الدفتر السادس

139- (1687-1703) يسوع: «سأسمح بتهديم الأديرة والكنائس».

1687- رأيت اليوم الرب يسوع مصلوبًا. كانت دور ثمانية وقِطَع من الألماس تتدفّق من جروح قلبه. ورأيت عددًا من النفوس تجمع تلك الهبات. ولكن كانت بينها أقرب النفوس إلى قلبه، تجمع هذه الهبات بسخاء وهي مدركة عظمتها، ليس فقط لذاتها بل أيضًا للآخرين. قال لي المخلص: «هذه كنور النعمة التي تتدفّق على النفوس، ولكن لا تعرف كل النفوس، أن تستفيد من سخائي».

1688-
قال لي الرب اليوم: «يا ابنتي أنظري إلى داخل قلبي الرؤوف واعكسي رأفته على قلبك وأعمالك، حتى تستطيعي أنت تلتهبي منها، أنت التي تعلنين رحمتي إلى العالم».

1689- 8 أيار 1938.
رأيت اليوم عمودين ضخمين مزروعين في الأرض. ركّزتُ عمودًا منها وركّز شخص آخر س. م العمود الثاني. صنعنا ذلك بجهد فائق، بكثير من التعب والصعوبة. ولمّا ركّزت العمود، تعجّبتُ من أين أتتني تلك القوّة. وأدركت أنني لم أقم بهذا العمل بفضل قوتي بل بالقوّة التي أتتني من علوّ.
كان هذان العمودان قريبين من بعضهما البعض حول الصورة. ورأيت الصورة مرفوعة عاليًا ومعلّقة بين العمودين. وفجأة إرتفع هيكل ضخم مركّز عليهما من الداخل والخارج. ورأيت يدًا تنهي بناء الهيكل دون أن أرى صاحبها. وتجمهر عدد كبير من البشر داخل الهيكل وخارجه، وفاض على كلّ واحد سيل من الأشعّة المتدفّق من قلب يسوع الكلي الرأفة.

1690-
بعد المناولة المقدّسة قال لي يسوع: «أعطني يا إبنتي، نفوسًا. إعلمي أن رسالتك تكمن في كسب النفوس إليّ بصلاتك وتضحياتك وبشجاعتك لها أن تثق برحمتي». 

1691-
آه! إن شوقي إلى مجد رحمتك يوازي شوقي إلى المرارة والألم. تغمرني سعادة لا حدّ لها عندما أرى مجد رحمتك. فيحلّ عليّ كل بؤس وتحقير والإذلال، فلا بأس. يدوي تمجيد رحمتك ومديحها في كل مكان.

1692-
إنني أعبد أيها السيد الخالق المختبئ في القربان المقدّس. أعبدك لأجل كل أعمال يديك التي تُظهر مدى حكمتك وصلاحك ورحمتك يا رب. لقد نشرت فوق الأرض الكثير من الجمال الذي يخبر عن جمالك، رغم أن جمال الأشياء ليس إلّا انعكاسًا ضئيلًا عن جمالك الذي لا يدرك. رغم أنك اختبأت وأخفيت جمالك، فإنّ عينيّ المستنيرة بالإيمان تبلغ إليك وتتعرّف نفسي إلى خالقها إلى إلهها العليّ. ويستغرق قلبي كليًّا في الصلاة العبادة.
يا سيدي وخالقي، يشجّعني صلاحك على التحدّث معك. تزيل رحمتك اللجّة التي تفصل بين الخالق والخليقة. إن سعادة قلبي هي في التحدّث معك يا رب. أجد فيك كل ما يشتهيه قلبي. هنا يُضيء نورك عقلي فيتيح لمعرفته أن تزداد تعمّقًا بك. هنا تتدفّق على قلبك جدول نعمك. هنا تستقي نفسي الحياة الأبدية. يا سيدي وخالقي، أنت وحدك، أبعد من كل هذه الهبات، تعطيني ذاتك وتتّحد بمودّة مع خليقتك الحقيرة. هنا، دون أن تفتّش عن كلام، يتفاهم قلبانا. هنا لا يستطيع أحد أن يقاطع حديثنا.
ما أقوله لك يا يسوع، هو سرّنا الذي لن تُدركه الخلائق ولا تجرأ الملائكة أن تسأل عنه، تلك هي أسرار المغفرة التي نعرفها وحدنا يسوع وأنا. هذا سرّ رحمته التي تغمر كل نفس منفردة. أعبدك يا سيدي وخالقي من كل قلبي وروحي، من أجل صلاحك الذي لا يدرك. رغم أن عبادتي هي قليلة وحقيرة وغير ملائمة، فإنني مطمئنّة، لأنني على يقين أنك تعرف أنها صادقة.

1693-
بينما كنتُ أكتب هذه الكلمات، رأيت الرب يسوع ينحني عليّ ويسألني: «ماذا تكتبين يا إبنتي؟» فأجبت: «إنني أكتب عنك يا يسوع، عن إختفائك في القربان المقدّس، عن حبّك الذي لا يدرك عن رحمتك للبشر». فقال يسوع: «يا كاتمة سرّي العميق، إعلمي أن سرّك هو امتياز مودّة بينك وبيني. سيقرأون هذه الكتابات، فتتقوّى نفسُهم وتتشجّع على الإقتراب منّي. أريد أن تكرّسي كل أوقاتك الحرّة للكتابة».
«يا رب وهل سيكون دائمًا لي وقت ولو قصيرًا، لأكتب؟» أجابني يسوع: «ليس من واجبك أن تفكّري بذلك إصنعي ما عليك القيام به وسأتدبّر الأمور كي تستطيعي أن تنفّذي بسهولة ما أطلبه منك».

1649-
زارتني اليوم إحدى الراهبات [ربما ستانسلافا كفيتنيسكا Satanislava Kweietniewska] وتسببت لي بالكثير من الحزن. وقد إستغلت طيبة قلبي لتروي لي أكاذيب عديدة. تجمّد الدم في عروقي، لحظة رأيتها. وقد إمتثل أمام عيني كل ما تحمّلته من ألم بسببها؛ وقد كان بإمكاني أن أتحرّر من كل ذلك بكلمة واحدة. وخَطر على بالي أن أقول لها فورًا وبحزم كل الحقيقة. ولكن في الوقت نفسه حضرت أمام عيني رحمة الله وقرّرت أن أتصرّف معها كما يتصرّف يسوع لو كان مكاني.
بدأت أتحدّث معها بلطف. ولمّا أبدت رغباتها بالتحدّث معي على إنفراد، شرحت لها بوضوح وبكل تهذيب حالة نفسها التعيسة. رأيت أنّها تأثّرت في العمق رغم محاولة إخفاء ذلك عنّي. في هذا الوقت دخل شخص ثالث فانتهى حديثنا الودّي. طلبت منّي كأس ماء وشيئين آخرين فلبّيتُ طلبها بطيبة خاطر، لولا نعمة الله لما استطعت أن أتصرّف معها بهذا الشكل. ولمّا غادرتْ شكرت الرب على النعمة التي قوّتني طوال هذا الوقت.

1695-
ثم سمعت هذه الكلمات: «إنني سعيد لأنك تصرّفت كابنة حقيقيّة لي. كوني دائمًا رحومة كما أنا رحوم. أحبّي كل واحد حبًا بي، حتى أكبر أعدائك كَي تنعكس رحمتي بملئها في قلبك».

1696-
أيها المسيح كل شيء مستطاع مع نعمتك ولو كلّف ذلك الكثير من الجهد.
1697-  شعرتُ بتحسُّن ملموس اليوم وكنتُ سعيدة لاستطاعتي القيام بساعة السجود. ولكن لمّا بدأت بساعة السجود هذه، تكثّفت آلامي الجسديّة فلم أتمكّن من الصلاة. وتوقّفت آلامي في نهاية الساعة. فشكوت إلى الربّ رغبتي الشديدة في الإشتراك بآلامه الحزينة وإن آلامي منعتني من تحقيقها.
فقال لي يسوع: «إعلمي، يا ابنتي، أنني لو سمحتُ لك أن تعمّقي معرفتك بآلامي فذلك من فيض نعمتي. ولكن عندما يُظلِم فكرك وتزداد آلامك فعندئذ ينشط إشتراكك بآلامي وتتطابق حياتك كليًّا مع حياتي. أن من واجبك أن تخضعي لإرادتي المقدّسة في مثل هذه الأوقات أكثر من أي وقت آخر».

1698-
أهتمُّ غالبًا بالمنازعين وأنال لهم من خلال التوسّلات الثقة برحمة الله. وأسأله فيض نعمته الإلهية التي تؤمّن لهم دائمًا النصر. إن رحمة الله تلامس أحيانًا الخطاة في ساعاتهم الأخيرة بشكل عجيب وسرّي. يبدو خارجيًا أن كلّ شيء قد ضاع، ولكن ليس الأمر كذلك. ترجع النفس إلى الله في ساعاتها الأخيرة وقد إستنارت بشعاع نعمته الأخيرة الجبّارة، فيغمرها حبّ قويّ وتنال فجأة من الله مغفرة الخطيئة والعقاب مع أنه لا تظهر في الخارج أيّة إشارة إلى التوبة والندامة، لأنه لم يعدْ باستطاعة النفوس [في هذه المرحلة] إبداء أيّة ردة فعل خارجية.
آه! كم تفوق رحمة الله كل إدراك. ولكن، يا للويل، هناك نفوس تَرفض النعمة بملء وعيها وإرادتها وتحتقرها. رغم أن الإنسان قد يبلغ إلى حافة الموت، فإن الله الرحوم يعطي لنفوس هذا الوعي الداخلي الناشط حتى تتمكّن، إذا أرادت، من العودة إليه. ولكن أحيانًا يتفاقم تحجّر النفوس فتختار بوعيها الجحيم. فتُبطلُ هكذا مفعول كل الصلوات التي يقدّمها الآخرون من أجلها وتبطل جتى جهد الله بالذات.

1699- ي.م.ي.
العزلة هي أطيب أوقاتي.
العزلة ولكن معك يا يسوع السيّد، تطيب لي تمضية الوقت بقرب قلبك، وتجد نفسي طمأنينتها.
عندما يمتلئ القلب منك ويطفح بالحب وتلتهب النفس بنارك الطاهر، حينئذ لا تشعر بالعزلة، في غمرة اليأس. لأنها ترتاح في أحشائك. أيتها العزلة أوقات الصداقة السامية،
ولو أهملتْني كل الخلائق استغرقُ كليًّا في محيط جودتك،
فتستطيبن السماع إلى أحاديثي الوديّة.

1700-
سألني الرب هذا المساء: «هل ترغبين شيئًا؟» أجبتُ: «لي رغبة واحدة وهي أن أتّحد بك إلى الأبد». فأجابني الرب: «هذا ما سيحدثُ قريبًا، يا ابنتي العزيزة. لقد انعكس توقَك في قلبي وارتاح نظري فيكِ قبل أيّة خليقة أخرى».

1701-
طلبت إلى الرب اليوم أن يدرّبني على الحياة الداخليّة لأنني وحدي لا أستطيع أن أفهم عنها شيئًا ، كما يجب، أو أن أستوعبها. فأجابني الرب: «كنت في الماضي معلّمك وأنا اليوم كذلك، وسأبقى دائمًا معلّمك. اسعي أن تجعلي قلبك وديعًا ومتواضعًا مثل قلبي. لا تطلبي أبدًا بحقوقك. تحمّلي بهدوء وصبر كلّ شيء يثقل عليك. لا تدافعي عن ذاتك عندما تذلّين ولو كنت بريئة. دعي الآخرين ينتصرون. ثابري في عمل الخير عندما تلاحظين أن طيبة قلبك مستَغلَّة. أنا بذاتي أدافع عنك عندما أجد ضرورة لذلك. كوني أمينة على أصغر نعمي، لأن معرفتك للجميل تُجبرني أن أذهب المزيد منها».

1702-
قُبيل نهاية درب الصليب الذي كنتُ أقوم به، أخذ الرب يسوع يتأفّف من نفس الرهبان والكهنة ومن فقدان حبّهم للنفوس المختارة. «سأسمح بتهديم الأديرة والكنائس». أجبتُ: «ولكن يا يسوع، هناك نفوس عديدة تمجّدك في الأديرة».
أجابني الرب: «يجرح هذا التمجيد قلبي لأن الحُب طُردَ من الأديرة. نفوس دون حُبّ وعبادة، نفوس مليئة بالأنانيّة وحبّ الذات، نفوس مليئة بالكبرياء والتعجرف، نفوس مليئة بالخُبث والشرّ، نفوس فاترة وفيها من الحرارة فقط ما تحتاج إليه لتبقى على قيد الحياة. لا يستطيع أن يحتمل قلبي ذلك.  إن كل ما أغدق عليها من نعم ينساب عنها كما عن صخر. لا أستطيع تحمّلها، لأنها ليست صالحة أو شريرة».

«أوجدت الأديرة كي يتقدّس العالم من خلالها. وكان ينبغي أن يتدفّق منها لهيب قويّ من الحبّ والتضحية. فإذا لم يتوبوا ويستعيدوا حبهم الأول، سأدفع بهم إلى قَدَرِهم في هذا العالم كيف يستطيعون أن يقفوا على عرش الحكم المقرّر ليدينوا العالم عندما يكون ذنبهم أكثر فظاعة من ذنب العالم؟
لا أجد توبة أو تكفيرًا. أيها القلب، إن كل الذين قبلوني في هذا الصباح وفي الظهيرة هم يلتظّون بكلّ أنواع الحقد عليّ. أيها القلب الذي خصّك إختياري، هل أنا اخترتك لتزيد آلامي؟ إن أكبر خطايا العالم هي بمثابة جرح طفيف في قلبي أما خطايا النفوس المختارة فهي تجتاز قلبي من جهة إلى جهة».

1703-
لمّا حاولت أن أتشفّع لهم لم أجد شيئًا يعذرهم. وامتعض قلبي ألمًا وبكيت بمرارة لمّا وجدت نفسي عاجزة عن التفكير في أي شيء للدفاع عنهم. فنظر إليّ الرب بحنان وشجّعني بهذه الكلمات: «لا تبكي، لا يزال هناك عدد كبير من المكرّسين يكنّون لي محبة كبرى. ولكن قلبي يرغب في محبة الجميع له. لأن حبّي هو فائق، لذا أحذرهم وأعاقبهم».
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق