الدفتر الأول

42- عليّ أن أجاهد مع يسوع، أعمل وأتألم معه، أن أعيش وأموت معه.

 

216- وصلنا اليوم إلى كراكوف [18 نيسان 1933]. يا له من فرح أن أعود إلى حيث بدأتُ خطواتي الأولى في الحياة الروحية. إن الأم المديرة العزيزة [ماري جوزف] ما زالت هي نفسها فرحة و محبة للقريب. دخلت الكنيسة لوقت قصير، فملأت السعادة نفسي و تذكّرت بلحظة، بحر النِعَم التي أُعطيتْ لي لمّا كنت هنا راهبة مبتدئة.

217- تجمّعنا اليوم لنزور لمدة ساعة دير الإبتداء. تحدّثتْ إلينا الأم المديرة ماري جوزف وأعطتنا برنامج الرياضة. وبينما هي تتحدّث، إرتسمت أمام عينيّ كل الأعمال الصالحة التي قامت بها الأم لأجلنا. وشعرت بعرفان جميل عميق نحوها. خالج الحزن قلبي لمّا فكّرت أنني أرى دير الإبتداء للمرة الأخيرة. عليّ الآن أن أجاهد مع يسوع، أعمل وأتألم معه، وبكلمة، أن أعيش وأموت مع يسوع. ومن الآن وصاعداً لن تتبعني الأم المديرة هنا وهناك لتحذّرني، وتنبّهني، وتؤنّبني وتشجّعني. أنا خائفة أن أُترك وحدي. يا يسوع، إفعل شيئاً حول هذا الموضوع. صحيح أنه سيكون لي دائماً رئيسة، غير أنني سأُترك لوحدي أكثر من الماضي.

 كراكوف، 21 نيسان 1933
+ لمجد الله الأكبر
رياضة روحية طيلة ثمانية أيام

218- أبدأ اليوم الرياضة. يا يسوع معلّمي وجّهني. قُدني حسب إرادتك، طهّر حبي ليكون جديراً بك، إصنع بي ما يشتهي قلبك الطاهر. يا يسوع سنكون وحدنا هذه الأيام أنت وأنا إلى أن نتّحد. إحفظني يا يسوع بروح خشوعي.

219- عند المساء قال لي الرب: «يا ابنتي لا تدعي شيئاً يخيفك أو يقلقك. إثبتي في سلام عميق. كل شيء هو بين يديّ، سأجعلك تفهمين كل شيء من خلال الأب إندراز. تصرفي معه كطفل».

وقت قصير أمام القربان المقدّس.

220-  يا خالقي وسيدي الأزلي كيف يمكنني أن أشكرك على كل هذه النعمة العظيمة،  وبالأخصّ أنك تنازلت واخترتني أنا الحقيرة لأكون خطيبتك و لأتحد بك برباط أبدي؟ يا أعزّ كنز على قلبي، أقدّم لك كل عبادة وشكر القديسين والأجواق الملائكية. وإنني ألزم نفسي بإتحاد خاص مع أمّك. يا مريم، أمّي، أضرع إليك بتواضع، غطّي نفسي بثوبك البتولي في هذا الوقت المصيري من حياتي لتزداد محبة ابنك لي وأستحق أن أمجّد رحمته أمام العالم كلّه وفي الأبديّة اللامتناهية.

221- لم أستطع اليوم أن أفهم التأمّل. كانت روحي هائمة في الله. لم أستطع أن أجهد نفسي وأفكّر بما قاله الكاهن في [محاضرات] الرياضة. لم أستطع غالباً أن أركّز على النقاط الموضوعة. إن روحي هي مع الله، وهذا هو تأمّلي.

222- هذه بعض الكلمات من حديثي مع الأم المديرة ماري جوزف. أوضحتْ لي العديد من الأمور وطمأنتْ حياتي الروحية مؤكدة لي أنني في الطريق القويم. شكرت يسوع لهذه النعمة الكبرى لأنها هي الوحيدة بين الرئيسات التي لم تتسبّب لي بأي شكّ. آه! كم هي لا متناهية نعمة الله.

223- يا قربانة حيّة، يا قوّتي الوحيدة، نبع الحب والرحمة، شدّ كل العالم إليك، قوّ النفوس الضعيفة. مبارك هو الوقت، مباركة هي اللحظة لمّا ترك لنا يسوع قلبه الكلّي القداسة.

224- سأمضي كل أوقاتي الحرّة على أقدام [الرب] في القربان المقدّس، كي أتألم دون تأفّف، سأحمل التعزية إلى الآخرين وسأذيب آلامي في قلب يسوع الكلي القداسة. سأحفظ الجميل للرب دائماً، من أجل رحمته الكبرى نحوي. لن أنسى أبداً النعم التي أغدقها عليّ وبالأخصّ نعمة الدعوة. سأختبئ بين الراهبات كبنفسجة صغيرة بين الزنابق. أريد أن أزهر من أجل ربي وصانعي، وفي سبيل أن أنسى ذاتي وأفرغها كلياً من أجل النفوس الخالدة – هنا تكمن سعادتي.

قليل من أفكاري 

225- بما يتعلق بالإعتراف المقدس، سأختار ما يكلّفني أكثر تعباً و تواضعاً. إن خطيئة طفيفة تكلّف أغلى من شيء أكثر أهمية. سأتذكّر آلام يسوع في كل اعتراف لأدفع بقلبي إلى التوبة. سأضع دائما أقصى جهدي وسأمارس بنعمة الله توبة كاملة. سأخصّص وقتاً أطول لهذه التوبة قبل أن أقترب من كرسي الإعتراف، عليّ أولاً أن أفتح قلبي لقلب المخلّص الكلّي الرحمة. وعندما أغادر كرسي الإعتراف سأكنّ في نفسي عاطفة عرفان الجميل للثالوث الأقدس، لآية رحمته الرائعة والفائقة الوصف التي صنعها في نفسي. بقدر ما تزداد حقارة نفسي، أشعر ببحر حنان الرب يغمرني ويعطيني قوّة ومقدرة كبرى.

 

226 – القواعد التي أفشل في الحفاظ عليها. لا أحفظ الصمت أحياناً. عدم طاعة لصوت الجرس. أتدخّل أحياناً في شؤون الآخرين. سأحاول إصلاح ذاتي. سأتحاشى الراهبات اللواتي يتذمّرن. و إذا لم أتمكن من محاشاتهنّ، سأحفظ الصمت أمامهنّ فيعرفن أنني آسفة أن أسمع هذه الأشياء. يجب أن لا أكترث لرأي الآخرين. سأطيع ما يؤكده لي ضميري آخذة الله شاهداً على كل أعمالي. عليّ أن أتصرف الآن في كل الأمور كما لو كنت أتصرف ساعة موتي. لذا عليّ أن أتذكر الله في كل عمل أقوم به. سأتحاشى الأذونات المفترضة، عليّ أن أنقل (حتى) صغائر الأمور الى رئيساتي بقدر ما أستطيع من تفاصيل. يجب أن أكون أمينة للتمارين الروحية، ولا يجب أن أطلب إعفائي منها بسهولة. يجب أن أحافظ على الصمت خارج أوقات النزهة وأتحاشى النكت والكلام المتزاكي الذي يضحك الآخرين ويعكّر صمتهم.. يجب أن أقدّر كل التقدير حتى أصغر القوانين. يجب أن لا أستغرق في دوامة العمل (بل) أتوقف قليلاً، لأنظر إلى السماء. سأتحدث قليلاً مع الناس وكثيراً مع الله. سأتحاشى الألفة العميقة. يجب أن لا أعطي أهمية لما هو معي أو ضدّي. يجب أن لا أخبر الآخرين عن الأعمال التي أقوم بها. يجب أن لا أتحدث إلى الآخرين بصوت عالٍ وقت الشغل. بجب أن أحافظ على الطمأنينة والرزانة في أوقات الألم. و في الساعات الصعبة، عليّ أن ألجأ إلى جروحات المسيح. عليّ أن أفتش عن التعزية والقوّة والنور والثبات في جروحات المسيح.

227 – في وسط التجارب سأحاول أن أرى يد الله المُحبّة. لا شيء يثبت مثل الألم، فهو يرافق دائما النفس بامانة. يا يسوع، لن أترك أحدا يفوقني حباً لك.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق