60- يطفح قلبي برحمة كبرى للنفوس ولا سيّما الخطأة المساكين، لكنها لا تريد أن تقبلها
+رأس السنة 1935
360- يطيب ليسوع أن يتدخّل في أصغر تفاصيل حياتنا ويحقق لي غالبًا أمنيات خفيّة، أكتمها أحيانًا، رغم أنني أعلم أن لا شيء يخفاه. هناك تقليد بيننا وهر أن نختار كل واحد منّا يوم عيد رأس السنة شفيعًا خاصًا بها لطيلة السنة.
خالجتني وقت تأمل الصباح رغبة سريّة أن يكون يسوع في سر القربان شفيعي طيلة هذه السنة كما كان في الماضي. أخفيتُ هذه الرغبة عن حبيبي وتحدّثت معه عن كلّ شيء سواها. لمّا حضرنا إلى غرفة الطعام لتناول فطور الصباح، صنعنا إشارة الصليب وبدأنا سحب القرعة. لمّا اقتربت من البطاقات المباركة التي كتب عليها أسماء الشفعاء أخذت واحدة منها دون تردد، ولكن لم أقرأ الاسم على الحال لأني أردتُ أن أقوم بإماتة لدقائق وجيزة. فجأة سمعتُ صوتًا في نفسي «أنا شفيعك، إقرأي». نظرتُ بسرعة على الكتابة وقرأت: «شفيع 1935، الأفخارستيا الكلّي قدسها». رقص قلبي فرحًا وتسلّلت بهدوء بعيدًا عن الراهبات وذهبت في زيارة قصيرة أمام القربان المقدّس حيث أفضيت بما في قلبي. ولكن يسوع لامني بلطف: يجب عليّ أن أكون في هذا الوقت مع الراهبات. عدتُ بسرعة عملًا بالطاعة للقانون.
الثالوث الأقدس، إله واحد
361- غير مدرَك في عظمة رحمتك للخلائق ولا سيّما الخطأة المساكين. لقد أعلنت من لجّة رحمتك التي لا يدركها ولا يسبرها (كما هي) أي عقل إنسان أو ملاك. تغرق حقارتنا وتعاستنا في عظمتك. أيها الصلاح اللامحدود من يستطيع أن يفيك التمجيد؟. هل توجد نفس تدركك في حبك؟ يوجد هكذا نفوس ولكن هي قليلة جدًا.
362- + ذات يوم سمعتُ وقت تأمل الصباحي هذا الصوت: «أنا هو بذاتي مرشدك، كنتُ وما زلت وسأبقى. وعندما سألتِني مساعدةً ظاهرة. اخترت لك وأعطيك مرشدًا قبل أن تطلبينه، لأن عملي يتطلب هذا التدبير. أعلمي أن الأخطاء التي ارتكبتها ضدّه تجرح قلبي كوني على حذر بالأخص من التشبُّث بإرادتك، يجب أن تحمل حتى أصغر الأمور طابع الطاعة». طلبت السماح من يسوع عن هذه الأخطاء بقلب منسحق ومتواضع، واعتذرت إلى مرشدي الروحي وقرّرت أن لا أفعل شيئًا، وهذا أفضل من أن أفعل أشياء كثيرة خطأ. يا يسوع الصالح أشكرك على نعمتك الكبيرة التي هي معرفة ذاتي كما هي! لا شيء سوى تعاسة وخطيئة. أستطيع أن أقوم بذاتي بعمل واحد فقط هو أن أهينك، يا إلهي، لأن الحقارة لا تستطيع أن تعمل من ذاتها شيئًا سوى إهانتك، أيها الجود اللامتناهي.
364- + طُلب إلي مرّة أن أصلّي على نيّة إحدى النفوس. قرّرت فورًا أن أتمم تساعية للرب الرحوم، بالإضافة إلى إماتة، عنيتُ لبس سلاسل حديدية في ساقيّ طيلة الذبيحة المقدّسة. كان قد مضى على عملي هذا ثلاثة أيام، لمّا ذهبت إلى الإعتراف وأخبرت مرشدي الروحي أنني أخذت على عاتقي هذه الإماتة مفترضة الإذن للبدء بها. ظننتُ أنه لن يعترض ولكن سمعت منه العكس، أي أنه لا يجوز لي أن أقوم بشيء ما دون إذن. يا يسوع! كانت تلك خطيئة التشبّث من جديد. ولكن سقطتي لم تُحبط عزيمتي. أعرف جيدًا أنني التعاسة [بالذات] لم أنلْ هذا الإذن بسبب وضعي الصحي وتعجّب مرشدي كيف سمحت لذاتي تضحيات قاسية دون إذنه. طلبتُ السماح عن تشبُّثي أو بالأحرى لافتراض الاذن وطلبتُ إليه أن يستبدل هذه الإماتة بغيرها.
365- إستبدلها مرشدي الروحي بإماتة داخلية أي أن أتأمّل وقت القدّاس في سبب إخضاع يسوع نفسه للعماد. ليس التأمل إماتة بالنسبة لي فالتأمل في الله هو فرح لا إماتة. ولكن رأيت في ذلك قهر إرادتي بحيث لم أعمل [بكل بساطة] ما أريد عمله بل ما طُلب إليّ أن أقوم به فبهذا تكمن الإماتة الداخلية. لمّا غادرت كرسيّ الإعتراف وبدأت بتلاوة صلاة التكفير سمعتُ هذه الكلمات: «لقد وهبتُ النعمة لتلك النفس التي تطلبها لها ولكن ليس بفضل الإماتة التي اخترتها أنت إنّما بفضل عمل الطاعة الكاملة لممثّلي، لذا وهبتُ النعمة لمن توسِلت وتضرّعتِ لأجلها. إعلمي أنك عندما تميتين إرادتك حينئذ أملكُ في داخلك».
366- يا يسوع كن صبورًا عليّ سأكون أكثر انتباهًا في المستقبل، سأتّكل، لا على ذاتي، بل على نعمتك وعلى وجودك العظيم لتتعسني.
367- في احدى المناسبات، أفهمني يسوع أنه لمّا أصلّي على النّيات التي اعتاد الناس أن يعهدوا بها إليّ، فهو دائمًا على استعداد أن يعطيهم نعمه ولكن ترفض النفوس دائمًا قبولها.
«يطفح قلبي برحمة كبرى للنفوس ولا سيّما الخطاة المساكين. لو استطاعوا فقط أن يفهموا أنني أفضل أب لهم وأن الدم والماء قد فاضا لأجلهم من قلبي كما من نبع تتدفّق منه الرحمة. لأجلهم أمكث في بيت القربان كملك الرحمة. أرغب أن أغدق نعمتي على النفوس ولكنها لا تريد أن تقبلها. تأتين أنت، على الأقل، كل ما استطعتِ وتتقبّلين تلك النِّعم التي ترفضها تلك النفوس. هكذا تعزّين أنت قلبي. آه! كم هي غير مبالية بنعم غزيرة كهذه وببراهين عديدة لمحبتي. يشرب قلبي فقط من نكران الجميل ومن النسيان الذي تبديه النفوس العائشة في العالم. عندها الوقت لكل شيء ولكن ليس عندها الوقت لتأتي وتقبل النِعم.
لذا أتّجه نحوك، أنت النفوس المختارة، فهل أنت أيضًا تختلّفين عن فهم محبة قلبي؟ هنا أيضًا يخيبُ أملي فلا أجد انصياعًا كاملًا لمحبتي. هناك الكثير من التحفّظ، من فقدان الثقة ومن الحذر. دعيني أقول لكِ، بغية تشجيعك، أن هناك نفوسٍ تعيش في العالم وتحبّني كثيرًا ولكنها قليلة، إنني أسكن قلبها بفرح. وفي الدير أيضًا نفوس تملأ قلبي سعادة. فهي معجزة الملائكة والبشر ولكن عددها هو قليل. وهي حماية للعالم أمام عدالة أبي السماوي. وسبب الحصول على رحمة له. إن محبة وتضحية تلك النفوس تدعم بقاء العالم. إن خيانة نفس اخترتها خصيصًا، تجرح قلبي بألم أكثر إيجاعًا. تلك الخيانات هي أشبه بسيفٍ يجتاز قلبي».