الدفتر الثالث

101- أنا عطشان، أنا عطشان إلى خلاص النفوس، ضمّي آلامك إلى آلامي وقدّميها إلى الآب السماوي من أجل الخطأة

1024- + قد لا أعرف كيف أعيش بدون الرب. يزورني يسوع غالبًا في هذه الغرفة، يعلّمني،يطمئنّي، يوبّخني، يحثّني. هو يهذِّب قلبي وفقًا لرغباته وإرادته ولكن دائمًا بلُطف ورحمة. لقد اندمج قلبانا بقلب واحد.
19 آذار 1937

1025- أتحدّث اليوم بالروح في العبادة التي تُقام في ديرنا. [عبادة الأربعين ساعة في كراكوف] ولكن امتلأت نفسي عذابًا وجاز قلبي نوع غريب من التخوّف . لذا ضاعفت صلواتي. وفجأة رأيت نظر الرب يخترق أعماق قلبي.
1026- عندما جلست لأتناول تروي شهيّة، قلت للرب: «شكرًا على هذه الهبات. ولكن قلبي يموت توقًا إليك ولا أتذوّق شيئًا على الأرض أشتهي طعام حبّك».

1027- جذبتني اليوم قوّة خفيّة للعمل، عليّ أن أقاوم هذا الإغراء وإلّا قد ألبّيه فورًا.

21 آذار 1937

1028- أحد الشعانين. في القدّاس غرقت نفسي في المرارة وآلام يسوع. قد إفهمني يسوع كم تألم في احتفال الظفر هذا. وكانت (هوشعنا) تتردّد في قلب يسوع كصدى ل(اصلبوه). أتاح لي يسوع أن أشعر بهذا بشكل خاص.

1029- لم يسمح لي الطبيب أن أذهب الى الكنيسة لأحضر رتبة الآلام رغم أنني اشتهيت ذلك. غير انني صلّيت في غرفتي. فجأة وسمعت صوت الجرس في غرفة مجاورة. فذهبت وقدّمت خدمة لأحد المصابين بمرض عضال. لمّا عدت إلى غرفتي، رأيت فجأة الرب يسوع الذي قال لي: «يا ابنتي لقد ارتضيت بتأديتك لي هذه  الخدمة أكثر مما لو صلّيت وقتًا طويلًا». فأجبتُ:«لم أؤدِّ هذه الخدمة لك بل للمريض». فأجابني الرب: «نعم يا ابنتي ولكن كل ما تصنعيه لقريبك فلي تصنعيه».

1030- يا يسوع خاصتي، أعطني الحكمة وروحًا منفتحًا ومستنيرًا بنورك، فقط كي أتمكّن من زيادة معرفتي بك، يا رب. لأنّ حبي يزداد تأججًا لك بازدياد معرفتي بك، أنت موضوع حبّي الوحيد. تستغرق روحي ويذوب قلبي فيك. لا أعرف كيف أحبك جزئيًا ولكن بملء قوّة نفسي وكل اندفاع قلبي. أنت يا رب أشعلت حبي لك فغرق قلبي فيك إلى الأبد.

22 آذار1937

1031- بينما كنتُ أتحدث اليوم إلى إحدى السيدات أدركتُ أنها تتألم بالروح كثيرًا رغم أنها تدّعي ظاهرًا أنها سعيدة جدًا ولا تتألّم أبدًا. شعرتُ بإلهام أن اقول لها أن ما يزعجها هي تجربة. ولمّا كشفتُ لها عما يعذّبها، أجهشت بالبكاء وقالت: إنها بالفعل أتت لتراني وأتحدث اليها، لأنها شعرت أنها تجد طمأنينة في ذلك. كانت تلك السيدة المتألّمة، على طيبتها، متخدة بنعمة الله من جهة وبالعالم من جهة أخرى. وكانت تخوض عراكًا مخيفًا دفع بها إلى حدّ البكاء كطفلة صغيرة. ولكنها غادرت هادئة ومطمئنّة.
1032- +رأيت وقت القداس يسوع مسمّرًا على الصليب وسط عذابات مريعة. وصعد من قلبه تنهُّد هادىء وبعد وقت قليل قال: «أنا عطشان، أنا عطشان إلى خلاص النفوس، ساعديني يا ابنتي على خلاص النفوس. ضمّي آلامك إلى آلامي وقدّميها إلى الآب السماوي من أجل الخطأة».

1033- لمّا أرى أنّ الثقل يفوق قوّتي فلا أعيره أهميّة أو احلله أو أنبذه، بل أركض كطفلة إلى قلب يسوع وأقول له كلمة واحدة فقط: «أنت تستطيع كل شيء». ثم أصمت لأنني أعلم أنّ يسوع سيتدخّل هو في الأمر، أما بالنسبة لي، فبدل أن أتعذّب، أستعمل هذا الوقت لأحبّه.

1034- إثنين أسبوع الآلام. طلبتُ إلى الرب أن أشترك في ألامه المليئة حزنًا حتى أتمكّن أن أختبر في الجسم والروح، بقدر ما تستطيع خليقة، آلامه المرة. طلبتُ إليه أن أختبر كل مرارة بقدر الممكن. فأجابني الرب أنه سيعطيني هذه النعمة وأنّه سيخصّني بها يوم الثلاثاء بعد المناولة.

1035- كان أحد الشباب ينازع هذا المساء. كان يتألم بشدّة. بدأت أصلّي على نيّته السبحة التي علّمني اياها الرب. صلّيتها بكاملها ولكن نزاعه تواصل. أردتُ أن اتلو طلبة جميع القديسين وفجأه سمعتُ هذه الكلمات: «صلّي السبحة». أدركتُ أنّ النفس هي بحاجة خاصة إلى الصلوات وإلى رحمة كبيرة. حبستُ ذاتي في غرفتي وخرّيت ساجدة أمام الله وطلبتُ الرحمة إلى هذه النفس. ثم شعرت بعظمة الله وبعدالته الكبيرة. إرتعشتُ خوفًا. دون أن أتوقف عن طلب الرحمة لتلك النفس. ثم انتزعتُ عن صدري الصليب الذي استلمته لمّا قدّمت نذوراتي ووضعته على صدر الرجل المنازع وقلت للرب: «يا يسوع، أنظر إلى هذه النفس بنفس الخب الذي نظرت به إليّ يوم ذبيحتي في النذور المؤبدة. وبقوة الوعد الذي قطعته لي بالنسبة إلى المنازعين وإلى الذين  يتوسّلون إلى رحمتك [هب هذا الرجل نعمة الميتة الصالحة]». حينئذٍ توقفت آلامه وتوفي بطمأنينة. آه! كم يجب علينا أن نصلّي من أجل المائتين. لنستفيدْ من الرحمة طالما هناك وقت للرحمة.

1036- تأكّدت أكثر فأكثر كم تحتاج كل نفس إلى رحمة الله طول الحياة ولا سيّما في ساعة الموت. هذه السبحة تجمّد غضب الله كما قال هو لي بنفسه.

1037- شعرت أنني ضعيفة للغاية. ولولا المناولة المقدسة لأصبحت في تراجع مستمر. شيء واحد يقوّيني هي المناولة المقدسة. أستمدّ منها قوّتي وعليها أضع كل اتكالي. أخاف الحياة يوم لا أقبل المناولة المقدّسة. وأخاف ذاتي. إن يسوع المختبىء في البرشانة هو كل شيء لي. أستمدّ قوة من بيت القربان ومقدرة وشجاعة ونورًا. هناك أجد التعزية في وقت الاضطراب. لا أعرف كيف امجّد الله لو لم يكن في قلبي القربان المقدس.

1038- + يا مسقط رأسي الحبيب بولونيا. لو كنتِ تعلمين كم أقدّم لله من التضحيات والصلوات من أجلك. لكن كوني على حذر ومجّدي الله الذي يقوّيك ويخصّك بعنايته ولكن إعلمي كيف تحفظين الجميل.

1039- + أتألم كثيرًا لرؤية آلام الآخرين وتنعكس كل هذه الآلام في قلبي. أهملها في قلبي حتى أنها لتضنيني جسديًا. أودّ أن تسقط كل الآلام عليّ حتى أخلّص منها قريبي.

1040- في وسط الآلام المبرّحة أحدّق فيها يا الله. ورغم أن العاصفة تتجمّع فوق رأسي أعرفُ أن الشمس لم تنطفىء. كذلك لا يُدهشني خداع الخلائق، بل أرضى مُسبقًا بكل ما قد يحدث، تصمت شفتاي بينما السخرية تملأ أذنيّ. أسعى إلى الصمت في قلبي من وسط أشدّ الآلام وأحمي ذاتي من كل هجوم بدرع اسمك.

1041- تتحرّق نفسي بشوق متأجج لهذا العيد. أجد بعض الراحة في الصلاة الحارّة لإسراع إقامته. وبدأت تساعية على نية أحد الكهنة حتى ينيره الله ويرشده لتطبيق إعلان هذا العيد وأن يلهم روح الله الأب الأقدس بالنسبة إلى هذه القضية. وتتضمن التساعية ساعة سجود أمام القربان المقدّس أن يلهم أحد الناس حول هذه القضية. سأنهي التساعية يوم خميس الأسرار.

23 آذار 1937

1042- هذا هو اليوم السابع من التساعية. لقد قبلت نعمة كبيرة وفائقة الإدراك: لقد وعدني يسوع الكليّ الرحمة أنني سأحضر الإحتفال الرسمي بهذا العيد.

1043- اليوم الثالث والعشرين أي الثلاثاء من أسبوع الآلام هو اليوم الذي وهبني فيه الرب نعمًا عديدة.

1044- سيطر عليّ فجأة حضور الله ورأيت نفسي فورًا في روما في كنيسة الأب الأقدس، بينما كنت في الوقت نفسه في كنيستنا. كان احتفال الأب الأقدس والكنيسة جمعاء متصلة مباشرةً في كنيستنا وبشكل خاص في جمعيتنا. واشتركت في الاحتفال هنا وروما في الوقت نفسه، حتى-لمّا اكتب لا- أستطيع أن أميّز بين الإثنين، إنّما أدوّنه كما رأيته. رأيت الرب يسوع في كنيستنا معروضًا في حقّ القربان على المذبح الكبير. كانت الكنيسة مزيّنة وكأنّها في عيد. ويستطيع الدخول إليها في هذا اليوم كل من أراد. كان الجمع غفيرًا حتى لا يستطيع النظر الإحاطة به. إشترك كل واحد في الإحتفال بفرح كبير ونال كل واحد ما تمنّى. أقيم الإحتفال ذاته في روما كنيسة جميلة واحتفل الأب الأقدس مع كل الكهنة بهذا العيد ورأيت فجأة مار بطرس بين المذبح والأب الأقدس لم أستطع أن اسمع ما قاله مار بطرس ولكن رأيت أن الأب الأقدس فهم كلماته…

1045- ثم بدأ بعض الكهنة الذين لا أعرفهم يحدقون بي ويحقرونني أو بالأحرى يحتقرون ما كتبت. ولكن رأيت كيف أن يسوع ذاته كان يدافع عني وأن يفهمني ما لم يعرفوه هم.

1046- ثم رأيت فجأة كيف أن الشعاعَين، كما رُسِما في الصورة، المنبثقَين من البرشانة، قد انتشرا فوق العالم كله. دام ذلك برهة ولكنه بدا لي كأنه دام النهار بكاملة، وكان الجميع يملأون كنيستنا والفرح يخيّم طوال النهار.

1047- ثم رأيت فجأة على مذبحنا الرب يسوع الحي تمامًا كما هو مرسوم في الصورة. غير أنني شعرتُ أن الراهبات وكل الشعب لم يَروا الرب يسوع كما رأيته. نظر يسوع بحنان كبير وفرح إلى الأب الأقدس وإلى بعض الكهنة وإلى كل رجال الدين والشعب وجمعيتنا.

1048- ثم قُبض عليّ في لحظة لأقف قرب الرب يسوع فوقفت على المذبح إلى جانبه، وامتلأت روحي بفرح كبير لا أستطيع إدراكه أو الكتابة عنه. وملأ نفسي سلام وراحة عميقان. إنحنى يسوع نحوي وقال بحنان كبير:«ماذا تتمنين يا ابنتي؟». فأجبت: «أتمنى أن تُمَجّد وتُعبد رحمتك». «إنني ألقى هذا المجد وهذه العبادة في إقامة هذا العيد والإحتفال به، فماذا تشتهين بعد؟». نظرت حينئذٍ إلى الجمهور الغفير المتعبّد للرحمة الإلهية وقلت للرب: «بارك يا يسوع كل هؤلاء المجتمعين هنا ليمجّدوك وليكرموا رحمتك اللامتناهية». صنع يسوع إشارة الصليب بيده وانتشرت البركة على النفوس كشعاع نور. وغمر حبّه روحي. شعرتُ وكأنني انحلّيت واختفيت تمامًا في الله. ولمّا عدتُ إلى ذاتي فاض سلام عميق في نفسي. وانتقلتْ معرفة فائقة لأمور عديدة إلى فكري، لم يسبق أن وُهبت لي مثل هذه المعرفة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق