الدفتر الأول

40- فوستينا تكتشف السعادة في الثقة وإتمام إرادة يسوع المسيح

195- يا يسوع، يغمر اليوم نفسي سواد الآلام، فلا ترى وميض نور. العاصفة تهبّ ويسوع هو نائم. يا معلّمي، إنني لن أيقظك. لن أعكّر نومك الهادىء. أومن انك تقوّيني دون أن أعرف ذلك.

أعدك مدى الساعات الطويلة، أيها الخبز الحي في وسط قَحط نفسي الكثيرة الجفاف. يا يسوع ، أنتَ الحبّ الصافي، لا أحتاج إلى تعزيات. إنني أتغذّى من إرادتك يا كلّي القدرة. إن إرادتك هي هدف وجودي. أشعر كأن العالم كله هو في خدمتي ويتعلّق بي. أنت يا رب تعرف نفسي مع كل أمالها.

يا يسوع لمّا لا أستطيع أن أرتّل لك ترنيمة الحب، أعجب لتراتيل الساروفيم الذين تخصّهم بمحبتك. أريد أن أغرق نفسي، مثلهم، فيك. لا شيء يكبح حبّي لك لأن لا قوّة تسيطر عليها. فهي كالبرق تنير الظلمة دون أن تمكث فيها، يا معلّمي قَوْلب نفسي وفقاً لإرادتك وتصاميمك الإلهية.

196- يبدو أن راهبة ما وضعتْ كل همّها في محاولة إمتحان فضيلتي بكل الوسائل. أوقفتني يوماً في الممرّ وبدأت تقول لي إن ليس لديها من أسباب لتوبّخني، غير أنها أمرتني أن أقف تجاه الكنيسة الصغيرة لنصف ساعة وانتظر الأمّ الرئيسة التي ستمرّ من هناك بعد النزهة وأن أشتكي على ذاتي بشتّى الأشياء التي أملتها عليّ. رغم أنه لا علم لي بتلك الأشياء داخل نفسي، أطعتُ وانتظرت الأم الرئيسة طيلة نصف ساعة. وكانت كلّ راهبة تمرّ من هناك تنظر إليّ بابتسامة سخريّة. ولمّا اشتكيت على نفسي عند الأم الرئيسة[رافائيل] أرسلتني إلى عند معرّفي . لما اعترفتُ لاحظ المعرّف فوراً أن هذه الأشياء لم تصدر عن نفسي وأن لا علم لي فيها وتعجّب كيف تجرأ تلك الراهبة وتبادر إلى إعطائي هذا الأمر.

197- يا كنيسة الله، يا أفضل أمّ، أنت وحدك قادرة أن ترفعي بنفسي في طريق النموّ. آخ ! كم هي كبيرة محبتي للكنيسة، أفضل الأمهات.

198- قال لي الرب في إحدى المناسبات: «يا ابنتي، إن ثقتك ومحبتك تقيّد عدالتي، ولا أستطيع أن أعاقب لأنك تمنعيني عن ذلك». آه ! كم هي عظيمة قوّة النفس المليئة من النِعَم.

199- لمّا أفكر بنذوراتي المؤبدة وبالذي يريد أن يتحدّ بي، أستغرق ساعات طويلة في التفكير به. كيف يكون ذلك. أنت إله وأنا خليقة. أنت الملك الخالد وأنا مستعطية والحقارة بالذات.ولكن قد وَضح كل شيء لي. إن نعمتك ومحبتك تردم الهوّة بينك، يا يسوع، وبيني.

200- يا يسوع! كم تتأذى النفس التي تحاول دائماً أن تكون صادقة، وينعتونها بالخبث ويتصرّفون معها بحذر. لقد تألمت أنت يا يسوع أيضاً بهذا الشكل لترضي أباك.

201- أريد أن أخبىء ذاتي حتى لا تستطيع خليقة أن تعرف قلبي. يا يسوع، أنت وحدك تعرف قلبي وتملكه بكلّيته. لا أحد يُدرك سرَّنا، ونفهم بَعضنا البعض من نظرة واحدة. بدأت سعادتي منذ اللحظة التي تعرّفنا بها على بَعضنا البعض. إن عظمتك هي ملء اكتفائي. يا يسوع، لمّا أكون في آخر مكان، أدنى حتى من أصغر المبتدئات سنّاً، أشعر آنذاك أنني في المكان الذي يليق بي. لم أكن أعلم أن الله وضع مثل هذه السعادة في تلك الزوايا الصغيرة القائمة، فهمتُ الآن أنه حتى في السجن يمكن أن يتفجّر من قلب صافٍ، ملءُ الحب لك. إن الحبّ الصافي يتخطّى الأمور الخارجية ولا يهتمّ لها قطعياً. فلا توقفه لا أبواب السجون ولا أبواب السماء مهما قويت. فيبلغ إلى الله بالذات ولا يخمده شيء. ولا يعرف الصعوبات، فهو حرّ كملكة، ويمرّ بحرية إلى كل مكان ويحني الموت رأسه أمامه.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق