قديسون

كيف صدَّ القديس يوحنا بولس الثاني محاولة قمع وقتل عبادة الرحمة الإلهية

من منا لا يعرف عن عبادة الرحمة الإلهية في الكنيسة الكاثوليكية. يمكننا رؤية صور الرحمة الإلهية في الكنائس في جميع أنحاء العالم، مسبحة الرحمة الإلهية تحظى بشعبية كبيرة، وأحد الرحمة الإلهية هو عيد رسمي في الكنيسة. ومؤسسة هذه العبادة، فوستينا كوالسكا، هي قديسة تُكرّم على مذابح الكنيسة.

لكنه لم يكن الأمر دائما هكذا. في الواقع، تمّ قمع عبادة الرحمة الإلهية لسنوات عديدة وتقريبا كادت تختفي. لكنها عادت وانتعشت مرة أخرى بقوة الصلاة والمثابرة، ويد العناية الإلهية. هذه هي قصتها المدهشة.

بدايات واعدة

إن عبادة الرحمة الإلهية كما نمارسها اليوم جاءت من القديسة فوستينا كوالسكا، وهي راهبة بولندية عاشت في أوائل القرن العشرين. كانت لديها رؤى منتظمة ليسوع المسيح، وأن يسوع نفسه أعطاها تفاصيل العبادة. وكتبت وصفاً لما رأت وسمعت في مذكراتها، التي تنشر الآن في كتاب يسمى يوميات القديسة ماريا فوستينا كوالسكا: الرحمة الإلهية في داخلي.

حذّرت زميلاتها الراهبات أن حرباً كبيرة قادمة وأن عليهم أن يصلوا من أجل بولندا،
توفيت في سن ال 33 في 5 أكتوبر، 1938.
عام بعد موتها، غزت ألمانيا بولندا. متعجّباً من دقة نبوءتها، سمح الأسقف جابرزيكوسكي من فيلنيوس بنشر واستعمال عبادة الرحمة الإلهية لأول مرة. وسرعان ما انتشرت هذه العبادة عبر بولندا وكانت مصدراً للقوة والإلهام خلال سنوات الحرب الرهيبة. وبحلول عام 1941، كانت قد انتشرت بالفعل في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من الحرب، وصلت طريق إلى جميع بلدان قارات العالم. ألهم الله الكاهن البولندي الاب. سوبوكو بإنشاء جمعية دينية (تشبه رهبنة ولها نظام الديني) المتعلقة بعبادة الرحمة الإلهية.

مع نهاية الحرب، انتشرت العبادة بشكل أسرع. وبحلول عام 1951، اي بعد 13 عاماً فقط من وفاة القديسة فوستينا، كان هناك 150 مركزا دينيا في بولندا مكرساً للرحمة الإلهية. في عام 1955، قام أسقف بولندي، بموافقة البابا بيوس الثاني عشر، بانشاء رهبنة مخصصة لنشر عبادة الرحمة الإلهية. بارك البابا بيوس الثاني عشر صورة الرحمة الإلهية في عام 1956 وسمح للكثير من الأساقفة في جميع أنحاء العالم لإعطاء موافقتهم وبركتهم لنشر الكتابات حول عبادة الرحمة الإلهية. حتى راديو الفاتيكان بدأ بنشر العبادة في برامجه..

عقدان من القمع

ولكن لم يكن الجميع في الكنيسة موافقاً على عبادة الرحمة الإلهية. حاول الكاردينال ألفريدو أوتافياني، رئيس المكتب البابوي حاول إقناع البابا بيوس الثاني عشر بالتوقيع على وثيقة تدين أعمال وكتابات القديسة فوستينا، ولكن البابا رفض بشدة.

عندما انتخب البابا يوحنا الثالث والعشرون في عام 1958، كان للكاردينال أوتافياني فرصة أخرى. فشمل الكاردينال كتابات القديسة فوستينا في قائمة الكتب التي سيتم حظرها قريبا بعد انتخاب البابا الجديد. في 6 مارس 1959، أصدر المكتب المقدس أخيرا وثيقة تحظر استخدام “الصور والكتابات التي تعزز عبادة الرحمة الإلهية في الأشكال التي اقترحتها الأخت فوستينا (تكريم اللوحة، مسبحة الرحمة، تخصيص الأحد الذي يلي الفصح عيداً للرحمة الإلهية). وبدا أن العبادة التي عملت القديسة فوستينا على نشرها بدأت تموت.

إعادة النظر في كتابات فوستينا

سُحق الشعب البولندي وخاب أمله – بما في ذلك الكثير من الإكليروس ورجال الدين. وكان أحد هؤلاء الأشخاص كارول فوتيلا. “النجم الصاعد” في الكنيسة، كان له تأثيراً كبيراً في صياغة العديد من الوثائق الرئيسية للمجمع الفاتيكان الثاني، وعُيّن رئيس أساقفة كراكوف في سن مبكرة نسبيا وهو في ال 43 من عمره وذلك في عام 1964. في غضون عام على تولّيه منصبه الجديد، ومع موافقة من الفاتيكان، بدأ تحقيقاً جديداً
في أعمال القديسة فوستينا.

واكتشف أن الإدانة السابقة لأعمال القديسة فوستينا كانت في الغالب نتيجة لأن المعارضين من الفاتيكان قرأوا الكتابات لا في اللغة البولندية الأصلية ولكن عن طريق الترجمات الفرنسية والإيطالية الخاطئة.

ثم في أبريل من عام 1978، بعد عقود من العمل والصلاة من قبل المدافعين عن عبادة الرحمة الإلهية، عكَس الفاتيكان الحظر السابق لأعمال القديسة فوستينا! عمّت الفرحة الكاثوليك في جميع أنحاء العالم! وبعد بضعة أشهر فقط، أصبح الكاردينال كارول فوتيلا، الذي قاد هذا الجهد الكبير، البابا يوحنا بولس الثاني.

يوحنا بولس الثاني نفسه قام بتطويب فوستينا وبعدها أعلن قداستها في عام 2000. وهو أيضاً من عيّن الأحد الأول بعد الفصح عيداً للرحمة الإلهية. هكذا تم أُنصِفت القديسة فوستينا وتأصلت العبادة التي عملت على نشرها. ولا تزال رسالتها عن رحمة الله اللامتناهية تجوب العالم بأسره

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق