه نهايتي. كانت تحاول الأم الرّئيسة [إيرين] والأخت ترسيسيا مساعدتي بقدر إمكانهما. طلب منّي يسوع العذاب لا الموت. يا يسوع إصنع فيّ ما يرضيك ولكن أعطني القوّة لأتألّم. إنني أحتمل كلّ شيء طالما أنت تقوّيني. أيتها النّفوس. كم أنا أحبّك.

1614- جاءت اليوم إحدى الرّاهبات. [ربّما الأخت أميليا] لتراني وقالت لي: «يا أختي، لديّ شعور غريب كأنّ شيئًا يقول لي أن آتي وأعهد إليك ببعض مشاكلي قبل أن تموتي. وربّما سيكون باستطاعتك أن تتوسّلي إلى الرّب يسوع فيدبّر لي كلّ هذه الأمور. أسمع صوتًا في داخلي يقول لي إنه سيكون باستطاعتك أن تحصلي لي على ذلك». أجل، شعرتُ في نفسي أنني  بعد موتي، سأستطيع أن أنال من يسوع أكثر ممّا أناله في الوقت الحاضر. فأجبتها بالصراحة نفسها: «سأذكرك يا أختي، أمام عرشه».

1615- لمّا دخلت إلى المهجع المجاور لأزور الرّاهبات المريضات قالت لي إحداهنّ: «يا أختي، عندما تموتين فلن أخاف منك أبدًا تعالي وزوريني بعد موتك لأنني أريد أن أعهد لك بسرّ يتعلّق بنفسي وأريد أن تتوسّلي لدى الرّب يسوع من أجلي. أنا على يقين أنه سيكون باستطاعتك أن تنالي منه طلبي هذا». لأنها كانت تتكلّم علنًا أجبتها بما يلي: «إن الرّب يسوع هو كتوم جدًّا ولن يبوح أبدًا لأحد بسرٍّ مُودع بينه وبين إحدى النّفوس».

1616- +أيها الرّب يسوع أشكرك لأنك جعلتني أطابق حياتي على حياتك من خلال التّضحية، أرى أن هذا الإناء الأرضيّ بدأ يتفتّت، وأنني لأسعد بذلك،  لأنني سأكون قريبًا في بيت أبي [يوحنّا ٢/١٤].

1617- 27 شباط 1938. ذهبت اليوم إلى الاعتراف عند الأب أن. [أندراز]. صنعت كما أراد يسوع بعد الاعتراف. امتلأت روحي بدفق نور ثُمّ سمعت صوتًا: «لأنك طفلة، ستبقين قريبًا في قلبي. إن بساطتك ترضيني أكثر من إماتاتك».

1618- هذه هي كلمات الأب أندراز «عيشي بإيمان أكثر قوّة. صلّي كي يزداد انتشار المعرفة بالرّحمة الإلهيّة وأن يقع العمل بين أيادي صالحة تحسن تدبيره. أمّا بما يتعلّق بك، كوني هنا راهبة صالحة- رغم أن الأمور ستكون كذلك على أحسن حال- ولكن حاولي أن تكوني هنا راهبة صالحة. والآن إذا كنت تشعرين بإلحاحات الربّ وتتأكّدين منها أنها صادرة عنه فاتبعيها. كرّسي للصلاة كل الأوقات المكرّسة لها وبعدئذٍ تكتبين مذكّراتك».

1619- + اليومان الأخيران من المرفع. تفاقمت آلامي الجسديّة فوطّدت اتّحادي مع آلام المخلّص طالبة منه الرّحمة للعالم كلّه الذي جنّ في ضلاله.                        

طوال النّهار شعرتُ بألم إكليل الشّوك. ولمّا عدت إلى فراشي لم أستطع أن ألقي رأسي على المخدّة، ولكن توقفتْ الآلام عند السّاعة العاشرة فغرقت في النوم. غير أنني شعرتُ في اليوم التّالي أنني في غاية الإرهاق.

1620-+يا يسوع القربان إذا لم تساعدني أنت فلا أستطيع أن أثابر على الصّليب ولا أستطيع أن أتحمل مثل هذه الآلام. ولكن قوّتك تبقيني في مستوى عالٍ وتحوِّل آلامي إلى استحقاقات. تعطيني دائمًا القوّة لأسير قدمًا وأربح السّماء بالقوّة وأن أحمل الحبّ في قلبي لكل الذين تألّمتُ من عداوتهم وحقدهم. نستطيع بنعمتك أن نصنع كلّ شيء.

1621- أول آذار 1938

رياضة روحيّة ليوم واحد.

وقت التأمل تعلّمت أنه ينبغي بقدر استطاعتي أن أختبئ في عمق قلب يسوع وأن أتأمّل في آلامه المفعمة حزنًا وأن ألجّ في عواطف قلبه الإلهي المليء رحمة للخطأة. ولكي أنال الرّحمة لهم سأفرغ ذاتي كلّ لحظة فأعيش بإرادة الله.

1622- طوال هذا الصوم، أنا قربانة في يدك يا يسوع. استعملني كي تلجّ أنت إلى قلوب الخطأة. أطلبْ منّي ما يطيب لك. فلا تصعب عليّ تضحية عندما تكون النفوس في خطر.

1623- +قدّمت القداديس والمناولات طوال هذا الشّهر على نيّة الأب اندراز، كي يعطيه الله معرفة أعمق لحبّه ورحمته.

1624- سأمارس هذا الشّهر الفضائل الثلاث التي توصيني بها أم الله: التّواضع الطهارة وحبّ الله، راضية بخضوع عميق إلى ارادة الله، بكلّ ما سيرسله لي.

1625- 2 آذار 1938. بدأت الصّوم المقدّس بالشكل الذي يريده يسوع مرتبطة كلّيًا بإرادته المقدّسة وقابلة بحبّ كل ما يرسله لي. لا أستطيع أن أقوم بإماتات أوفر لأنني ضعيفة للغاية. لقد أضعف هذا المرض كلّ قوّتي. أتحد بيسوع من خلال الألم. تخفّ آلامي الجسديّة عندما أفكّر بآلامه المرّة. 

1626- قال لي الرّب: «سآخذك طوال الشهر إلى مدرستي لأعلّمك كيف تتألّمين». فأجبتُ: «أنا مستعدّة معك على كلّ شيء». وسمعت صوتًا: «أسمحُ لكِ أن تشربي مرّ الكأس التي شربت منها. إنني أخصّك اليوم وحدك بهذا الإنعام».

1627- + شعرتُ اليوم بآلام المسيح في كلّ جسدي وأفادني الله عن ارتداد بعض النّفوس.

1628- وقت القدّاس رأيت بسوع ممدّدًا على الصليب وقال لي: «يا تلميذتي، ليكن لديك حبّ كبير لكلّ الذين تسببوا بآلامك، وأحسني إلى الذين يبغضونك». أجبتُ: «يا معلّمي، أنت ترى أنني لا أشعر بحبّ نحوهم وهذا ما يقلقني». أجابني يسوع: «ليس باستطاعتك دائمًا أن تسيطري على شعورك. ستدركين أنّ لديك الحبّ لأجل الذين آلموك وتتمنّين لهم الخير». عندئذٍ رجعت. […]

+ي.م.ي.

1629- أنا قربانة في يدك يا يسوع خالقي ومخلّصي.
          صامتة، مختبئة دون جمال أو سحر،
          لأنّ كلّ جمال نفسي هو مطبوع في داخلي.
          أنا قربانة في يدك أيها الكاهن الإلهي،
          إصنع معي ما يطيب لك.
          أنا خاضعة تمامًا لإرادتك يا رب،
          لأنّ ذلك يسعد نفسي ويزيّنها.
          أنا مثل برشانة بيضاء في يدك يا الله،
          أضرع إليك حوّلني إلى ذاتك.
          فلأختبئ كلّيًا فيك واحبس ذاتي في قلبك الرّؤوف
          كما في السّماء.

          أنا مثل قربانة في يدك أيها الكاهن الأزليّ،
          فليخبئني خبز جسدي من العين البشريّة،
          ولتقسْ عينك وحدها مقدار حبي وعبادتي،
          لأنّ قلبي هو دائمًا متّحد بقلبك الإلهي.

          أنا مثل برشانة ذبيحة في يدك أيها الوسيط الإلهي
          واحترق على مذبك التضحية.
          فأُسحَقُ وأُطحَنُ مثل حبّات القمح.
          كلّ ذلك من أجل مجدك ومن أجل خلاص النّفوس.

          أنا برشانة مختبئة في بيت قربان قلبك.
          أسير في الحياة غريقة في حبّك.
          ولا أخاف شيئًا في العالم،
          لأنّك أنت درعي وقوّتي وحمايتي.

          أنا برشانة مرميّة على مذبح قلبك
          لأحترق للأبد بنار الحبّ،
          لأنّني أعلم أنك رفعتني بفضل رحمتك فقط،
          لذا أحرق كلّ هذه الهِبات والنّعم من أجل مجدك.

          أنا برشانة في يدك أيها القاضي والمخلِّص.
          في ساعتي الأخيرة
          فَلتقدْني قوّتك إلى غايتي
          ولتفِض رأفتك في إناء رحمتك.

1630– قوِّ، يا يسوع نفسي حتى لا يتغلّب العدو. أنا الضّعف بالذّات بدونك. وما أنا بدون رحمتك سوى لجّة من التّعاسة. فالتّعاسة هي كلّ ما أملك.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق