الدفتر الثاني

91- فوستينا تطلب من الرب يسوع أن ينجو كل الناس المنازعين في ذلك اليوم فماذا كان ردّ يسوع

6 كانون الثاني 1937

870- أخذتُ اليوم في القداس، لا شعوريًا، بعظمة الله اللامتناهية. كلّ محبة الله الشاسعة فاضت في قلبي، أدركت في هذا الوقت بالذات كم تنال الله من اجلي، أنت رب الأرباب، ومن أنا على ما عليه من حقارة حتى تتواصل معي؟ وهذا الذهول الذي اعتراني بعد هذه النعمة الخاصة، سيطر عليّ بقوّة طوال النهار. قد استفدتُ من المودّة أدخلني فيها، تضرّعت إليه من أجل العالم كلّه. شعرتُ حينئذ أن كل العالم يتّكل عليّ.

871– +اجعل قلبي يا رب ألّا يطلب مساعدة إلا منك ولكن سأسعى دائمًا ان أحمل المساعدة والتعزية وكل أنواع الإغاثة للآخرين. افتح قلبي دائمًا لآلامهم ولن أغلقه ابدًا عنهم، رغم أنني لُقبت (بمحتقرة) – لسبب ذلك و (ببلهاء)، لأن، كل واحد يُفرغ ألمه في قلبي، لذا، أجبتُ أن لكل إنسان مكانه في قلبي وبالمقابل، لي مكانة في قلب يسوع. السخرية العالقة بشريعة الحبّ لن تضيّق قلبي. إنّ نفسي هي حساسة على هذا الموضوع وإن يسوع وحده هو الدّافع لمحبّتي لقريبي.

872- 7 كانون الثاني. في ساعة السجود أتاح لي يسوع أن أتذوّق آلامه. شاركت في مرارة آلامه التي طفحت في نفسه. أفهمني يسوع كيف تبقى النفس مثابرة على الصلاة رغم العذابات والجفاف والتجارب لأن تحقيق تصاميم الله يتعلّق غالبًا في مثل هذه الصلاة. إذا لم نثابر في الصلاة، فإننا نسيء إلى ما يريد أن يحقّقه الله من خلالنا وفي داخلنا. فلتتذكّر كل نفس هذه الكلمات: (لأن يسوع كان يتألّم، أطال صلاته). إنني أطيل دائمًا مثل هذه الصلاة بقدر استطاعتي وفي إطار واجباتي.

 

873- 8 كانون الثاني. صباح يوم الجمعة كنتُ ذاهبة لسماع القداس رأيت، فجأة، شجرة عرعر كبيرة على الرصيف وعليها هرّ مخيف. نظر إليّ بغضب وسدّ أمامي طريق الكنيسة. وتوارى مجرد لفظت اسم يسوع. قدّمت كل النهار للنفوس المنازعة. في القدّاس خصّني يسوع بشعوره قربه مني. بعد المناولة أدرتُ نظري نحو يسوع وقلت له: «يا يسوع، كم أشتهي أن أقول كل شيء».  فنظر إليّ بحبّ وقال: «ماذا تريدين أن تقولي لي؟». «يا يسوع، أضرع إليك بقوة رحمتك غير المدركة، أن ينجو كل الناس المنازعين اليوم من نار جهنم حتى ولو كانوا من كبار الخطأة. اليوم هو يوم الجمعة، تذكار نزاعك المرّ على الصليب. لن تتعجّب الملائكة من ذلك لأن رحمتك لا تُدرك». ضمّني يسوع إلى قلبه وقال: «يا ابنتي الحبيبة لقد عرفتِ جيدًا اعماق رحمتي. سأحقق ما طلبتِ مني. إنما ثابري في إتِحادك بقلبي المنازع وقومي بعمل تعويض لعدالتي. إعلَمي أنك طلبتِ منّي شيئًا هامًّا، لكن أرى أن الدافع هو محبتك لي، لذا أستجيب طلبك».

874- أيتها العذراء الطاهرة مريم، خذيني تحت حمايتك الخاصة واحفظي طهارة نفسي وقلبي وجسدي. فأنت قدوة حياتي ونجمها.

875- اختبرتُ اليوم آلامًا كبيرة وقت زيارة اخواتنا. عرفتُ شيئًا ألحق بي أذى مخيفًا ولكن سيطرتُ على شعوري حتى لا تلاحظ الراهبات أمري. مزّق الألم قلبي لبعض الوقت، إنما كان ذلك من اجل الخطأة… يا يسوع…من اجل الخطأة… يا يسوع، أنت قوّتي، إبقَ قريبًا منّي وساعدني.

10 كانون الثاني 1973

876- طلبتُ إلى الرب اليوم أن يعطيني القوة لأستطيع أن أقبل المناولة المقدّسة. يا معلّمي، أسألك من كل قلبي العطشان أن تعطيني، حسب ارادتك المقدسة، كل ألم وضعف تريده أريد أن أتألم ليلًا ونهارًا، ولكن، عفوًا، أتضرّع إليك بحرارة أن تعطيني القوة لوقت وجيز، عندما يحين وقت المناولة المقدسة. أنت ترى جيدًا أنهم لا يحملون هنا القربان إلى المرضى، فإذا لم تقوّني آنذاك لأنزل الى الكنيسة فكيف يمكنني أن أقبلك في سرّ الحبّ؟ أنت تعلم كيف يتوق قلبي إليك. يا عريسي الحبيب، ما الفائدة من كل هذه البراهين؟ أنت تعلم كم أشتاق إليك فإذا قرّرتُ ذلك فباستطاعتك أن تحقّقه لي.

في صباح اليوم التالي، شعرتُ وكأنني بصحّة تامّة. توقّف كل ضعف ووهن. ولكن فور رجوعي من الكنيسة عاودني فجأة كل ألم وضعف وكأنهما كانا بانتظاري. وأني لم أخف من ذلك ابدًا، لأنني تعزّيت بخبر القوة. أنظر إلى كل شيء بجرأة حتى أنني أحدّق مباشرةً في عين الموت.

877- + يا يسوع المخبّأ في البرشانة، يا معلّمي العذب وصديقي الأمين، يا لسعادة نفسي أن يكون لها مثل هذا الصديق يرافقها دائمًا. لا أشعر أنني وحدي رغم أنني في عزلة. يا يسوع- القربان إننا نعرف بعضنا بعضًا وهذا يكفيني.

12 كانون الثاني 1973

878-  لمّا مرّ اليوم الطبيب [آدم سيلسبرغ Silsberg] في دورته العادية ليراني، لم يَرق له منظري. لقد تفاقم بالطبع ألمي وارتفعت حرارتي كثيرًا. قرّر نتيجة ذلك أنه لا يجب أن أنزل الى المناولة المقدسة قبل أن تعود حرارتي الى المعدل الطبيعي. فوافقت رغم انقباض قلبي. ولكن قلت له إنني سأنزل في حال هبطت حرارتي فوافق على ذلك. لمّا غادر الطبيب قلت إلى الرب: «يا يسوع، يعود الأمر إليك الآن أن أنزل أم لا».  ولم أعد أفكر بذلك رغم أن هذه الفكرة ما انفكّت تراود عقلي : أن لا أقبل يسوع، وهذا أمر مستحيل. ليس فقط لمرة واحدة بل لعدّة أيام، طالما لم تسقط حرارتي. عند المساء قلت للرب: «إذا كانت مناولاتي ترضيك، أطلب إليك بتواضع أن تزيل ارتفاع درجات حرارتي في صباح الغد».  في الصباح بينما كنت أزين حرارتي فكّرت في ذاتي: «إذا كانت حرارتي مرتفعة ولو لدرجة واحدة فلن أنهض من فراشي كي لا أخالف أمر الطاعة». ولمّا نظرت إلى ميزان الحرارة لم أجدُ أيّة درجة فوق المعدّل. ترجلْتُ في الحال وذهبتُ إلى المناولة المقدسة. لمّا أتى الطبيب وقلتُ له أنه لم يكن لديّ أية درجة فوق المعدّل لذا ذهبت على المناولة. أخذه الدهش. وتوسّلت اليه أن لا يجعل من ذهابي إلى المناولة قضيّة. لأن ذلك ينعكس سلبًا على العلاج الطبّي. أجاب الطبيب: راحةً لضميرك ومحاشاةً لتعقيد الأمور لنتّفق على ما يلي: «لمّا يكون الطقس جيّدًا دون مطر وأنت تشعرين بالراحة، يمكنك حينئذ أن تذهبي ولكن يجب أن تحكّمي ضميرك في هذا الأمر». شعرتُ بالسعادة لأن الطبيب أخذ وضعي بعين الاعتبار. انت ترى يا يسوع أنني صنعتُ ما توجّب عليّ. اتّكل الآن عليك فاطمئن.

789- رأيت الأب أندراز وكان يحتفل اليوم بالذبيحة الإلهية. قبل رفع القربان رأيت الطفل يسوع باسطًا يديه بفرح كبير. وبعد ذلك بقليل لم أعد أرى شيئًا. كنتُ في غرفتي وتابعت صلاة الشكر. ولكن فكّرت فيما بعد: «لماذا كان الطفل يسوع مرحًا؟».لم يكن عادةً على هذه الحال لمّا كنت (أراه)؟ حينئذ سمعت هذه الكلمات في داخلي.«لأنني أسكن في قلبه باطمئنان». ولم أتعجّب من ذلك لأنني أعلم أنه يحبّني كثيرًا.

880- إن اتحادي بالمنازعين لا يزال، كما كان، وثيقًا. آه! كم هي رحمة الله غير مدركة حتى يسمح لي الرب، أن أقدم، بصلواتي الحقيرة، على مساعدة المائتين. أحاول، كل ما استطعت، أن أكون إلى جانب كل شخص منازع. ثق بالله فهو صالح وغير مدرك. إن رحمته تفوق فهمنا.

14 كانون الثاني 1937

881- دخل اليوم يسوع إلى غرفتي لابسًا ثيابًا بيضاء مزيّنة بزنّار ذهبي. وكان وجهه مشعًا بإجلال كبير. وقال: «يا ابنتي لماذا تخالجك أفكار الخوف؟» أجبته: «أنت تعلم يا سيّدي لماذا؟». وقال «لماذا؟». «هذا العمل يخيفني، أنت تعلم أنه ليس باستطاعتي أن أنفّذ». وقال «لماذا؟». «ترى جيدًا أنني لست بصحّة جيدة ولست مثقّفة، ولا مال لي، أنا لجّة تعاسة، أخاف المعاطاة مع الناس، يا يسوع لا أريد إلّا أنت. يمكنك أن تعفيني من ذلك». وقال لي الرب: «يا ابنتي، ما تقولين هو صحيح، أنت في غاية التعاسة ويطيب أن يتنفّذ عمل الرحمة هذا من خلالك. فأنت تتجسد فيك الحقارة بالذات، لا تخافي، لن أتركك وحدك، أصنعي ما تستطيعين عمله في هذا المجال وسأتمّم كل شيء تفشلين في عمله. أنت تعلمين ما هو باستطاعتك فقومي به». نظر يسوع إلى عمق كياني بحنان، كدتُ أموت فرحًا تحت نظره. توارى الرب وبقي الفرح في نفسي، كذلك القوّة والشجاعة. ولكن تعجّبت من أن الرب لا يريد أن يعفيني، ولم يتبدّل شيئًا ممّا سبق وقاله مرّة. رغم كل هذا الفرح، تبقى دائمًا مسحة من الحزن. إنّي أرى أن الحبّ يسير يدًا بيد مع الحزن.

882- نادرًا ما تظهر لي رؤى كهذه. ولكن غالبًا ما يزداد تواصلي مع الرب عمقًا. تنام حواسي وتصبح كل الاشياء، ولو بشكل غير منظور، أكثر حقيقة ووضوحًا ممّا لو رأتها عيناي. وبلحظة واحدة يزداد عقلي فهمًا أكثر من سنين طويلة من التفكّر والتأمّل، سواء بجوهر الله أو بالحقائق الموحاة، كما تزداد أيضًا معرفتي بحقارتي الشخصية.

883- لا شيء يعكّر اتّحادي بالله، لا التحدّث مع الآخرين ولا أي واجب من واجباتي. ولو اضطررت أن أنظّم أمورًا هامّة، إنني أحافظ على هدوئي إن روحي هي مع الله يملأ كياني في الداخل، لذا لا أفتّش عنه في الخارج، هو الرب يلج نفسي، تماما كما تخرق أشعة الشمس زجاجًا نقيًّا. لمّا كنتُ حبيسة في حشا أمّي لم أكن أكثر اتّحادًا بها كما أنا الآن مع الله. هناك كان اللاوعي، أما هنا بملء الحقيقة ووعي الاتحاد. إن رؤياي هي داخلية محض، ولكن تزداد صعوبة التعبير عنها بالكلمات، بقدر ما يزداد فهمي لها.

\
884- آه! كم هو جميل الروح، فتصبح الحياة الخارجية، بالمقارنة معه، مجرّد ضعف وأوهام باطلة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق