49- يسوع يشتكي من إهمال النفوس: أنظري يا ابنتي، ماذا صنع بي الحب البشري.
5 آب 1933 – عيد سيدة الرحمة
266- تقبلت اليوم نعمة كبيرة وغير مُدركة، نعمة داخلية سأبقى بفضلها مُدينة لله طوال حياتي وفي الأبدية.
267- قال لي يسوع إنه ارتضى بتأملاتي في آلامه المليئة حزنًا وقد شعّت من خلالها في أنفسنا أضواء نيّرة. من يرغب أن يتعلّم التواضع عليه أن يتأمل في آلام يسوع. لمّا أتأمل بها أدرك أمورًا عديدة لم يكن باستطاعتي فهمها سابقًا. أريد أن أتشبّه فيك يا يسوع، لقد صُلبت وتعذبت وتواضعت. اطبع يا يسوع، في قلبي تواضعك. أحبك يا يسوع إلى حدّ الجنون، أنت يا من سحقتك الآلام كما يصفها النبي [راجع أشعيا 52/ 2-9] ولم يستطع أن يميّز شكلك البشري بسبب آلامك الكبيرة. لذا أحبّك يا يسوع حتى الجنون. أيها الرب الأزلي اللامتناهي، ماذا صنع بك الحب.
268- الثلاثاء في 11 تشرين الأول 1933
حاولت أن أقوم بساعة سجود ولكن بدأت تعتريني صعوبات كبيرة. وراح شيء من التلهّف يمزّق قلبي وخَفَتَ ضوء فكري فلم أستطع أن أفهم أكثر الصلوات شكلاً. وهكذا مضت ساعة صلاة أو بالأحرى ساعة نضال. قرّرت أن أقوم بساعة سجود ثانية ولكن آلامي الداخلية ازدادت جفافًا وإحباطًا وفي المرة الثالثة قرّرت أن أمضي الوقت ساجدة دون سند، فتاق جسدي إلى الراحة ولكن لم أتقاعس. فبسطتُ ذراعي وثابرت بإرادة قويّة رغم أنني لم أتلفّظ بكلمة. بعد قليل نزعتُ الخاتمَ من إصبعي وطلبتُ إلى يسوع أن ينظر إليه، رمز اتحادنا الأبدي وقدمتُ إلى يسوع الشعور الذي أحسستُ به يوم نذوراتي المؤبّدة. شعرتُ آنذاك بدفقة حبّ تجتاح قلبي واعتراني خشوع مفاجئ واطمأنّت حواسّي وسيطر حضور الله على نفسي. ولم أدرك إلا يسوع وأنا. رأيته كما ظهر لي في تلك اللحظة يوم نذوراتي المؤبدة، لما كنتُ، مثل الآن، أقوم بساعة سجود. وقف يسوع فجأة أمامي مُعرّىً من ثيابه وكل جسمه مغطّى بالجراح، وأعينه تطفح دمعًا ودمًا ووجهُه مشوّه ومغطّى بالبصاق. ثم قال لي الرب: «على العروس أن تشبه عريسها». فهمت هذه الكلمات في العمق ولا مجال للشكّ هنا، ينبغي أن يكون تشبّهي بالمسيح من خلال الألم والتواضع. «أنظري يا ابنتي، ماذا صنع بي الحب البشري. لقد وجدت في قلبك كل شيء يحرمني منه عدد كبير من النفوس. إنني أستريح في قلبك. أنتظر غالبًا نهاية الصلاة لأغدق عليك النعم الوافرة».
لمّا انتهيتُ مرة من تساعية للروح القدس على نيّة معرّفي [الأب سوبوكو] أجابني الرب: «لقد عرّفتك عليه قبل أن ترسلك رئيساتك إلى هنا. وكما تتصرّفين نحو معرّفك أتصرّف أنا نحوك. إن خبّأت عنه شيء ولو أصغر نعمي، سأخبّئ نفسي عنك وتبقين وحدك». وهكذا تبعتُ رغبة الله وملأ سلام عميق قلبي. أفهم الآن كيف يدافع الله عن المعرّفين ويحميهم.
نصيحة الأب الدكتور سوبوكو:
270- «لا نستطيع أن نرضي الله دون تواضع الثالثة، أي لا ينبغي فقط أن نمتنع عن الدفاع عن ذاتنا وشرح وجهات نظرنا عندما نُوبّخ على شيء ما، بل يجب أن نفرح بالإذلال.
إذا كان ما تقولينه لي هو من لدن الله، حضّري نفسك لآلام أكبر. ستصادفين الشجب والاضطهاد. سينظرون إليك كأنّك غريبة الأطوار ومصابة بالهستيريا. ولكن سيكثر نعمه عليك. تتميّز دائمًا أعمال الله بالألم وتصطدم بالاعتراضات. إذا أراد الله أن يحقّق شيئًا، سالينفّذه، عاجلاً أو آجلاً، رغم الصعوبات وبانتظار ذلك، عليك أن تتسلّحي بصبر كبير».
271- لمّا غادر الأب سوبوكو إلى الأراضي المقدسة، أصبح الأب دابروفسكي اليسوعي معرّف الجماعة. سألني أثناء أحد الاعترافات إن كنت أدرك سموّ الحياة [الروحية] الكائنة في نفسي. أجبته إني أدرك ذلك وأعرف ما يجول في داخلي، فأجاب الكاهن: “لا ينبغي أن تهدمي ما يجول في داخلك، يا أختي، أو تبدّلي شيئًا في ذاتك. لا تظهر هذه الهبة الجميلة أكثر سموًا في أية حياة داخلية ممّا هي جليّة في حالتك يا أختي، إنها ظاهرة عندك بدرجة فائقة، أحرسي ألا تضيّعي نعم الله الكبيرة هذه، الكبيرة…[تتوقّف هنا الفكرة].
272- لكن قد عرّضني هذا الكاهن سابقًا لصعوبات عديدة. لمّا أخبرته أن الله يطلب إليّ هذه الأشياء [أي رسم الصورة وإقامة عيد للرحمة الإلهية وتأسيس جمعية جديدة] سخر منّي وقال لي أن آتي إلى الاعتراف في الساعة الثامنة مساءً ولمّا جئت في الوقت المحدّد كان أحد الإخوة يقفل الكنيسة. قلت له أن الكاهن أمرني أن آتي الآن وطلبتُ إليه أن يُعلمه بحضوري. ذهب ذاك الأخ الصالح وأخبره بالأمر فأجابه، قل لها أن الكهنة لا يستمعون إلى الاعترافات في مثل هذا الوقت. رجعت إلى البيت فارغة اليدين ولم أعترف عنده فيما بعد، إنما قدّمت ساعة سجود كاملة على نيّته كي ينيره الله إلى معرفة النفوس. غير أنني اضطررت أن أعود إلى الاعتراف لديه لمّا غادر الأب سوبوكو وحلّ هو محلّه. بينما رفض في الماضي أن يعترف بتلك الإلهامات الداخلية، أجبرني اليوم أن أكون أمينة لها. إن الله يسمح أحيانًا بهذه الأمور فليكن ممجّدًا في كل شيء. مع ذلك يلزمنا الكثير من النعم كي لا نتأفّف.