الدفتر الثاني

90- نزلتُ من السماء بدافع الحب لك. عشتُ لأجلك، متُ لأجلك وخلقت السموات لك

 28 كانون الأول 1936

851- بدأت تساعية للرحمة الإلهية، أي أستحضر الله بالروح أمام الصورة وأتلو السبحة التي علّمني إياها الرب. في اليوم الثاني من التساعية رأيت الصورة، كما هي، حيّة مزدانة بأضواء نذريه لا تُحصى، ورأيت جمهورًا غفيرًا يتقدّم نحوها ويملأ الفرح عددًا كبيرًا منهم. يا يسوع، بأي فرح عظيم ينبض قلبي. أقدّم التساعية على نيّة شخصين هما رئيس الأساقفة جلبريزكوفسكي والأب سوبوتشكو، أطلب الى الرب بإلحاح أن يُلهم رئيس الأساقفة ليوافق على السبحة التي تُرضي الله كثيرًا ويوافق على الصورة أيضًا وأن لا يُوقف أو يؤجّل العمل.

852- صعقني اليوم نظر الرب فجأة مثل البرق. فعرقت للحال أصغر نفائص نفسي. وإذ أدركت أعماق حقارتي، خررت ساجدة على ركبتي، وطلبت المسامحة من الرب، وبأمانة ثابتة إستغرقت في رحمته اللامتناهية. إن مثل هذه المعرفة لا تهبط عزيمتي ولا تبعدني عن الرب، بل بالأحرى تحرّك في نفسي حبًا إكبر وثقة لا تُحَدّ. إن ندامة قلبي هي مرتبطة بالحب. فتلك الإضاءات الخارقة العادة من لدن الرب تثقّف نفسي. فيا أشعّة الله أنيري أعماقي الأكثر سرًّا لأنني أريد أن أصل إلى أسمى طهارة ممكنة للقلب والنفس.

853- عند المساء إستولى على نفسي توق عميق. أخذت الكتيّب المطبوعة عليه صورة يسوع الرحوم، وضمّيته علي قلبي. فانطلقت هذه الكلمات في نفسي: «يا يسوع، الحب، الأزلي، إنني أعيش لك، وأموت لك وأريد أن أتّحد بك». رأيت فجأة الرب في جماله الذي لا يوصف. نظر إليّ بحنان وقال: «يا ابنتي أنا أيضًا نزلتُ من السماء بدافع الحب لك. عشتُ لأجلك، متُ لأجلك وخلقت السموات لك». وضمني يسوع إلى قلبه وقال لي «قريبًا جدا، إطمئني يا ابنتي». لمّا وُجدت وحدي، إلتهبت نفسي بشوق إلى الإلم. إلى أن يقول الرب:«كفى». حتى ولو قُدِّرَ لي أن أعيش ألوف السنين، أراها على نور الرب وكأنها لحظة. النفوس…(جملة غير مكتملة).

29 كانون الأول 1936

854- سمعتُ اليوم بعد المناولة المقدّسة صوتًا في نفسي. «يا ابنتي، كوني مستعدة لأنّك ستأتي ساعة لا تنتظرينني فيها». يا يسوع، ألا تريد أن تخبرني عن الساعة التي أنتظرها بهذا الشوق؟: «يا ابنتي، انه لخيرك، ستعلمينها، ولكن ليس الآن، كوني مستعدّة». يا يسوع إصنع بي ما يطيبُ لك. أعلم أنك المخلّص الرحوم وأنك لن تتغيّر بالنسبة لي في ساعة موتي، إذا كنت اليوم تخصني بهذا الحب الفائق وقد تنازلت وأتّحدت بس إتّحادًا وثيقًا وبعطف كبير، فإنني أتوقّع المزيد في ساعة الموت. فأنت أيها الإله السيد لن تتغير. فأنت أبدًا كما انت. قد تتغير السّماء وكل شيء خلقته ولكن أنت أيها الرب، كما أنت وستبقى إلى الأبد. تعال إذا كما تريد وساعة تريد. يا أب الرحمة اللامتناهية، أنا إبنتك أنتظر بشوق قدومك. يا يسوع أنت قلت في الإنجيل المقدس: «من فمك أدينك». يا يسوع أتحدّث دائمًا عن رحمتك غير المدركة. لذا أثق أنك ستحاكمني حسب رحمتك التي لا تسبر.

30 كانون الأول 1936

855- لقد أشرفت السنة على النهاية. اعتبرتُ هذا اليوم بمثابة يوم الرياضة الشهرية. إستغرقتْ روحي بكل ما أغدقه عليّ الله من خيرات طوال السنة. إرتعدت نفسي لرؤية وفرة النعم الله. وصعدتْ من نفسي ترنيمة الشكر للرب. أمضيت ساعة بكاملها غارقة في العبادة والشكر متألمة بالنِعَم التي قبلتها من الرب، واحدة واحدة، وأيضًا بنقائصي الصغيرة. فكل ما إستوعبته هذه السنة أُفرغَ في لُجّة الأبدية. لم يضع شيء. أنا سعيدة بأن لا شيء قد ضاع.

30 كانون الاول 1936
يوم رياضة

856- في التأمّل الصباحي شعرتُ بنفور من كل شيء وكره له. فصغرت كلّ الأمور أمام عيني وانسلخت روحي عن كل الأشياء ولم أعد أرغب سوى في الله إنّما عليّ أن أعيش. هذا استشهاد أبعد من كل وصف. سيتأثّر الله بالنفس بحبّ خاص ويشدّها إلى أعماق إلوهيته اللامتناهية إنما يتركها، في الوقت نفسه، هنا على الأرض لهدف واحد وهو أن تتألّم وتموت توقًا اليه. وأنه لحبّ شديد حتى أنّ الله نفسه يتلذذ فيه. ولا مكانة فيه لحبّ الذات. لأنّ المرارة تشوب كل شيء هنا. بينما الحبّ لله هو طاهر. فالحياة هي موت متواصل مؤلم ومخيف. بينما هو في الواقع عمق حقيقة الحياة وقوّة النفس وسعادتها التي لا تدرك، لذا فإنها [النفس] قادرة على القيام بأعمال جبّارة من أجل الله.

857- + عند المساء صلّيت لبضع ساعات لأهلي وأقاربي أولًا. ثمّ لأجل الأم الرئيسة وكل الجمعية. من أجل طلّابنا ومن أجل أجل ثلاثة كهنة [ ربما رئيس الأساقفة جلبريزكوفسكي والأب سوبوتشكو والأب أندرز]. أنا مدينة لهم بالكثير. جُلت في طوال العالم وغرضه وشكرت الله على رحمته التي لا توصف ومن أجل نعمه التي وهبها إلى الشعوب وطلبت لهم السماح عن كل شيء أهانوني به.

858- في صلاة المساء رأيت الرب يسوع الذي نظر بعمق وحنان إلى نفسي: «اصبري، يا ابنتي لن يطول الوقت». فهذه النظرة العميقة وهذه الكلمات ملأت نفسي بعزم وقوة وشجاعة وثقة فائقة، تمكّنني من القيام بكل ما يطلبه منّي، رغم الصعوبات الجمّة. [وزدت] اقتناعًا خاصًا أن الرب هو معي وإنني أستطيع أن أعمل كل شيء معه. كل قوات الأرض والجحيم ليست بشيء لي. كل شيء يسقط أمام قوّة اسمه أودع كل شيء بين يديك يا سيّدي وإلهي، يا قائد نفسي الوحيد وجّهني حسب رغباتك الأبدية.

  +ي.م.ي.
كراكوف، برادفك، أول كانون الأول 1937

يا يسوع، أنا أثق بك

859- ودّعت في نصف ليل هذا اليوم سنة 1936العتيقة واستقبلت 1937. لقد استقبلت هذه المرحلة الجديدة من الزمن في ساعاتها الأولى بخوف واضطراب. يا يسوع الرحوم أذهب معك بحرارة وشجاعة إلى الجهاد والمعركة. باسمك أتمّم كل شيء وأتغلّب على كل شيء، يا إلهي الصلاح الذي لا يُحدّد، أتوسل إليك، لترافقني رحمتك اللامتناهية دائمًا وفي كل شيء. وإذا بدأ، هذه السنة، يسيطر عليّ الخوف الحياة، إنّما يعتقني يسوع من هذا الخوف ويعلّمني أي مجد عظيم سيحمل له عمل الرحمة هذه.

860- هناك أوقات في الحياة تتقوّى النفس فيها بالصلاة وحدها. لعلّ تلك النفوس تتعلّم تثابر في الصلاة في مثل هذه الأوقات. انه لأمر هامّ.

+ ي.م.ي.
يا يسوع أنا أثق بك.
+ مقاصد لسنة ١٩٣٧ اليوم الأول من الشهر الأول.

861- فحص الضمير، هو ذاته. لاسيما أن أبقى متّحدة بيسوع الرحوم «أي، أصنع ما قد يصنعه يسوع في هذه الحال أو تلك»، وأن أضمّ بالروح العالم كله وبالأخص روسيا وإسبانيا.

مقاصد عامة:

1- حفظ صارم للصمت، الصمت الداخلي.

2- أرى صورة الله في كل راهبة ويجب أن تنبثق كل محبة للقريب من هذا الواقع.

3- أتمّم ارادة الله بأمانة في كلّ برهة من حياتي وأعيش بهذه الإرادة.

4- أؤدي حسابًا دقيقًا عن كل شيء إلى المرشد الروحي ولا آخذ أية مبادرة هامة دون تفاهم تامّ معه. سأحاول أن أكتشف له عن عمق أسرار نفسي متذكرة إنني أتعامل مع الله نفسه وليس ممثّله إلّا كائنًا بشريًا  وعليّ أن أصلّي كل يوم لينيره الله دائمًا.

5- في فحص الضمير عند المساء أطرح على ذاتي هذا السؤال: ماذا لو دعاني الله إليه اليوم؟

6- أفتش عن الله لا في البعيد بل في داخلي حتى أسكن دائمًا معه.

7- ألتجىء من الآلام والعذابات إلى بيت القربان وأصمت.

8- أضمّ كل آلامي وصلواتي وأعمالي واماتاتي الى استحقاقات يسوع كي أنال الرحمة لكل العالم.

9- أكرّس وقتًا وجيزًا للصلاة من أجل المنازعين.

10- لا يجب أن يمرّ يوم دون أن أستودع الرب اعمال جمعيتنا. لا أعير انتباهًا لما يفكّر الآخرون فيّ (بسبب الحياء البشري).

11- لا أقيم علاقات حميمة مع أحد. حزم مهذّب نحو البنات وصبر لا حدود له. قصاص صارم ولكن من هذا النوع: صلوات وتضحيات. إن قوة إخلاء ذاتي من أجلهنّ هي [ينبوع] لتوبيخ ضمير متواصل وتليين قلبهن المتحجّر.

12- أعتبر وجود الله فيّ أساس كل أفكاري وأحاديثي وأعمالي.

13- أستفيد من كل مساعدة روحية. أضع حبّ الذات في مكانه المناسب أي في الآخر. أقوم بالتمارين الروحية وكأنني أنفّذها لآخر مرّة في حياتي وبطريقة أكمّل فيها كل واجباتي.

 2 كانون الثاني 1937
اسم يسوع.

862- كم هو عظيم اسمك يا رب. فهو قوة نفسي. عندما تخور قواي ويعتريني الظلام. إشعاعات اسمك تنيرني وتعطيني الدفء فتصبح النفس تحت تأثيرها أكثر جمالًا وتألّقًا مستمدّة بهاءها من اسمك، لمّا اسمع اسم يسوع الكلّيّ العذوبة تزداد نبضات قلبي قوّة وأحيانا- عند سماع اسم يسوع- يُغمى عليّ، تتوق روحي بتلهُّف نحو الله.

863- إن لهذا اليوم أهمية كبرى بالنسبة لي. في مثل هذا اليوم قمت بالزيارة الاولى المتعلّقة برسم الصورة، في مثل هذا اليوم نالت النعمة الإلهية تكريمًا خارجيًا خاصًا لأول مرة، بالشكل الذي طلبه الرب، رغم أنها كانت معروفة منذ زمن طويل. يوم اسم يسوع العذب هذا يذكّرني بالنعم الخاصة التي نلتها.

3 كانون الثاني

864- جاءتني اليوم، بزيارة خاصة، الأم الرئيسة العامة للجمعية التي تخدم هذا المستشفى ترافقها إحدى راهباتها. تحدثنا الوقت الطويل عن مواضيع روحية. رأيت فيها زاهدة عظيمة وكان حديثنا مرضيا لله. جاءت اليوم احدى الفتيات لتزورني ورأيت أنها تتعذّب روحيًا أكثر منه جسديًا. شجّعتها بقدر استطاعتي ولكن لم تكن كلمات تشجيعي لها كافية. كانت يتيمة مسكينة غائصة في المرارة والألم. فتحتْ لي قلبي وأخبرتني بكل شيء. فهمتُ  ان في مثل هذا الحال، لا تكفي كلمات التعزية. تضرّعت إلى الرب بحرارة من أجل هذه النفس، وقدّمت له كل فرحي كي يحوّله لها ويأخذ منّي كل شعور بالسعادة. إستجاب الرب صلاتي. وتركت وحدي متعزّية بعزائها.

عبادة.
الأحد الأول من الشهر.

865- شعرتُ بقوة تدفع بي إلى التحرّك. فبكيت وقلت للرب: «يا يسوع، لا تلحّ عليّ بل ألهم الذين تعرفهم، إنهم يؤجلون العمل». وسمعت هذه الكلمات: «إطمئني يا ابنتي، فلن يطول الوقت».«

866- في صلاة المساء سمعت هذه الكلمات: «يا ابنتي، أريد أن استريح في قلبك لأن قلوبًا عديدة طردتني اليوم من قلبها. لقد شعرتُ بالحزن حتى الموت». حاولتُ أن أشجّع الرب بتقدمة محبّي له ألف مرة أكثر. وشعرتُ في داخلي بقرف كبير من الخطيئة.

867- إن قلبي هو غارق في مرارة دائمة لأنني أريد أن أذهب إليك أيها السيد في ملء الحياة. يا يسوع، كم تبدو لي هذه الحياة أشبه بصحراء قاحلة. فليس على الأرض من غذاء لقلبي أو نفسي. إن توقي اليك يا رب يتسبب لي بالألم. لقد تركت لي القربانة المقدسة يا رب، ولكن هي تزيد شوقي اليك التهابًا، يا خالقي وإلهي الأزلي. يا يسو إني أئنّ لأتّحد بك، فتنازل واسمع تنهدات حبيبتك العزيزة. كم أنا أتألّم لأني ما ازال عاجزة عن الإتحاد بك. إنّما فلتكن مشيئتك.

 5 كانون الثاني 1937

868- رأيت هذا المساء الكهنة [ربما الأب سوبوتشكو] بحاجة إلى الصلاة لقضية ما. صلّيت بحرارة لأن تلك القضية هي عزيزة على قلبي ايضًا. فشكرًا يا يسوع على حنوّك.

869- يا يسوع، إرحم، عانق العالم كله وضمّني إلى قلبك. يا سيد، دع نفسي تستريح، في بحر رحمتك التي لا تُحَدّ.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق