الدفتر الرابع

112- بداية الدفتر الرابع من مذكّرات القديسة فوستينا

مذكرات الأخت فوستين
رسولة الرحمة الإلهية

الدفتر الرابع

(1)+ ي.م.ي.
1231 – جاء يسوع اليوم ليسكن في قلبي
نزل من عرشه، من العُلى
الرب القدير، خالق كل شيء،
جاء إليَّ تحت أعراض الخبز.

أيها الإله السرمدي الساكن في قلبي،
أَمْلِكُ السماء كلَّها عندما أملِكُكَ،
وأُنشدُ لكَ مع الملائكة: قدُّوس
إنني أعيشُ لمجدِكَ فقط.

لقد وحّدت ذاتك يا الله، لا مع ملاك ساروفيميّ بل مع إنسان حقير،
الذي لا يستطيع شيئاً بدونك.
ولكن تُغدِقُ عليه دائماً رحمتَكَ.

إنّ قلبي هو مقرٌّ لكَ
يا ملك المجد السرمدي،
كُن سلطانَ قلبي وسيدي
كما في قصر رائع مجهول.

أيها الإله العظيم غير المُدرك
الذي تنازلتَ وواضعْتَ نفسَكَ،
إنني أعبدُك بتواضع،
وأتوسل إليك أن تخلِّصَني بجودك.

(2) + ي.م.ي.
1232 – يا أمَّ الله العذبة
حياتُكِ هي مثالٌ لحياتي.
أنتِ لي، الفجرُ الساطع،
أضيع بكِ.
أيتها الأم العذراء الطاهرة،
فيكِ، انعَكَسَ الشعاعُ الإلهي.
في وسط العواصف، لقد علَّمتِني أن أحُبَّ الرب،
أنتِ درعي وحمايتي من العدو

كراكوف، 8 آب 1937
1233 – الأخت ماري فوستينا للقربان الأقدس
أيتها القربانة المقدّسة ينبوع العذوبة الإلهية،
أنت تقوّي نفسي
أنت الكليّ القدرة التي أخذتَ جسماً من العذراء
تأتي سرًّا إلى قلبي،
بعيدة عن متناول الحواس الحائرة

(3) + ي.م.ي.
كراكوف 10 آب 1937
1234 – كل شيء هو لك يا يسوع. أرغب أن أعبدك مع كل نبضة من نبضات قلبي، بقدر ما أستطيع أن أشجّع النفوس على أن تثق برحمتك، كما أمرتني أنتَ يا رب.

1235 – تسيطر ظلمة حالكة على قلبي ونفسي. لقد اصطدمت روحي بحائط لا يُختَرَق ويُخفيكَ عني. لا تتأتّى هذه الظلمة من أعمالي. إنه لعذاب غريب حقًّا، يجعلني أخافُ من كتابة كل شيء. ولكن في هذه الحال، أحاولُ أن أبقى أمينة لك يا يسوع خاصتي. دائماً وفي كل شيء لا ينبضُ قلبي إلاّ لكَ وحدَكَ.

1236 – 10 آب 1937. رجعتُ اليوم من ربكا إلى كراكوف. صحتي جيدة. يسوع وحده يعلم كم أتألم. لقد تشبَّهتُ طيلة تلك الأيام بيسوع المصلوب. لقد تسلَّحتُ بالصبر كي أشرح لكل راهبة لماذا لا أستطيع البقاء هناك، وذلك بسبب تدهور صحتي. رغم أنني أدركتُ أنَّ بعض الراهبات ستتحرَّيْنَ، لا تعاطفاً مع آلامي، بل للزيادة عليها.

1237 – يا يسوع أيَّةُ ظلمَةٍ تغمُرني وأيُّ شقاءٍ يُخالجُني، لكن لا تتركني يا يسوع وحدي. إمنحني نعمة الأمانة. رغم أنني لا أستطيعُ أنْ أَلِجَ سرَّ زيارة الله، أستطيع القول: «فلتكن مشيئتك».

1238 – 12 آب. أثناء مروره في كراكوف زارني اليوم الأب سوبوكو لوقت قصير. أردتُ أن أراه فاستجاب الله رغبتي. هذا الكاهن هو إنسان عظيم مليء بروح الله. كان فرحي شاملاً وشكرتُ الله على هذه النعمة الكبرى لأنني شئتُ أن أراه لمجد الله الأعظم.

1239 – أيها القربان الحيّ، يا يسوع الخفيّ. أنت ترى حالة نفسي، لا أستطيع وحدي أن ألفظ اسمك القدّوس. لا أستطيع أن أُخرِجَ من قلبي نار الحب، ولكن، أُلقي على بيت القربان، وأنا ساجدة على ركبتي، نظر نفسي، نظر الأمانة. أما أنت، فدائماً ثابت، بينما يحدث في داخلي تبدّل مستمر. إنني أثق أنه سيأتي وقت تكشف فيه عن جوهرك، فترى طفلتُكَ وجهَكَ من جديد. إنني أعجب يا يسوع، كيف يمكنك أن تختبئ عني طويلاً وأن تحبس حبّك الفائق الذي تكنّه لي. في مقرِّ قلبي إنني أتوقّع مجيئك وأنتظره، يا كنز قلبي الوحيد.

1240 – إنّ الرب يسوع يحمي بدقّة ممثّليه على الأرض، وكم هو وثيقٌ اتّحاده بهم. ويأمرني أن أفضّل رأيهم على رأيه. لقد توصّلتُ إلى معرفة المودّة العظمى الكائنة بين يسوع والكاهن. يدافع يسوع عن كل ما يقوله الكاهن، ويرضخ أحياناً لرغباته. ويجعل أحياناً علاقاته مع النفس مرتبطة بنصيحة الكاهن. يا يسوع، لقد أدركتُ بوضوح مدى مشاركتك إياهم قوّتك وسرّك، أكثر مما هي مع الملائكة. إنني أبتهجُ بذلك لأن كل شيء يعود إلى منفعتي.

1241 – + يا يسوع خاصّتي، كم يصعب تحمّل الألم المتأتي من فظاظة وسماجة أحد الناس نحونا. ولكن هذا الألم هو ضئيلٌ جدًّا بالنسبة للألم الذي لا أستطيع تحمّله، أي الألم الذي أشعرُ به عندما يُبدي أحدهم الوداعة نحوي بينما هو ينصب الشَّرَكَ أمام قدميَّ عند كل خطوة أخطوها. وكم نحتاج إلى قوّة إرادة لنحبّ مثل هذه النفس لأجل الله. يتطلَّبُ ذلك غالباً شيئاً من البطولة لنحب مثل هذه النفس لأجل الله، يتطلب ذلك غالبا شيئا من البطولة لنحب مثل هذه النفس نزولاً عند طلب الرب. لو كان الاتصال بهذا الشخص نادراً لهان تحمّله، ولكن عندما نعيش بقربه ونصطدم بحضوره عند كل خطوة، فذلك يتطلَّبُ الكثير من الجهد.

1242 – يا يسوع لقد اخترقتني من ميل إلى ميل حتى أنني أستطيع أن أعكسك في كل حياتي. ألّهني حتى تتمكن أعمالي من الحصول على قيمة فائقة الطبيعة. إمنحني أن أحب كل نفس على السواء، وأن أشفق عليها وأرأف بها. يا يسوع خاصّتي، يعكس كل من القديسين إحدى فضائلك. أريد أن أعكس قلبك الرؤوف المليء بالرحمة. أريد أن أمجّده. اطبع ذاتك في قلبي ونفسي فيصبح هذا الطابع ميزتي في هذه الحياة وفي الحياة العتيدة. تقتصر مهمّة حياتي على تمجيد رحمتك.

15 آب 1937. تعليمات الأب أندراز

1243 – «إنّ أوقات الجفاف والشعور الحادّ بحقارتنا، التي يسمح بها الله، تُتيح للنفس أن تُدرك ضآلة ما تستطيع إنجازه وحدها. وهي تعلّمنا أولا كم يجب أن نقدِّرَ نِعَمَ الله. وتعلّمُنا ثانيا: الأمانة في تصرفاتنا وواجباتنا، الأمانة في كل شيء كما في أوقات الفرح. وثالثا: أدِّي كلَّ طاعة، بما يتعلق بتلك القضيّة، إلى رئيس الأساقفة [جالبريزكوفسكي]، رغم أنّه يمكنك من وقت إلى آخر لفت انتباهه إليها، ولكن بهدوء. إنّ شيئاً من الحقيقة المرّة هي ضرورية أحياناً». وفي نهاية الحديث طلبتُ إلى الكاهن أن يسمح لي بالتواصل مع يسوع. كما كنتُ أفعلُ سابقاً – فأجاب – «لا أستطيع أن أعطي أوامري إلى الرب يسوع إنما إذا جذبك هو إليه فاتبعي هذا الميل. وتذكّري دائماً أن تبدي له دائماً وقاراً كبيراً لأن الله هو حقًّا عظيم. إذا كنتِ تفتِّشين في كل ذلك عن إرادة الله وتريدين أن تحقّقيها، فاطمأنِّي، لأنّ الله لا يسمح بالخطأ. أما بما يتعلق بالإماتات والعذابات، فستؤدين لي عنها حساباً في المرة القادمة وكيف قمتِ بها. ضعي ذاتك بين يديّ أم الله الكلية القداسة».

1244 – 15 آب 1937. في وقت التأمل. سيطر عليّ حضور الله وأدركت فرح العذراء مريم ساعة صعودها إلى السماء. في نهاية الاحتفال الذي أقيم تكريماً لأم الله رأيتُ مريم العذراء وقالت لي: «كم أنا سعيدة بالإكرام الذي يُظهره لي حبُّكِ». وفي الحال غطّت كل راهبات الجمعية بثوبها. وشدّت إليها بيدها اليُمنى الأم الرئيسة العامة مايكل، وضمّتني أنا بيدها الشمال، بينما تجمّعت كل الراهبات على قدميها وهنّ مغطّات بردائها. ثم قالت: «كل واحدة منكنّ تثابر بغيرة في الجمعية حتى ساعة موتها، تنجو من نار المطهر. وأريد أن تتميّز كل الراهبات بالفضائل التالية: الطاعة والوداعة، العفّة وحب الله والقريب، بالرأفة والرحمة». بعد هذه الكلمات توارت كل الجمعيّة عن نظري وبقيتُ وحدي مع الأم الكلّية القداسة التي علّمتني إرادة الله وكيفية تطبيقها في حياتي، خاضعة كليّا لتوجيهاتها المقدّسة. يستحيل على كل إنسان أن يُرضي الله دون أن يخضع لإرادته المقدّسة.«يا ابنتي، آمرك بحزم أن تنفّذي بأمانة رغبات الله، هذا هو أكثر إرضاءً في عينيه المقدّستين. أرغب بشدّة أن تتميزي بالأمانة في تتميم إرادة الله. ضعي إرادة الله قبل كل التضحيات والذبائح». بينما كانت تتحدث إليّ أم الله، خالج نفسي تفهّم عميق لإرادة الله هذه.

1245 – يا يسوع خاصّتي، بهجة قلبي، عندما تملأ ألوهيتك نفسي، أقبل الحلاوة والمرارة بنفس رباطة الجأش. لأنّ إحداها ستزول ولا أحفظ في قلبي إلا محبّة الله. أسعى لذلك فقط وكلُّ ما تبقّى هو أمر ثانوي.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق