92- تكمن عظمة النفس، ليس في الأعمال الكبيرة بل في الحبّ الكبير
885- يا يسوع، أعطيني القوّة والحكمة لاجتياز هذه الصحراء المخيفة لكي يتمكّن قلبي من التحمّل بصبر توقي إليك يا سيدي. أظلّ دائمًا في ذهول مقدّس لما أشعر أنك تقترب مني، أنت ربّ العرش المخيف، وأنك تتنازل لهذا المنفى الحقير وتزور مستعطية فقيرة، ليست إلا التعاسة بالذات لا أعلم كيف أستضيفك، أيها الأمير الملوكي، ولكن أنت تعلم أنني أحبّك بكلّ دقّة من دقّات قلبي. إني أرى كيف تتواضع ولكن دون أن تنقص عظمتك في عينيّ. أعلم أنّك تحبّني حبّ العريس لعروسته. وهذا يكفيني. رغم أن هوّة عميقة تفصل بيننا، فأنت الخالق وأنا خليقتك، إنما الحب وحده يشرح اتحادنا وبدونه لا يفهم شيء. الحبّ وحده يمكّنني من فهم هذه المودّة غير المدركة التي تخصّني بها في زيارتك. يا يسوع، إن عظمتك تخيفني، وأصبح في ذهول وخوف متواصلين إذا لم تطمئني أنت. تمكّنني من التواصل معك قبل أنت نتقارب.
15 كانون الثاني 1937
886- لا يسكن الحزن في قلب يُحبّ الله. إن قلبي الذي يتوق الى الله يشعر بكل حقارة المنفى. أتابع السير إلى الأمام بجرأة، إلى وطني، رغم أنّ الجراح تدمي قدميّ، وفي الطريق أتغذّى بإرادة الله. فهو طعامي. ساعدوني، يا سكّان السماء السعيدين حتى لا تتعثّر أختكم في الطريق. رغم أن الصحراء هي مخيفة، أسير، رافعة الجبين محدّقة في الشمس، أي في رحمة قلب يسوع.
19 كانون الثاني 1973
887- تفيض نفسي الآن بوعي هادىء لله. تعيش نفسي الصامته فيه، وان وعيي لحياة الله في نفسي هو ينبوع سعادة وقوّة. لا أفتّش عن سعادة خارج نفسي حيث يسكن الله. إني واثقة من ذلك. أشعر بحاجة أن أشارك ذاتي مع الآخرين. لقد اكتشفت نبع سعادة في نفسي ألا وهو الله. يا إلهي! إنّي أرى كل شيء حولي مليئًا بالله، لاسيّما نفسي التي زيّنتها نعمتك. أبدأ منذ الآن أن أحيا فيما سأحياه في الأبدية كلّها.
888- الصمت هو لغة جبارة تصل إلى عرش الله الحيّ. الصمت هو لغته. ورغم أنه سرّي فهو حي وجبار.
889- يا يسوع، لقد علّمتني وأفهمتني أين تكمن عظمة النفس، ليس في الأعمال الكبيرة بل في الحبّ الكبير. للحبّ قيمة ثمينة وهو يضفي عظمته على كل الأعمال. رغم أن أعمالنا هي عاديّة وصغيرة بحدّ ذاتها، تصبح بفضل الحبّ عظيمة وجبّارة أمام الله.
890- المحبّة سرّ يحوّل كل ما يلمسه الى اشياء جميلة ومرضية لله. المحبّة لله تحرّر النفس، فتجعلها ملكة لا تعرف الكره الخسيس، وتنظّم. كلّ الأمور بحرية كبرى. لأن الحب الذي يكمن في النفس يحثّها على العمل وكل ما يحيط بها يجعلها تدرك أن الله وحده يستأهل حبها. النفس التي تحبّ الله وتستغرق فيه تباشر واجباتها بنفس الاستعدادات التي تدفعها الى المناولة المقدسة وتمّم أصغر الأعمال باهتمام كبير تحت نظر الله، فلا تضطرب بعد حين. إذا ما فشلت في إنجاز بعض الأمور. تبقى هادفة، لأنها في عملها تقوم بما تستطيع القيام به. فإذا حدث ان غادرها حضور الله الذي تستعد دائمًا فيه، تحاول أن تتابع العيش بإيمان حيّ. تدرك النفس أن هناك أوقات للراحة وأوقات للمعركة. فهي دائمًا مع الله بإرادتها. فهي كالحارس المتقن التدريب في المعركة، ترى من بعيد أين يختبىء فيستعدّ للعراك. تعرف أنها ليست وحدها إنما تستمدّ قوّتها من الله.
21 كانون الثاني 1937
891- منذ صباح الأمس الباكر ذُهلت من اتحادي بالرب. زارني كاهن المستشفى في المساء، وبعد أن تحدّثنا لبعض الوقت، شعرت أن روحي بدأت تستغرق بالله، ورحت أفقد الشعور بكلّ ما يحدثُ حولي. وتوسّلت على يسوع بحرارة. «أعطني القدرة على الكلام». فوهبني الله إمكانية التحدث مع الكاهن بحريّة. ولكن لم أفهم أحيانًا ما كان يقوله لي. سمعت صوته دون أن أتمكّن من فهمه. واعتذرت عن عدم فهمي إياه رغم أنني كنتُ أسمع صوته. كان آنذاك وقت نعمة الاتحاد بالله ولكن بشكل غير مكتمل. لأن الحواس الخارجية كانت تعمل، ولكن ليس بكل قواها. لم يكن هناك استغراق كامل بالله. أي توقّف الحواس عن العمل كما يحدث غالبًا، فلا نرى أو نسمع شيئًا من الخارج. وتذوب النفس بكاملها وبحريّة في الله. عندما تزورني مثل هذه النعمة أرغب أن أكون وحدي واطلب من يسوع أن يحميني من أعين الخلائق. كنت بالواقع مرتبكة جدًا أمام الكاهن. إنما اطمأنيت لأنه توصل أن يعرف في كرسيّ الاعتراف شيئًا ما عن حالة نفسي.
892- أفهمني الرب اليوم، بالروح شيئًا عن دير الرحمة الإلهية. رأيت روحًا ساميًا في الدير. ولكن كان كل شيء فقيرًا وهزيلًا. يا يسوع، أنت تسمح لي أن أعيش بالروح مع هذه النفوس. ولكن ربّما لن تطأ قدماي هناك. فليتبارك اسمك وليكتمل كل ما قررتُه.
22 كانون الثاني 1937 يوم الجمعة
893- إن نفسي هي في بحر من الآلام، لقد أخذ الخطأة كل شيء مني. ولكن لا بأس، لقد تخلّيت عن كل شيء لأجلهم، كيف يعرفوا أنك صالح وذو رحمة لا تـُحَدّ. سأبقى أمينة لك في المطر أو الصحو.
894- قرّر الطبيب اليوم أن لا أذهب الى القداس بل الى المناولة المقدسة فقط. كم تمنّيت أن أحضر القداس ولكن معرّفي اتّفق مع الطبيب وأمرني بالطاعة: «هذه هي ارادة الله يجب ان تستعيدي صحّتك لذا لا ينبغي أن تقومي بإماتات من هذا النوع يا اختي، وسيكافئك الله على ذلك». شعرتُ أن كلمات معرِفي هي كلمات يسوع. غير أنني حزنت لعدم سماع القدّاس حيث كان اللع يهبني نعمة رؤية يسوع. إنما اعتبرت الطاعة فوق كل شيء. إستغرقت في الصلاة وتمّمت كفارتي، فرأيت الرب فجأة وقال لي: «إعلمي يا ابنتي، أنك تمجدينني بعمل واحد من الطاعة أكثر من صلوات طويلة واماتات». كم يطلب لي أن أعيش في الطاعة وأن أعي أن كلّ شيء أصنعه يُرضي الله.
23 كانون الثاني 1937
895- لا أشعر اليوم بميل الى الكتابة. فسمعت صوتًا في نفسي: «يا ابنتي، انت لا تعيشين لذاتك بل للنفوس، أكبر من أجل إفادتها أنت تعلَمين انّ معرّفيك قد أكّدوا لك مرات عديدة رغبتي في أن تكتبي، أنت تعلمين ما يرضيني. وإذا كان لديك أي شك بما أقول فأنت تعلمين أيضًا من تسألين. سأنيره ليحكم في قضيّتي. إن عيناي ترعاك. عليك يا ابنتي، أن تتصرفي معه كطفلة صغيرة مليئة بالبساطة والبراءة. ضعي حكمه فوق كل أوامري فسيقودك وفقًا لإرادتي، فأذا يسمح لك أن تنفّذي مطالبي فاطمئنّي، فلن أحكم عليك ويبقى الامر بيني وبينك، عليك بالطاعة».
25 كانون الثاني 1937
896- غرَقت اليوم نفسي بالمرارة. يا يسوع، يا يسوع خاصّتي، يستطيع كل واحد اليوم أن يضيف شيئًا الى كأس مرارتي. سيّان أن كان صديقًا أو عدوًا، يستطيع كلاهما أن يلحقا بي المًا. وانت يا يسوع، مُجبر أن تعطيني المقدرة والشجاعة في مثل هذه الاوقات الصعبة. أيتها القربانة المباركة، قوّيني وأطبقي شفتيّ ضدّ كلّ تأفف وتذمّر. لما أحافظ على الصمت، أتأكّد أنني سأنتصر.
27 كانون الثاني 1937
897- شعرت بتحسّن ملموس في صحّتي. لقد أعادني يسوع من أبواب الموت إلى الحياة لأنه لم يبق لي إلا القليل لأموت، لذا وهبني الرب ملء الحياة. رغم أنني باقية في المصحّ، لقد أصبحت على وشك إستعادة صحتي كاملة. أرى أن ارادة الله لم تكتمل بعد فيّ، لذا ينبغي أن أعيش. لأننّي أعلم انني اذا اتممت كل شيء رسمه لي الرب في هذا العالم، فلن يتركني بعد وقتًا قليلًا في المنفى، لأن السماء هي منزلي. ولكن قبل أن نعود إلى وطننا الأمّ، علينا أن نتمّم ارادة الله على الارض أي ينبغي أن تكمّل التجارب والجهاد دورتها فينا.
898- يا يسوع خاصتي، أنت تعيد لي صحّتي والحياة. أعطيني ايضًا القوة في المعركة لأنني لا استطيع أن أصنع شيئًا بدونك. أعطني القوة لانك قادر على كل شيء. أنت ترى أنني طفلة نحيلة وماذا يمكنني أن أصنع؟ أعرف ملء قوة رحمتك وأثق أنك ستعطيني كل شيء تحتاج اليه ابنتك الضعيفة.
899- لقد إشتهيت الموت كثيرًا ولا أدري إن كنتُ سأختبر مرة أخرى في حياتي هذا التوق الكبير الى الله. وقد أدخل احيانًا في غيبوبه من اجله آه! كم تبدو الأرض بشعة عندما تعرف السماء. يجب أن أغصب ذاتي على الحياة فيا إرادة الله انت غذائي.