47- «أنظري إلى من خطبت ذاتك». فوستينا تشاهد يسوع مُثخن بالجراح وتستعد لمشاركته آلامه
247- يا يسوع صديق القلب المنزوي، أنت سمائي، أنت سلامي، أنت خلاصي، أنت هدوئي في أوقات الجهاد وفي وسط بحر الشكوك. أنت النور الساطع الذي ينير طريق حياتي. أنت كل شيء للنفس المنزوية. أنت تدرك النفس حتى في سلوكها. أنت تعلم ضعفنا، وكطبيب ماهر وأخصائي ، أنت تشجّع وتُشفي وتزيل عنّا الآلام.
248-هذه كلمات المطران روسبوند Rospond في أحتفال تقديم النذورات الدائمة: «أقبلي هذه الشمعه رمزاً للنور السماوي وللحب الملتهب». وعندما سلم الخاتم: «أخطبك إلى يسوع المسيح ابن الآب العلي، فليحفظك دون عيب. خدي هذا الخاتم رمزاً للعهد الأبدي الذي تقيمينه مع المسيح خطيب العذارى. فليكن لك خاتم الايمان ورمزاً للروح القدس، حتى تصبحي عروسة المسيح فتخدمينه بأمانة [وهكذا] تتكللي إلى الأبدية».
249- يا يسوع إنني أثق بك، أثق ببحر مراحمك، أنت لي بمثابة أمّ.
250- يمتاز هذا العام 1933 بالنسبة لي بطباعة الاحتفالي، لانه عام يوبيل الآم المسيح وقد قدمت فيه نذوراتي المؤبدة. لقد وحّدتُ الآمي بشكل خاص مع تقدمة يسوع المصلوب حتى أزيد في إرضاء الله . سأقوم بكل شيء مع يسوع ومن خلاله وله .
251- بعد النذورات المؤبده بقيت في كراكوف طيلة شهر أيار لانه لم يتقرر بعد ذهابي إلى ربلا Rabla او إلى فيلنيوس. سألتني مرة الرئيسة العامة Michael: «لماذا أنت جالسة هنا يا أختي هادئة ولم تتحضري بعد لتذهبي إلى مكان ما». أجبتها: «أريد أن أصنع إرادة الله وحدها، حيث تأمرينني أن أذهب، يا أمي العزيزة، أرى في أمرك إرادة الله وحدها دون أي غموض».
أردفت الأم الرئيسة العامة: «حسناً». وفي اليوم التالي إستدعتني لتقول لي: «تريدين أن تصنعي إرادة الله وحدها، جيداً، ستذهبين إذاً إلى فيلنيوس». شكرتها وانتظرت اليوم للمقرّر لمغادرتي. غير أن مزيجاً من الفرح والخوف ملأ نفسي في الوقت نفسه. وشعرت أن الله يحضّر لي نعماً وافرة هنالك، ولكن الكثير من الألم أيضاً. إنما بقيت في كراكوف لغاية السابع والعشرين من أيار. وبما أني لم ألزم بواجب مُحدد، كنتُ أساعد فقط في الجنينة. وهكذا فقد اشتغلتُ وحدي طيلة الشهر فاستطعت أن اقوم برياضة روحية على الطريق اليسوعي رغم أنني كنتُ أشارك في نزهات الجماعة، تدبرت أمري لأقوم بالرياضة اليسوعية فأفاض عليّ الله نوراً وفيراً طيلة هذا الوقت.
252- بعد أربعة أيام من نذوراتي المؤبّدة، حاولتُ أن أقوم بساعة سجود. كان الخميس الأول من الشهر. ما إن دخلت الكنيسة حتى غمرني وجود الله. أدركتُ بوضوح أن الله كان بقربي. وبعد برهة رأيت الرب مغطّى بالجراح وقال لي: «أنظري إلى من خطبت ذاتك». فهمتُ معنى هذه الكلمات وأجبتُ الرب: «يا يسوع، إني أحبّك أكثر وأنت هكذا مثقل بالجراح ومسحوق من الألم، مما لو رأيتك في عظمتك». سألني يسوع: «لماذا؟». فأجبته: «إن العظمة الكبرى ترعبني، أنا الحقيرة، أمّا جراحاتك فتشدّني إلى قلبك وتخبرني عن عظم محبتك لي». وساد السكوت بعد هذه المحادثة. فركّزت نظري على جراحاته المقدّسة وشعرت بالفرح أن أتألم معه. تألّمت دون أن أشعر بالألم لأنني سعدتُ بمعرفة عمق محبته لي. ومضت الساعة وكأنها دقيقة واحدة.
253- لا يجب أن أحكم على أحد بل أنظر إلى الآخرين برقّة وإلى ذاتي بقساوة. يجب أن أعيدُ كل شيء إلى الله وأن أعرف، بملء عيني من أنا: تعاسة مطلقة وتفاهة. على أن أصبر وأحافظ على الهدوء في آلامي لأنّني أعلم أن كل شيء يحصل في وقته.
254- كان من الأفضل أن لا أتحدّث عن الأوقات التي عشتها لما كنت أقدّم نذوراتي المؤبّدة.
أنا فيه وهو فيّ. بينما كان المطران رسبوند يضع الخاتم في اصبعي، سيطر الله على كل كياني. لا أستطيع مذاك أن أصف تلك البرهة، سأحفظ حولها السكوت. وإنّ علاقتي بالله منذ نذوراتي الأولى، أصبحت أكثر ودًّا عن أي زمن سابق. أشعر أنني أحبّ الله وهو يحبّني. طالما تذوقت الله مرّة، لم أعد أستطيع أن أحيا بدونه. وأن ساعة أمضيها على أقدام الهيكل في أقصى جفاف الروح، هي أعزّ إلى من مئات السنين في الملذّات البشرية. أفضل أن أكون كادحة وضيعة في المطبخ على أن أكون ملكة في العالم.