الدفتر الأول

16- (65-59) فوستينا تشاهد رؤى ويسوع يختار لها معرّفاً ويكافئها على ثقتها بباقات ورود رائعة الجمال

59- 1933. في إحدى المناسبات سمعتُ هذه الكلمات في نفسي: «قدّمي تساعية لأجل وطنك، وتقوم التساعية على تلاوة طلبة القديسين، إطلبي الإذن من معرفك» [ربما الأب سوبوكو أو الاب إندراز].

60- حصلتُ على الإذن أثناء اعترافي التالي وبدأتُ التساعية في المساء نفسه. ونحو نهاية الطلبة رأيت شعاعاً كبيراً وفي وسطه الله الاب. وبين هذه الشعاع والارض رأيت يسوع مسمّراً على الصليب، بشكل، إذاً أراد الله أن ينظر الى الارض، فينظر من خلال جروحات يسوع. ففهمت ان الله يبارك الأرض حباً بيسوع.

61- أشكرك يا يسوع على هذه النعمه الكبرى، لا سيما أنك تنازلت واخترت لي معرّفاً، وإنك أظهرته لي برؤية قبل أن ألتقي به [الأب سوبوكو]. لما اعترفت عند الأب اندراز اليسوعي، ظننتُ أنني أتحرر من تلك الإلهامات الداخلية. أجابني الأب أنه لا يمكنه أن يعفيني من ذلك «ولكن صلّي، يا أختي، حتى تُعطَي مرشداً روحياً».

بعد الصلاة وجيزة ولكن حارة، رأيت الأب سوبوكو مره ثانية، الكنيسة، بين المذبح وكرسي الاعتراف. كنت آنذاك في كراكوف. قوّت هاتان الرؤيتان روحي، لا سيما لما وجدته كما شاهدته الرؤية مرتين، المرة الاولى في فارسو طيلة اختباري الثالث، والمرة الثانية في كراكوف. أشكرك يا يسوع على هذه الهبة العظيمة. لما أسمع الان بعض الناس يقولون إن ليس لهم معرّف، يعتريني الخوف، لأنني أدرك جيداً كم اختبرت من الشدّة يوم لم يكن لديّ هذا العون. إنه من السهل أن نضيع حيث ليس لنا دليل.

62- أيتها الحياة الكئيبة والمملّة. كم تخبئين من كنوز. لما أنظر إلى كل شيء بعين الإيمان، فلا أجد ساعه تشبه الأخرى، وتضمحلّ الكآبة الرتابة. والنعمة التى تُعطى لي في هذه الساعة لا تتكرر في الساعة التالية. وإن أعطيت هده النعمة مرّة اخرى فلن تكون هي ذاتها. الوقت يمرّ ولن يعود أبداً. وكل ما يحتويه لن يتبدل لانه يُختَم بطابع الأبدية.

63- لا شكّ أن الله يحب الأب سوبوكو. أقول ذلك لأنني اختبرت بذاتي كم يحميه الله في بعض الاوقات. وأفرح جداً لما أرى هكذا مختاري الله.

1929 الرحلة إلى كلفاري Calvary

64- لما جئت إلى فيلينوس لمدّة شهرين لأحلّ محلّ اخت ذهبت إلى مرحلة اختبارها الثالث [الأخت بيتر peter التي كانت تعمل في المطبخ]، أمضيتُ اكثر من شهرين بقليل. ذات يوم سمحت لي الأم الرئيسة [الأم إيرين] بقصد أن توفر لي بعضاً من السرور، أن اذهب برفقة أخت أخرى، إلى كلفيري، لنتمشى في «الممرات»، كما يقال. ابتهجتُ فرحاً، رغم أن المسافة لم تكن طويلة. شاءت الأم الرئيسة أن نأخذ الزورق. قال لي يسوع ذاك المساء: «اريد أن تلزمي المنزل» فأجبت: «لقد حضّرنا كل شيء لنغادر غداً صباحاً فما يمكنني عمله الآن». أجابني الرب: «ستُسيء هذه الرحلة الى نفسك». قلت ليسوع: «يمكنك أن تجد طريقة لتخرجني من هذا المأزق، دبّر الأمور بشكل يتلائم وإرادتك». في ذلك الحين قُرع الجرس منبهاً الى وقت النوم. ألقيت نظرة أخيرة على يسوع وذهبتُ إلى غرفتي. في اليوم التالي كان الطقس جميلاً وكانت رفيقتي ممتلئة فرحاً لتوقّعها أن نُسرّ بكل ما سنراه. أما أن فكنت متاكدة أننا لن نذهب رغم عدم وجود اي عائق لغاية حينه.

كان علينا أن نتناول القربان قبل المعتاد ونغادر بعد صلاة الشكر. ولكن، وقت المناولة، تغيّر الطقس فجأة. غطّت الغيوم السماء وهطل المطر كالسيول. وتعجّب الجميع من تبدّ الطقس المفاجئ هذا. قالت لي الام الرئيسة: «إني آسفة، لا يمكننا الذهاب أيتها الاخوات». فأجبت: «لا بأس، أيتها الأم العزيزة، لا نستطيع الذهاب، لأن إرادة الله هي أن نبقى في البيت». ولم يعلم أحدٌ أنها كانت رغبة يسوع الواضحة أن لا نذهب. وأمضيتُ النهار بالصلاة والتأمل شاكرة الرب على بقائنا في البيت. أعطاني الله ذاك اليوم العديد من التعزيات السماوية.

65- ذات يوم من المرحلة الابتدائية، اضطربت جداً، لمّا أرسلتني الأم المديرة لأعمل في مراقبة المطبخ، لانه لم يكن بأستطاعتي أن احمل الأوعية الثقيلة. وإن اكثر المهمات صعوبه عليّ، كانت إفراغ وعاء البطاطا وإبقاء نصفه مليئاً بالماء. لما أخبرت الأم المديرة بالأمر، قالت لي ستتعوّدين مع الزمن على ذلك وستكسبين المهارة في هذا العمل. غير ان الشغل ازداد صعوبة بينما كانت صحتي تتقهقر كل يوم. وكنت أبتعد عندما يقترب وقت إفراغ البطاطا من الماء، فلاحظت الأخوات أنني أتحاشى هذا العمل وتعجّبن. فلم يدركن أنني لم أستطع إلى ذلك سبيلاً، رغم كل استعداداتي أن أقوم به ولا أوفّر لذاتي الراحة عند فحص الضمير ظهراً. شكوتُ إلى الرب ضعفي. سمعت حينئذ هذه الكلمات في نفسي: «سأعطيك القوّة وستقومين بهذا العمل بسهولة».

عند المساء وقد جاء وقت إفراغ الماء من وعاء البطاطا، كنت السبّاقة لهذا العمل، واثقة من كلام الرب. حملت الوعاء بسهولة وسكبتُ منه الماء بكل دقّة. ولما رفعت الغطاء لتتبخر الماء عن البطاطا، وجدت في الوعاء، بدل البطاطا، رزماً من الورد الأحمر في غاية الجمال وفوق كل وصف. لم يسبق أن رايت مثل هذه الورود. بينما أنا في غاية الذهول وعاجزة عن فهم ذلك، سمعت صوتاً في الداخل يقول لي: «لقد استبدلت العمل الشاق هذا بباقات من الورود في غاية الجمال، وقد ارتفعت نفحاتها الى عرشي».

منذ ذلك الوقت حاولت دائماً، أن أفرغ أوعية البطاطا بذاتي، ليس فقط في الأسبوع المخصّص لي في المطبخ، بل كنتُ آخذ أيضاً دور غيري من الأخوات. ولم اكتفِ بذلك بل كنتُ الأولى في المساعدة في أي عمل متعب، لأنني اختبرت رضى الله به. يا كنز صفاء النيّة الذي لا يفنى فيضفي الكمال على كل أعمالنا ويرضي الله.

أنت تعلم يا يسوع كم انا ضعيفة. كن دائماً معي. وجّه أعمالي وكلّ كياني، أنت يا أفضل معلّم. حقاً يا يسوع إنني أرتعد خوفاً لما أنظر إلى تعاستي. ولكن في الوقت نفسه أطمئنُّ إلى رحمتك غير المحدودة التي تفوق تعاستي قياساً بالأبدية. إن استعدادات نفسي ترتدي قوّتك، أيها الفرح المتدفّق من معرفة ذاتنا – أيتها الحقيقه غير المتبدّلة. إن ثباتك هو للأبد.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق