121- آه! كم هم تعساء الذين لا يستفيدون من آية رحمة الله!
1423- ذات مرّة، عهدتْ إلي إحدى الراهبات [الأخت داميان زيولك Damian Siolek] بسرّ وهي أنها تريد أن تختار لها أحد الكهنة معرّفًا. شاطرتني هذا الخبر وهي سعيدة وطلبت إليّ أن أصلّي على نيّتها فوعدتها بذلك. وقت الصلاة أدركتُ أن نفسها لن تنال اي فائدة روحية من ارشاد ذلك الكاهن. ولمّا صادفتها ثانيةً أخبرتني عن فرحها الكبير للعمل بتوجيهاته.
1424- شاطرتها فرحها ولكن لمّا غادرتُ وُبّختُ بقساوة. وطلب إليّ يسوع أن أقول لها ما عرفته وقت الصلاة، ففعلت في أول مناسبة رغم أن ذلك شقّ عليّ كثيرًا.
1425- شعرتُ اليوم لوقت قصير بألم إكليل الشوك. كنتُ آنذاك أصلّي على نيّة إحدى النفوس أمام القربان المقدّس. شعرتُ فجأة بألم قاس أحنى رأسي على حافة المذبح. ولمدّة قصيرة كنت في غاية الألم.
1426- أيها المسيح، اعطني نفوسًا. ليحلّ بي كل ما يطيب لك. ولكن أعطني نفوسًا في مقابل ذلك. أريد خلاص النفوس. أريد أن تُدرك النفوس رحمتك. لم يبقَ لي شيء، لأنني أعطيت كل شيء للنفوس. والنتيجة هي أنني سأقف أمامك يوم الحكم فارغة اليدين لأنني أعطيت كل شيء للنفوس، لذا لم يبقَ لي شيء تحاكمني عليه وسنلقى في ذلك الحبّ والرحمة.
+ ي.م.ي.
1427- يا يسوع الخفيّ، حياة روحي،
موضوع شوقي المتوقّد.
لاشيء يطفىء حبّك في قلبي.
هذا ما تؤكده قوة حبّنا المتبادل.
يا يسوع الخفي، العربون الممجّد للقيامة،
تتمحور فيك كل حياتي.
هو أنت، أيتها القربانة، التي تقوّيني في حبك إلى الأبد.
وأنا أدرك أنك، في المقابل. ستحبّني بصفتي ابنتك.
يا يسوع الخفيّ، يا حبّي الصافي.
لقد بدأت حياتي معك منذ الآن على الأرض،
وستبلغ ملأها في الأبدية العتيدة،
لأن حبّنا المتبادل لن يتغيّر أبدًا.
يا يسوع الخفيّ، رغبة نفسي الوحيدة.
أنت وحدك لي أهمّ من كل بهجة السماء.
إن نفسي تبحث عنك وحدك، أنت الأرفع من كل نعمة وهبة.
أنت الذي تزورني تحت شكل الخبز.
يا يسوع الخفي، في النهاية خذ قلبي العطشان
الذي يتحرّق لك بنار ساروفيميّة نقيّة
أسير في الحياة على خطاك، ولا أُغلَب،
كفارس مرفوعة الرأس، رغم أنني خادمة ضعيفة.
1428- منذ شهر وصحتي تتدهور. كل مرّة أسعل أشعر أنّ رئتي تتمزّقان.
وأشعر أحيانًا بانحلال كامل في جسدي ويصعب أن أشرح شدّة الألم المتأتّي من ذلك. رغم أنني أقبل ذلك بملء إرادتي، يتحمّل جسدي من جراء ذلك ألمًا أكثر قساوة من لبس القميص الحديدي أو مِن الجَلد حتى الإدماء.
شعرت بذلك بشكل خاص بينما كنت ذاهبة إلى المائدة. قمت بجهد كبير لأتناول شيئًا ما، لأن كل طعام كان يتسبّب لي بالقياء. شعرتُ في الوقت نفسه بألم في أمعائي. حملت لي كل الأطعمة المتبّلة بالحرّ أوجاعًا قاسية.
1429- غير أنني سألت معرّفي: هل ينبغي أن أثابر في الألم من أجل الخطأة أم أطلب إلى الرئيسات أن يسمحن لي، إستثنائيًا، بطعام، أكثر طراوة. قرّر أنه يجب علي أن أطلب إلى الرئيسات طعامًا أقلّ حرًّا. وهكذا تبعتُ توجيهاته مُعتبرة أن اتضاعي هذا هو أكثر إرضاءً لله.
1430- بدأت ذات يوم أن أشكّ: هل أستطيع دائمًا أن أتحمّل الشعور المتواصل بإنحلال جسدي وأن أمشي وأعمل في الوقت نفسه. ربما كان ذلك نوعًا من الوهم. غير أنه لا يمكن أن يكون وهمًا طالما أقاسي آلامًا مرعبة. بينما كنتُ أفكّر بذلك أتت إحدى الراهبات تحدّثني. وبعد دقيقة أو دقيقتين، قلبت شفتيها باشمئزاز بشع وقالت: «يا أختي، إنني أشمّ رائحة نتن جثّة تتفكّك. إنه لشيء قذر». قلتُ لها: «لا تخافي يا أختي إن رائحة النتن هذه تنبعث منّي». فتعجّبت كثيرًا وقالت: «لا أستطيع أن أتحمّل بعد». ولما غادرت، أدركتُ أن الله سمح لها أن تشمّ هذه الرائحة كي يُزيل شكّي، وأنه بتدبير عجائبي أخفى معرفة آلامي عن كل الجمعيّة. يا يسوع خاصّتي أنت وحدك تُدرك عمق تضحيتي.
1431- مع ذلك، قد أصبحتُ على المائدة موضوع شكّ شائع أنني متطلّبة [في طعامي] وكان عليّ أن أتحمّل ذلك. في مثل هذا الوقت، كنتُ أسرع كالعادة، إلى بيت القربان وأنحني أمام الكأس فاستمدّ منه قوّة لقبول إرادة الله. وما كتبته لم يكشف بعد عن كل شيء.
1433- في الإعتراف اليوم، بينما كان [الكاهن المعرّف] يتقاسم معي البرشانة روحيًّا، أعطاني هذه الأمنيات: «أولًا: أبقي بقدر استطاعتك، أمنية لنعمة الله، ثانيًا: إطلبي رحمة الله لكِ وللعالم كله. لاننا نحن كلنا بحاجة إليها». قُرأت على المائدة، يومين قبل الميلاد هذه الكلمات: «غدًا هو مولود يسوع بالجسد».عند سماع هذه الكلمات، إخترق نفسي نور الله وحبّه وازدادت معرفتي لسرّ ابن الله عمقًا. كم هي عظيمة رحمة الله التي يتضمّنها سرّ تجسّد ابنه.
1434- جعلني الرب اليوم أدرك غضبه على البشرية التي تستحقّ تقليص أيام وجودها بسبب خطاياها. ولكن فهمت أن النفوس المختارة أي المؤسسات الرهبانية، هي التي تحافظ على العالم. الويل للعالم إذا ما افتقر الى مثل هذه المؤسسات.
+ي.م.ي.
1435- أتمّم كل عمل وأنا أواجه الموت.
أتمّمه اليوم وكأنني قد أراه للمرة الأخيرة في حياتي.
رغم أن الحياة، هي كالريح، تمضي بهدوء.
فلا يضمحلّ أي عمل نقوم به من أجل الله.
أشعر بتفكّك تامّ لجسدي.
رغم أنني ما أزال أعيش وأشتغل.
لن يكون الموت مأساة بالنسبة لي.
لقد شعرت به منذ وقت طويل.
رغم أنه يصعب على الطبيعة
أن تشمّ دائمًا نَتَن تفكّك الجسم،
غير أنّ الأمر ليسَ مخيفًا إذا كانت الروح ممتلئة من نور الله.
لان فيها ينبعث الإيمان والرجاء والحبّ والتوبة.
أقوم كل يوم بجهد كبير
حتى أشارك الجمعية في حياتها.
بذلك أربح النعم من أجل خلاص النفوس
وأحميها بتضحياتي من نار الجحيم.
خلاص نفس واحدة
يستأهل تضحيات حياة بكاملها
ويستأهل تحمّل أكبر التضحيات والعذابات،
لاسيّما أنها تؤدّي لله مجدًا عظيمًا.
1436- يا سيدي، رغم أنك توضح لي صخب غضبك، يضمحلّ هذا الغضب أمام النفوس المتواضعة. رغم أنك عظيم يا سيدي، تُتيح لذاتك أن تسيطر عليك نفس عميقة التواضع. أيها التواضع، يا أثمن الفضائل، كم هي قليلة النفوس التي تعتنقك. أرى فقط مظهرًا لهذه الفضيلة في كل مكان ولكن ليس الفضيلة بالذات يا سيدي، حوّلني إلى لا شيء في عينيّ كي أجد نعمة في عينيك.
1437- + ليلة الميلاد 1937. بعد المناولة جعلتني أمّ الله أختبر القلق الذي تدّخره في قلبها بسبب ابن الله. إنّما خالج هذا القلق عبير الإستسلام إلى إرادة الله، ففضّلت أن أسمّيه ابتهاجًا لا قلقًا. أدركت كم يتوجّب عليّ أن أقبل ارادة الله في كل شيء. إنه لمن المؤسف أن لا استطيع التعبير عن ذلك كما اختبره. إستغرقتْ نفسي طوال النهار بتأمّل عميق. لم يستطع شيء أن يبعدني عن هذا التأمّل، لا واجباتي ولا معاملتي مع الأشخاص العلمانيّين.
1438- قبل العشاء ذهبتُ على الكنيسة، لوقت قصير، كي أكسر الخبز روحيًا مع أعزّاء على قلبي، رغم بُعدهم. إستغرقت أولًا في صلاة عميقة سائلة الرب نِعم لهم جميعًا، كفريق واحد، ثمّ لكل شخص بمفرده. جعلني الرب أدرك كم رضي بذلك. وامتلأت نفسي بفرح متزايد لتأكّدي أن الربّ يخصّ بالحبّ أولئك الذين نحبّهم.
1439- + بعد دخولي المائدة، إستغرق كل كياني في الله. وقت القراءة، رأيت الله داخليًا ينظر إلينا برضى. بقيتُ وحدي مع الآب السماوي. في هذا الوقت بالذات تعمّقتْ معرفتي بالأقانيم الإلهيّة الثلاثة الذين سنتأملهم طوال الأبدية، وبعد ملايين من السنين، سنكتشف وكأننا قد بدأنا بهذا التأمّل منذ وقت قصير. آه! كم هي عظيمة رحمة الله التي للإنسان أن يشترك، بهذه الدرجة العالية، في سعادته الإلهية. وفي الوقت نفسه حزّ في نفسي ألمٌ كبير، [لرؤية] أناس يحتقرون هذه السعادة.
1440- لمّا بدأنا نتقاسم الحلوى، ساد بيننا حبّ صادق ومتبادل. عبّرت لي الأم الرئيسة [إيرين] عن رغبتها هذه: «يا أختي، إن اعمال الله تسير ببطء فلا تستعجلي». تكنّ لي الراهبات أجمالًا حبًّا عميقًا وهذا ما أتمناه فوق كل شيء. وبدا لي أن أمنياتهنّ الطيبة هي صادرة عن قلبهنّ عدا راهبة واحدة كانت تخبّىء في أمنياتها بعض الخبث، فلم أتألّم من جراء ذلك لأن الله قد سيطر على نفسي. غير أنني أدركت كيف أن الله هو قليل الوصال مع مثل هذه النفس التي تفتّش دائمًا عن ذاتها حتى في الشؤون المقدّسة. آه! كم هو صالح الرب الذي لم يدعني أضلّ. أعرف أنه سيحميني بغيرته الإلهية طالما أنا طفلة، لأن الرب يحبّ أن يتواصل مع نفوس الأطفال. أما النفوس المتكبّرة، فيراقبها عن بُعد ويناهضها.
1441- رغم أنني اردت أن أسهر بعض الوقت قبل قداس نصف الليل فلم أستطع إلى ذلك سبيلًا. سيطر عليّ النعس مرّة وشعرتُ بضعف متزايد. ولكن لمّا قرع جرس قداس نصف الليل ترجّلت فجأة وارتديت ثيابي، ولكن بصعوبة كبرى، لأن المرض عاودني من جديد.
1442- + لمّا وصلت إلى قدّاس نصف الليل، إستغرقتُ منذ بدايته بتأمّل عميق رأيت خلاله إسطبل بيت لحم مشعًّا بالأضواء. العذراء مريم هائمة في بحر الحب، تلفّ يسوع بالأقمطة، أما القديس يوسف كان نائمًا. وايقظه نور الله. راح يصلّي بعد أن وضعت أم الله يسوع في المذود. بعد قليل تُركتُ وحدي مع الطفل يسوع الذي مدّ يديه الصغيرتين نحوي ففهمت أنه ينبغي أن آخذه بين ذراعي. ضمّ يسوع رأسه إلى صدري وجعلني أدرك بنظره العميق، كم يطيب له أن يكون قريبًا من قلبي. حينئذ توارى يسوع ودقّ جرس المناولة المقدسة.
1443- غَمَر الفرح نفسي ولكن قبيل نهاية القداس شعرتُ بضعفي وغادرت الكنيسة إلى حجرتي، ولم أستطع أن أشارك الجماعة في شرب الشاي. كان فرحي طوال موسم الميلاد كبيرًا لأنني كنتُ دائمًا متّحدة بالرب. وأدركت أن كل إنسان يرغب في التعزية الإلهية، عليه أن لا يسعى إلى التعزية البشرية لأنهما شيئان مختلفان.
1444- طوال موسم الميلاد إستشعرتُ أن بعض النفوس كانت تصلّي من أجلي. وابتهجتُ في مثل هذا الإتحاد الروحي والمعرفة الذين نجدهما من الآن هنا على الأرض. فلتتمجّد يا يسوع من أجل كل هذا.
1445- في غمرة الآلام، أنا دائمًا وحدي. ولكن لا، لست بوحدي، أنا معك يا يسوع. أتحدّث هنا عن الآخرين: لا يفهم أحدٌ منهم قلبي، ولم أعدّ أتعجّب من ذلك، بينما اعتدت أن أتعجّب لمّا كانت نواياي تُشجَب وتُفسّر خطأً. كلّا، هذا لا يدهشني الآن. لا يعرف الناس كيف يفهمون النفس. يرون الجسد ويحكمون حسب الجسد. إن أفكار الله هي بعيدة عن أفكارنا بُعدَ السماء عن الأرض. غالبًا ما اختبرتُ ذلك وحدث أن […].
1446- قال لي الرب: «لا يجب أن تضطربي من تصرّفات الآخرين. أنت مرآة حيّة لحبّي ورحمتي». أجبته «ولكن يا رب، إنهم ينتفعون من طيبتي». «لا فرق ، يا ابنتي، هذا لا يعنيك. أما أنتِ، كوني رحومة للآخرين ولا سيّما للخطأة».
1447- «آه! كم تؤلمني قلة إتحاد الناس بي في المناولة المقدسة فلا يكترثوا لي. أحبّهم بصدق وحنان وهم لا يثقون بي. أريد أن أغدق عليهم نعمي وهم يرفضونها. يعاملونني كشيء جامد بينما قلبي يطفح حبًّا ورحمة. كي تكوّني فكرة ولو ضعيفة عن ألمي، تصوّري أكثر الأمهات حبًّا لأولادها بينما هم يحتقرون حبّها، تخيّلي ألمها. لا يستطيع أحد أن يعزّيها هذا هو تشبيه وصورة شاحبة لحبّي».
1448- «أكتبي وتحدّثي عن رحمتي. أخبريهم أين يجب أن يفتشوا عن التعزية، أي في محكمة الرحمة [في سر المصالحة] هناك تحصل الآيات الكبرى وتتكرّر دون إنقطاع. لا يتوجّب عليهم أن يحجّوا في البعيد إلى الأماكن المقدّسة، كي يستفيدوا من هذه الآيات، أو أن يشتركوا في بعض الإحتفالات الدينية الظاهرة. يكفي أن يأتوا بإيمان إلى أقدام ممثّلي وأن يكشفوا عن حقارتهم فتظهر لهم جليًا آية الرحمة الإلهية. ولو كانت النفس مثل جثّة مهترئة وقد فقدت كل أمل بإعادة الحياة لها، من وجهة نظر بشرية، فالأمر يختلف بنظر الله. إن آية الرحمة الإلهية تعيد الحياة كاملة إلى هذه النفس. آه! كم هم تعساء الذين لا يستفيدون من آية رحمة الله! عبثًا تناديهم، سيسبقهم القطار».