الدفتر السادس

136- (1648-1655) إعبدي يا نفسي رحمة الرّب

أناشيد كتبتها القديسة فوستينا

1648- كنتُ على وشك أن أطلب من الأم الرئيسة [إيرين] السّماح لي أن أحتفظ في غرفتي بشيء أروي فيه عطشي الشّديد. وقبل أن اسألها بدأت الأم الرّئيسة بالحديث قائلة: «يا أختي يجب وضع حدّ لهذا المرض نهائيًا، بطريقة أو بأخرى، عليك أن تخضعي إلى شيء من العلاج المنظّم. لا يمكن أن تطول الأمور على هذا الشّكل». بعد قليل لمّا وجدت وحدي قلت: «يا يسوع- ماذا يجب أن أصنع؟ أطلب منك الصّحة أم الموت؟ لم يكن لديّ طلب واضح لذا سجدت” وقلت: «فلتكتمل بي مشيئتك اصنع بي يا يسوع ما تريد». في هذا الوقت بالذات شعرت بوحدة خانقة واعترتني نوبات متنوّعة. غير أنّني وجدت السّلام في الصّلاة الحارّة وأدركت أنّ الأم الرّئيسة أرادت فقط أن تمتحنني.

1649- لا أعلم ماذا جرى، لكن غرفتي حيث أنام أُهمِلت كثيرًا. وأحيانًا تُترك لمدّة أسبوعين دون تنظيف. وغالبًا، لا أحد يشعل النّار في الموقد ممّا زاد سعالي سواء قد أسأل أحيانًا أن توقد النّار ولكن تنقصني الشجاعة، في أكثر من مرّة أن أطلب ذلك. جاءت مرّة الأم الرّئيسة لتراني وسألتني إذا كان ربّما من الضّروري أن ندفئ الغرفة فقلت لا! لأنّ الطّقس في الخارج أصبح دافئًا ويمكنني أن أفتح الشّباك.

1650- يوم أوّل جمعة من الشّهر. لمّا أخذت بين يديّ مجلّة “رسول القلب الأقدس” وقرأت تقرير عن “اعلان قداسة القدّيس أنديه بابولا Bubola”، فجأة امتلأت نفسي توقًا شديدًا لرؤية قدّيسة من بين أعضاء جمعيّتنا وبكيت كطفلة صغيرة لأنّ جمعيّتنا لم تعطِ بعد هذه القدّيسة وقلت للرب: «أعرف كرمك ولكن يبدو أنّك أقلّ اكرامًا نحونا».

وعدتُ إلى البكاء كطفلة صغيرة. فقال لي الرّب: «لا تبكي، أنت هي تلك القدّيسة». فغمر نور الرّب روحي وأدركت كم عليّ أن أتألّم وقلت للرب: «وكيف سيكون ذلك؟ أأنت تحدّثني عن جمعيّة أخرى؟». أجاب الرّبّ: «لا ينبغي أن تعرفي كيف سيكون ذلك. إنّ واجبك هو أن تبقي أمينة لنعمتي وأن تتمّمي دائمًا ما هو باستطاعتك وما تسمح به كلّ الطّاعة».

1651- +زارتني اليوم راهبة وقالت: «إنّ إحدى الرّاهبات هي متطلّبة جدًّا في مرضها وأضافت أنّها تجدها مزعجة وستعطيها بكلّ سرور نصيحة خاصّة مشيرة لها أنّها ليست من هذا الدّير».

أبديْت لها ذهولي من هذا التّفكير وقلت لها: «فكّري يا أختي، كم أمضت هذه الرّاهبة المريضة من ليالي دون نوم وما كابدت وكم ذرفت من دموع ..» فبدّلت الرّاهبة تفكيرها.

 +ي.م.ي.

1652- إعبدي يا نفسي رحمة الرّب
وامتلئ يا قلبي بهجة به،
لأنّه هو اختارك لنشر مجد رحمته.
لم يُدرك أحد ولم يضع قياسًا لصلاحه،
وانّ رأفته غير مُعلَنة،
وتختبرها كلّ نفس تقترب منها
فهو يحميها ويضمّها إلى صدره الرّؤوف.

طوبى للنفس التي وضعت ثقتها بِصلاحك
واستلمت كلّيًا إلى رحمتك.
تمتلئ نفسها بِسلام الحبّ،
وأنت تحميها في كلّ مكانٍ كإبنة لكَ.

أيّتها النّفس، مهما كنتِ في هذا العالم،
حتّى ولو كانت خطاياك سوداء كاللّيل،
لا تخافي الله، أنت الطّفلة الضّعيفة،
لأنّ قوّة رحمة الله عظيمة.

+ ي.م.ي.

1653- تتوق نفسي إلى نور الأعالي،
حيثُ يسكن الرّبّ،
إلى هناك يشتاق قلبي،
ونحوكَ مشدودٌ كلّ كياني.

أسير بسرعةٍ إلى العالم الآخر إلى الله وحده،
إلى ذات نار الحبّ، في النّور غير المدرَك.
لأنّ قلبي وروحي هُما مخلوقان له،
وانّ قلبي أحبَّه منذ حداثتي

هناك في ملامح نورك المشعّ،
يتوق حبّي أن يرتاح،
لأن عذراءك تنازع من أجلك من منفاها،
ولا تحيا إلّا متّحدة بك.

+ي.م.ي.

إنّ نهاري يميل إلى الغروب.
منذ الآن أرى تألّق نورك الإلهي.
لن يدري أحد بما يشعر به قلبي.
وتصمتُ شفتاي بتواضعٍ عميق.

منذ الآن اقترب من العرس الأزلي،
من السّماء اللامتناهية إلى المجالات التي لا حدود لها
أتوق دون راحة او مكافأة.
إنّ حبّي الصّافي كلّه الله يشدّني نحو السّماء.

منذ الآن أذهب للقائك أيها الحبّ الأزليّ،
بقلبٍ يتأجّج بشوقه إليك
أشعر أنّ حبّك الصّافي، يا ربّ، يستقرّ في قلبي.
وأتحسّس مصيري الأبديّ في السّماء.

منذ الآن أذهب إلى والدي في السّماء الأزليّة.
من أرض المنفى من وادي الدّموع.
لا تستطيع الأرض بعد أن تحبس قلبي النّقي.
فقد شدّتني أعالي السّماء إليها.

 

أذهب، يا عريسي، أذهب لأرى مجدك
الذي يملأ الآن روحي بالفرح
هناك حيث السّماء هي غارقة في عبادتك
أشعر أنّ عبادتي ترضيك، رغم أنّني لا شيء.

لا أنسى، في السّعادة الأبديّة،
أولئك الذين هُم على الأرض،
وسأنال رحمة الله لهم جميعًا.

 

وسأخصّ بالذّكر كلّ الذين كانوا أعزّاء إلى قلبي،
وانّ استغراقي العميق بالله لن يسمح لي أن أنساهم.
في هذه الأوقات الأخيرة لا أعلم كيف اتحدّث إلى الآخرين،
أنتظرك بالصّمت أنت وحدك يا الله.
سيدرك الجميع عمل الله في روحي.
وأعلم أنّ تلك هي ارادتك، فليكن حسبما تشاء.

+ي.م.ي.

1654- أيتها الحقيقة، أيتها الحياة الشائكة كي نتمكّن أن نمرّ بها منتصرين، يجب أن نتّكل عليك، أيها المسيح وأن نكون دائمًا قريبين منك.

قد لا أدري كيف أستطيع ان اتحمّل الألم بدونك أيها المسيح.
ولا أستطيع وحدي أن اتحمّل المضايقات،
وتنقصني الشجاعة، وأنا وحدي أن أشرب من كأسك. ولكن أنت معي دائمًا يا رب وتقودني في الممرّات السرّية.

طفلة صغيرة أنا، بدأت المعركة باسمك.
وقد حاربت بشجاعة، ولو لم يكن النجاح غالبًا حليفي.
وأدرك أنك رضيت عن جهودي.
وأعرف أنك ستكافئ في الأبديّة على الجهود فقط.

أيتها الحقيقة، يا معركة الحياة والموت،
لمّا اتأهّب للمعركة وأنا فارسة دون خبرة،
أشعر أن دم الفرسان يجري فيّ رغم أنني طفلة،
ومع ذلك أحتاج يا يسوع إلى مساعدتك وحمايتك.

لن يرتاح قلبي من جهده ومعركته
قبل أن تدعوني أنت من ميدان المعركة.
سأقف أمامك لا لألقى مكافأة،
بل لأستغرق فيك بسلام الأبد.

1655- أيها المسيح، لو أدركت نفسي، دفعة واحدة، كم عليها ان تتألّم طوال حياتها، لماتت رعبًا من النّظرة الأولى، ولمّا لمستْ شفتاه كأس المرارة.

ولكن، وقد أُتيحَ لها أن تشرب نقطة نقطة، فقد أفرغت الكأس حتى الثمالة. أيها المسيح لو لم تساعد أنت النفس، فماذا يمكنها أن تحقّق وحدها؟ نحن أقوياء ولكن بقوّتك. نحن قدّيسون ولكن من قداستك وماذا نحن بحد ذاتنا؟ أقلّ من اللّاشيء.

+ يا يسوع أنت تغنيني عن كل شيء في العالم، رغم أنّ آلامي قاسية، فأنت تشجّعني. رغم أنّ أوقات الوحدة هي مخيفة، فأنت تضع فيها الحلاوة. ورغم أنّ الضّعف هو متفاقم فأنت تحوّله فيّ إلى قوّة

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق