37- ما هي صفات الله الثلاثة التي كشفها لفوستينا خلال الاختبار الثالث والأخير
178- نبدأ اليوم الاختبار الثالث . ذهبنا ثلاثتنا إلى عند الأم مرغريت، بينما ذهبت الراهبات الباقيات لامتحانهنّ إلى دَيْر الابتداء. بدأت الأم مرغريت بصلاة وشرحت لنا معنى الامتحان الثالث. ثم تحدثت كم عظيمة هي نعمة النذورات المؤبدة. بدأت فجأة أبكي عالياً. ظهرت فجأه أمام عيني نفسي كل نعم الله ورأيت نفسي تعيسة وناكرة الجميل نحوه. أخذت الراهبات توبخننني بقولهن :«لماذا أجهشت بالبكاء». ولكن الأم مرغريت دافعت عني قائلة إنها لم تتعجب من ذلك. وفي نهاية الساعة ذهبتُ امام القربان المقدس ومثل اكثر التعيسات بؤساً، توسلت إلى رحمته أن تشفي وتطهّر نفسي الحقيرة، سمعت عندئذ هذه الكلمات: «يا ابنتي، لقد احترقت كل تعاستك في نار حبي مثل غصن صغير في نار متأججة. بتواضع هذا، إنك تجلبين عليك وعلى النفوس الأخرى ملء بحر مراحمي». أجبت: «يا يسوع قولب قلبي الفقير حسب سرورك الالهي».
179-كانت واجباتي طيلة اختباري الثالث أن اساعد الراهبة في حجرة الثياب. وفر لي هذا العمل مناسبات عديدة لأمارس الفضائل . كان علي أحياناً أن آخذ الثياب إلى بعض الراهبات ثلاث مرات، دون أن يكون بأستطاعتي أن ارضيهنّ. ولكن تسنى لي ايضاً أن أتعرف إلى فضائل كبيرة عند بعض الراهبات اللواتي كن يطلبن دائماً أحقر الأشياء من حجرة الثياب. فقدّرت عندهنّ روح التواضع والأماتة.
180-في مرحلة ما قبل الميلاد شعرت بشوق كبير إلى الله يتصاعد من نفسي. وانطلقت روحي نحو الله بكل قواها. واعطاني الرب انذاك النور الوافر لأفهم صفاته. أعطاني أن اعرف أول صفة قداسته. قداسته هي فائقة العظمة حتى أن كل القوات والفضائل ترتعد أمامه. إن الأرواح الطاهرة تستر وجهها وتذوب في عبادة لا نهاية لها وتعبرّ بكلمة واحدة عن أسمى أشكال العبادة: أي قدوس… وتنهمر قداسة الله، بدرجات متفاوتة، على كنيسته وعلى كل نفس تعيش فيها. هناك نفوس تذوب في الله تماماً في حين أن غيرها تكاد تعيش. والمعرفة الثانية التي وهبني إياها الله هي عدالته. فهي جدّ عظيمة تخترق الاشياء وتصل إلى عمق لبّها، فتقف في حضرته في حقيقتها العارية ولا يستطيع شيء مجابهته.
والصفة الثالثة هي المحبة والرحمة. وفهمت أنها هي أكبر صفاته. توحّد الخليقة بالخالق. وقد عرف عن هذا الحب الشاسع والرحمة العميقة في سرّ تجسّد الكلمة وفي سر فداء [البشريه]. وأرى هنا أن هذه هي أكثر صفات الله عظمة.
181- كنت أنظف اليوم غرفة إحدى الراهبات. رغم أنني حاولت أن انظفها بعناية كبيرة، ظلَّت تتعقبني قائلة: «لقد تركتِ بقعة من الغبار هنا ولطخة هنالك على الارض». كنتُ عند كل ملاحظة أنظف المكان الذي تدلّ إلية عشرات المرات لإرضائها. لم يتعبني الشغل ولكن كثرة الطلبات المتكررة. ولم يكفها عذابي طيلة النهار فذهبتْ تشتكي عند المديرة : «من هي تلك الراهبة المهملة التي لا تشتغل بعجلة?»، ذهبتُ في الغد إلى العمل نفسه دون أن أحاول تبرير ذاتي، ولماّ بدأت تغضبني فكرت: «يا يسوع، يمكن ان نكون شهيدات صادقات. ليس العمل يتعبني بل هذا النوع من الاستشهاد».
182- تعلّمت أن لبعض الناس مواهب خاصة لإغاظة الأخرين. يحاولون أقصى جهدهم تجربتك. ولا تستطيع النفس المسكينة التي تقع بين أيديهم أن ترضيهم بأي عمل صالح فتُنتقد بخبث جهودها الحسنة.